مواضيع اليوم

الانتخابات وإشكالية تدبير الشأن العام المحلي بالمغرب

عبد المجيد الجهاد

2010-11-08 09:21:22

0

الدكتور عبد المجيد الجهاد أستاذ مادة علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء والباحث الاجتماعي في قضايا التنمية المحلية، لصحيفة "رسالة الأمة"
 

أجرى الحوار: مصطفى مومسيك في 13 يوليو 2009 الساعة: 14:06 م
 

سؤال: بحكم اشتغالك كباحث اجتماعي بمجال التنمية المحلية، ما هو تقييمك للانتخابات الجماعية ل 12 يونيو 2009؟
جواب: قبل أن أجيبك على سؤالك، لابد من أن أسجل نقطة منهجية أساسية، ترتبط بنوعية التقييمات التي أعطيت للاستحقاقات الانتخابية الأخيرة، سواء من قبل الهيئات السياسية، أو من طرف المراقبين والمتخصصين.

وهكذا، ومن خلال متابعتي واستقرائي لمختلف المواقف والتصريحات الصادرة عن الفاعلين السياسيين الحزبيين، لاحظت أن معظم التصريحات لا تخرج في مجملها عن أحد مسلكين اثنين:
مسلك فريق المنكسرين، الذي انتقد بشدة هذه الانتخابات وما أفرزته من نتائج، ورأى فيها انتكاسة كبيرة للديمقراطية ببلادنا، وتراجعا خطيرا عما سبق أن تحقق من إنجازات و"مكتسبات" في تجارب سابقة.
وهناك مسلك فريق من الفائزين، الذي اعتبر أن الاستحقاقات الأخيرة، شكلت انعطافة حاسمة وأساسية في تاريخ الممارسة الانتخابية بالمغرب، قطعت مع ثقافة سياسية عتيقة، وشكلت نصرا حقيقيا لها ولمشروعها المجتمعي.

أما بالنسبة لقطاع كبير من الملاحظين والمتتبعين، فقد هيمنت الاعتبارات الوطنية والمحلية في معظم التحليلات، وتم إغفال معطى أساسي متمثلا في المحيط الدولي والعالمي، الذي أصبح له تأثير قوي ووازن في صناعة القرارات السياسية الوطنية.

وبعيدا عن حسابات الربح والخسارة، يمكن القول إن العديد من هذه المقاربات، وبالرغم من تفاوتها واختلافها على مستوى الخلاصات والنتائج، كان يحكمها منطق أحادي، مما جعلها تصدر في تقييماتها عن رؤية تعميمية تحضر فيها الحسابات السياسية الذاتية، وتتحكم فيها الاعتبارات الشخصية، أو تنم عن مقاربة اختزالية للواقع الانتخابي، دون القدرة على الإحاطة به في مختلف تفاصيله وتعقيداته.

ومن ثم، فالغائب الأكبر، في نظري، في معظم هذه التحليلات، هو عدم استحضارها الشروط الخارجية، باعتبارها معطى أساسيا في عملية التقييم، نظرا لما أصبح له من دور مؤثر في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. هذا لا يعني التقليل من شأن العامل الداخلي الذي يبقى له من دون شك دور حاسم، باعتباره السبب في حدوث التغير. غير أن نأن الشرط الخارجي أصبح بالغ التأثير في صنع السياسات ووضع البرامج. ولعل ما نشهده اليوم من تحولات، هو راجع في جزء كبير منه إلى تداعيات نظام العولمة التي بدأت انعكاساتها في الظهور.

لقد وقع تحول جديد على مستوى المفاهيم والمقاربات المعتمدة في النظر إلى الواقع. ولنأخذ مثلا مفهوم "الحكامة الجيدة"، هذا المفهوم الذي قلما يخلو برنامج انتخابي من الإشارة إليه. وهذا يعني ضمنا أن هناك وعيا حصل لدى الفاعلين السياسيين، بأن الحقل الجماعي لم يعد مجال صراع بين برامج سياسية، بل عملا يتطلب حنكة كبيرة وكفاءة عالية على مستوى التسيير والتدبير، وهو ما يجعل الاهتمام بقضايا تدبير الشأن العام ينتقل من المقاربة العامة والشمولية لقضايا المجتمع، والتي يحكمها اختيار إيديولوجي مسبق، إلى رؤية أكثر دقة في تعاطيها مع الواقع في مختلف حيثياته وجزئياته الدقيقة.

