الانتداب و الوصاية
هذا العالم العربي المتلاطم لا يعرف طريقه في المتاهات التي وصل اليها عبر تراكمات من الخطايا السياسية و الفساد المستشري , لذلك تعز الرجال الافاضل عندما لا تدرك الامة ايهم يصلح و لا يصلح لقيادة مرحلة و لو عابرة , لان الماضي يفرض نفسه . فرجال العسكر العرب لم يتعلموا في ادبياتهم على معنى الانتصار كمفهوم سياسي او عسكري لانهم استنساخ مقزم لافكار مستوردة , هذا ما يدفع المجلس العسكري المصري الى تبني فكر هلامي و ما تنحي مبارك الجبري الا خديعة ادارية عندما عهد لنائبه سليمان بالانابة . مدراء المخابرات و رجالاتها لا يصلحون لقيادة قطيع من الغنم الا اذا ارتضت الشعوب تلك الدونية . ان تخطيء و تتعلم فتلك من سنن الحياة , لكن ان تكرر نفس الخطأ فهنا مكمن الخطر في التكوين العقلي للفرد او المجتمع , فكما يقال " من يجرب المجرب عقله مخرب " و في الحديث الشريف " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين " فالمؤمن ليس بالضرورة المسلم المنشود , و انما الانسان بفطرته السوية .
نجحت الثورة التونسية و لله الحمد و تبعتها الثورة المصرية و شكرنا الله ان نظامين فاسدان سقطا بخسائر كبيرة جدا , فالانسان الفرد لا يقدر بثمن . لكن الخسائر المادية و المعنوية كانت نسبيا معقولة كناتج فرق بين ما يمكن وقفه من نزف مالي بسبب الفساد و ما هو متوقع من اعادة الثروات المنهوبة و المختزنة في حسابات بنكية سرية لتلك الزمر الفاسدة . ثم لا ننسى القيمة المعنوية من فك سراح المعتقلين ظلما منذ عشرات السنين و دونما محاكمات , في استعادة لجزء من الكرامة الانسانية المهدورة و الطمع في وقف التعذيب و التوقيفات الادارية الظالمة . فهل جد هذ ام انه لا يزال ممارسا ؟؟
انتقلت رياح التغيير شرقا و غربا , في عمق منظومة الدول العربية الرئاسية و الملكية , فتمكنت الجماهير من تحدي الخوف و الرعب بصدور عارية في مواجهة البطش و الموت مطالبة بسقوط تيك النظم المستبدة . كانت وسيلتهم ابلاغ رسالات اعلامية الى العالم عبر محطات فضائية عالمية و مستغلة في نفس الوقت وسائط التواصل الالكترونية , الا ان الرياح لم تكن كما يشتهي السفن , فقد جوبهت بقوة و عنف و بالمزيد من القتل و التدخل المباشر من قوى الجيش في ضرب المواطنين العزل . فيتساقط الشهيد تلو الشهيد و الجريح يتبعه الاف الجرحى و الاتهامات المتبادلة في الحرب الاعلامية المتبادلة من خلال محطات فضائية و الكترونية . مما دفع قوى الغرب الى تدارك موقفه مما حدث في بدايات الثورتين في تونس و مصر .
وعت الدول الكبار ان عليها واجبا انسانيا - ما ارحم الذئاب على الغنم , فارسلت وفودها و مستشاريها الى قوى المعارضة بالوعود البراقة و ارسلت من يهدد قادة الظلم و حركت مجلس الامن للسماح لها بالتدخل والتهديد بالقوة العسكرية الاطلسية و بالحجز على الارصدة و وقف التعامل مع شخصيات و هيئات سياسية و اجتماعية و مع افراد تنتقيهم دوائر امنية غربية .
فهل نحن على ابواب فرض وصاية او انتداب جديد كما عملت عصبة الامم اثر انهيار الدولة العثمانية ؟
التعليقات (0)