ينسحب هذا أيضا على مفهوم الديمقراطية، الذي انتقل إلى ما أصبح يصطلح عليه في العديد من الخطابات السياسية، ب"الديمقراطية السريعة" على شاكلة الأكلات السريعة، أو الديمقراطية في زمن فعلي. ولعل هذا ما أشار إليه زكي العايدي، الباحث في العلوم السياسية بجامعة باريس، حين اعتبر بأنه إذا كانت العولمة تؤكد على مشروعية الديمقراطية وعلى فعاليتها، فإنها بالمقابل تعزز من دور الديمقراطية كإجراء على حساب الديمقراطية كثقافة.

والفرق بين المفهومين، أي بين الديمقراطية كإجراء والديمقراطية كثقافة، راجع بالأساس إلى أن العولمة أعادت النظر في علاقتنا بالزمن. ذلك أن الديمقراطية كإجراء ينسجم ويتوافق جيدا مع دينامية زمن عالمي يعلي من قيمة الحاضر والمباشر والمرئي. أما الديمقراطية كثقافة فهي على العكس من ذلك، ترتهن إلى المستقبل وتحتاج إلى وقت أطول من أجل ترجمتها في الواقع.

ولعل أبرز مثال على ذلك، هو المطلب القاضي بإشراك المرأة في الحياة السياسية. وتحقيق هذا المطلب يضعنا أمام خيارين: فإما اعتماد المقاربة الثقافية للديمقراطية، من أجل ضمان مشاركة فاعلة ووازنة للمرأة، تبوؤها مكانة تليق بها، بشكل يتوافق ودورها داخل المجتمع، وهذا الأمر يتطلب إنضاج كافة الشروط الثقافية والاجتماعية للقبول بهذا الدور، وهو ما يعني تغيير الذهنيات والعقليات.. غير أن هذا قد يتطلب وقتا أطول وجهدا أكبر. أو اعتماد المقاربة الإجرائية للديمقراطية، التي لا تتطلب سوى سن إجراءات قانونية أو قرارات سياسية عاجلة، كاللجوء إلى نظام الحصص مثلا، بتخصيص كوطا معينة خاصة بالنساء لضمان حضورها في مواقع القرار، وهذا ما حدث فعلا.

ما هو الجديد الذي جاءت به الانتخابات الأخيرة مقارنة بسابقاتها؟

جواب: لعل من بين أهم العناصر الأكثر أهمية في نظري، التي أفرزتها الانتخابات الجماعية الأخيرة، عنصران أساسيان: العنصر الأول، هو أن هذه الانتخابات كرست واقعا انتخابيا جديدا، تمثل في التراجع، إن لم نقل الاندحار البين لأحزاب المعارضة السابقة، التي يبدو أنها استنفذت آخر ما تبقى لديها من رأسمال رمزي ومن إرث تاريخي، ظلت تعول عليه في السابق لإضفاء الشرعية على خطاباتها، واستقطاب واستمالة فئات واسعة من الناخبين لصالحها. كما أن هذه الانتخابات فسحت من جهة أخرى، المجال واسعا لبروز نخب أخرى جديدة ستكون لها من دون شك كلمتها في المستقبل.
العنصر الثاني، ويعتبر من بين أهم الظواهر اللافتة في المشهد الانتخابي اليوم، هو ما أصبح يعرف في الخطاب السياسي المغربي، بظاهرة الأعيان والوجهاء الجدد. والجديد هنا ليس في الظاهرة في حد ذاتها، فالظاهرة قديمة جدا، وهي جزء من بنية النظام السياسي المغربي، ومن مكونات الحقل السياسي الحزبي أيضا. غير أن الجديد هذه المرة، هو الحضور القوي واللافت لهؤلاء حتى داخل الأحزاب التي ظلت تدعي رفض اللجوء إلى أشخاص من خارج مناضليها أو من تنعتهم ب"الأعيان". هذه الأحزاب لجأت لإعمال نفس الوسائل التي تدين بها أحزاب أخرى، بدءا ب"تعيين" الأعيان والوجهاء الجدد على رأس اللوائح، بدعاوى واهية، من مثل الانفتاح على الأطر والفعاليات، وتطعيم الحزب بعناصر جديدة تتعاطف مع قناعاته وأهدافه، دونما احتكام إلى قواعد الديمقراطية الداخلية التي تفترض تحكيم الأجهزة التقريرية في اختيار المرشحين… و"كراء" من يقومون لهم بالزفة الانتخابية، واستخدام المال في شراء الذمم، واستقطاب فئات المهمشين من المواطنين.. وقد كان لهؤلاء الوجهاء تأثير كبير في رسم خريطة المجالس المحلية الحالية، نظرا لما يتمتعون به من نفوذ مالي ورمزي، وما يمتلكونه من علاقات ومن إمكانيات كبيرة في التأثير على صناعة القرار الانتخابي، وقدرة على تعبئة شبكات واسعة من الوسطاء والوكلاء.

سؤال: في نظرك، ما هي الأسباب التي تقف وراء هذا الواقع الانتخابي الجديد؟

جواب: الأسباب عديدة، غير أنها تختلف من حيث درجة الأهمية. ولعل أهمية هذه الانتخابات تكمن في نظري في كونها كشفت عما كان يندرج ضمن خانة المسكوت عنه في ممارسة الأحزاب السياسية، وخاصة تلك التي كانت إلى عهد جد قريب ترفض كل أشكال التحالف، بل وحتى الجلوس على نفس المائدة، مع خصومها السياسيين. في حين إننا أصبحنا نسمع اليوم تصريحات لمسؤولين سياسيين في أحزاب عرفت سابقا بصرامتها وانضباط مناضليها، تبارك هذا التوجه وتنافح عنه، بجعل مسألة التحالفات مسألة تقدير لميزان القوى، وبدعوى خصوصية الانتخابات الجماعية التي تتحكم فيها اعتبارات محلية مرتبطة بخصوصية كل جماعة، وبخصوصية تدبير الشأن العام المحلي، خلافا للانتخابات التشريعية التي تخضع لمنطق آخر مغاير ولاعتبارات وطنية في نسج التحالفات.
وقد تأكد هذا المعطى الجديد، في ما ميز تشكيل مكاتب المجالس الجماعية ومجالس المقاطعات ومجالس المدن، حيث شهدنا تحالفات هجينة بين هيئات سياسية لا رابط يجمع بينها لا على مستوى القناعات الفكرية، أو المرجعية السياسية والإيديولوجية، وهو ما حول الساحة الانتخابية، من مجال للمنافسة الحرة والشريفة التي تتقارع فيها البرامج والأفكار، إلى أشبه ما يكون ب"سوق الدلالة" أو النخاسة السياسية، الرابح فيها من يدفع أكثر إن نقدا أو عينا. لدرجة أصبحنا اليوم نعيش أكبر عملية "بلقنة" سياسية في تاريخ الجماعات المحلية، لم يسبق للمغرب أن عاشها من قبل. وهو ما قد ينبئ بحدوث هزات وردات داخل المجالس، وربما سنشهد في ما يأتي من الأيام فصولا مثيرة يصعب التكهن بمآلها.
إن التحالفات الطبيعية في تجارب انتخابية سابقة، كانت تتم بناء على احترام حد أدنى من التوافقات بين الهيئات السياسية المختلفة، وعلى أساس مجموعة من القناعات والقواسم المشتركة، كوحدة الأهداف وتقارب المرجعيات والبرامج التي تصدر عنها هذه الهيئات. أما عندما تفتقد هذه الأحزاب لأية خلفية سياسية وأخلاقية ضابطة، وتسعى إلى ممارسة نوع من السياسة السياسوية، فإن هذا قد يشكل خطرا ليس على النظام السياسي فحسب، بل على استمرارية هذه الأحزاب ذاتها. ومن دون شك، إن هذا الواقع سينعكس بالضرورة على الكيفية التي ستسير بها الجماعات أيضا. فعندما لا تكون هناك استراتيجية دقيقة، محكومة بمرجعية ضابطة وبمشروع مجتمعي واضح المعالم، يحدد الأهداف العامة ويرسم الأولويات، فإن المستشار يتحول إلى مجرد موظف عمومي يقوم بالتدبير اليومي لشؤون الجماعة. وهو ما قد يطرح السؤال مستقبلا عن الجدوى من وجود المجالس الجماعية أصلا، ما دام أن هذا الأمر يمكن أن يوكل إلى موظفين جماعيين هم أكثر تأهيلا للقيام بهذا الدور؟

سؤال: وما تفسيرك لضعف المشاركة في هذه الاستحقاقات، وخاصة بالحواضر؟

جواب: إن المعطى الأساس الذي أفرزته هذه الانتخابات، هو أن المرجعية والبرنامج الانتخابي للحزب، لم يعد حاسما في تحديد الاختيار الانتخابي، حيث لم يعد من السهل التمييز بين برنامج هذا الحزب وذاك. فكل المرشحين كانوا يعمدون إلى استخدام نفس اللغة المكرورة ونفس الخطاب والأساليب، في محاولة لإقناع الناخبين… وهو ما جعل الحملة الانتخابية في مختلف أشواطها تفتقد للحرارة والصدق الذي كان يميزها سابقا.

إن الانتخاب لغة يعني الاختيار، والاختيار لا يمكن أن يقوم إلا على المفاضلة بين مشروعين أو أكثر، ولا يمكن أن يستقيم إلا إذا تم الانتقاء بينها. وكلما بدأ هامش الاختيار يضيق ويتقلص، لدرجة يصبح التمييز بين البرامج صعبا، كلما شكل هذا مصدر إحباط وعزوف بالنسبة للناخبين. ولعل هذا ما يفسر جزئيا تقاعس فئات اجتماعية هامة من المجتمع، وخاصة الفئات الوسطى، عن التوجه إلى صناديق الاقتراع. ولعل أبرز مثال على ذلك هو ضعف نسبة المشاركة في الانتخابات في مدينة كبرى كالدار البيضاء التي سجلت بها أضعف نسبة، حيث لم تتعد 12 %. وهذا الرقم يمكن تفسيره بفقدان الثقة في الديمقراطية، كمجال للتعبير عن اختيارات وأفضليات بين البرامج.

غير أن ظاهرة العزوف عن المساهمة في الشأن العام، لا ينبغي النظر إليها دائما باعتبارها محصلة طبيعية لتراجع دور الأحزاب أو لتخليها عن دورها التأطيري، بل إن الأزمة هي أزمة ثقافية عامة، وهي أزمة الديمقراطية.

إن ما نعاينه اليوم، يمكن توصيفه، بما كان يصطلح عليه عالم الاجتماع إميل دوركايم ب"الأنوميا" أو فقدان المعيار. ويشير هذا المفهوم إلى الوضعية التي يصبح فيها مجتمع ما يعاني من اختلالات في القيم التي تنظم سلوكات المواطنين وتحافظ على النظام الاجتماعي، مما يجعل القواعد والنواميس الاجتماعية تفقد فاعليتها وتأثيرها في ضبط سلوكات الأفراد. كما أن ما نشهده من تحولات قد يكون تعبيرا ومؤشرا على نهاية مرحلة وبداية أخرى جديدة دخلها المغرب، بفعل تأثير تيار العولمة الجارف، وربما لم يحسن التوافق معها بعد، والتي نلمس بعض تعبيراتها الأساسية، فيما أصبح يصطلح عليه ب "أزمة غياب المعنى" في كل شيء، وفي اختلال المعايير والقيم والضوابط. ولعل هذا الذي نعيشه اليوم، من أزمة فقدان المعنى في السياسة، يتجاوز الأحزاب ذاتها، ليعبر عن أزمة مجتمعية وثقافية عامة، وما عايناه في الانتخابات الأخيرة، لهو في تقديري الشخصي، أجلى تعبير عن التداعيات المباشرة لهذه الثقافة الجديدة. وعندما تفتقد الممارسة السياسية لمعايير وضوابط محددة، فإن هذا المجال السياسي يصبح مفتوحا على كل الاحتمالات التي يصعب التكهن بنتائجها مستقبلا.

سؤال: ما هو البديل في نظرك من أجل رأب هذه الاختلالات، وإصلاح الوضع السياسي بالمغرب؟

جواب: أظن أن المداخل في هذا الصدد كثيرة، ولكن الأساسي في تقديري الخاص، هو رد الاعتبار للعمل السياسي. وهذا لن يتأتى إلا من خلال:

1- تقوية دور الأحزاب السياسية وخاصة قوى المعارضة، حتى تضطلع بدورها الكامل في التأطير والنقد والاقتراح، لأن الحزب ليس مجرد لاعب في حلبة ملاكمة، ومن تم، فإن وزنه لا ينبغي أن يقاس بما يمكن أن يحصل عليه من "غنائم" انتخابية، بل إن مكانته تتحدد أساسا بطبيعة حضوره وفعله داخل المجتمع، أي باعتباره عنصرا أساسيا وفاعلا في ضبط التوازنات بين الدولة والمجتمع، ومن خلال دوره في ترشيد السلوك السياسي للمواطنين وتنشئتهم تنشئة مدنية. أما عندما يتخلف عن القيام بهذا الدور، فإن هذا قد يشكل خطرا ليس على الدولة فحسب، بل على مآل المجتمع برمته. وهو ما قد يفسح المجال لظهور أشكال أخرى من التعبير والاحتجاج، كاللجوء إلى التغيير بالعنف، بدل الدفاع السلمي عن المطالب والحقوق.

2- المدخل الثاني، يبدأ بتعزيز دور المجتمع المدني، حتى يلعب دوره كاملا إلى جانب الأحزاب السياسية، وهذا لن يتم، إلا من خلال تبادل الاعتراف بين هذه الأحزاب وباقي مكونات المجتمع المدني الأخرى، ومن تم ينبغي لهذه الأحزاب ألا تنظر إلى الجمعيات باعتبارها ندا أو منافسا لها، كما لا ينبغي للجمعيات أن ترى في نفسها بديلا عن هذه الأحزاب.

ولعل من بين الاقتراحات المهمة جدا في نظري والتي يمكن أن نسترشد بها في هذا المجال، هو التجربة الفرنسية في مجال التدبير المحلي التشاركي، حيث أصبح القانون الجماعي الفرنسي ينص على وجوب تأسيس "مجالس للأحياء" داخل كل جماعة، وذلك بهدف إعطاء دينامية جديدة للعمل الجماعي، من خلال تشديد المراقبة من طرف الساكنة على عمل المجالس الجماعية، واعتماد سياسة للقرب تضمن مشاركة فعلية وفعالة للسكان، وتدبيرا ناجعا للشؤون المحلية.
3- نتساءل في هذا الإطار أيضا عن دور النخبة المثقفة اليوم وعن غيابها عن ساحة الفعل السياسي. وعندما نؤكد على الدور الفاعل للمثقف، فليس ذلك من موقع التبعية للفاعل السياسي، بل من موقع الريادة والاستشراف. فالمثقف كان دائما هو المنتج للقيم والأفكار. وغياب المثقف عن ساحة الفعل السياسي، باسم نوع من الطهرانية الزائفة، كان من نتائجه انحسار الفكر حتى في الخطابات السياسية للأحزاب ذاتها. ولن أبالغ إن اعتبرت أنه ربما ينبغي التفكير في اعتماد نظام للكوطا بالنسبة للأطر المثقفة الفاعلة، حتى نضمن لها حضورا وازنا في كل الهيئات مستقبلا. وليس هذا تنقيصا من شأن المثقف، فقد أبرزت التجارب الانتخابية السابقة، أن هناك أطرا مثقفة وازنة تقدمت للانتخابات وخسرت مقعدها أمام مرشحين لا يفقهون في أمور السياسة شيئا.
وأظن أن هذه المداخل الثلاثة من شأنها أن تعيد الاعتبار للسياسة بمفهومها السامي، وتعطيها معناها الحقيقي، وأن تضمن مشاركة واسعة لكل الفاعلين في عملية الإصلاح، عوض جعله شأنا خاصا بالنخبة السياسية وحدها.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !