مواضيع اليوم

الانتخابات في مصر.. بين البعث و العبث !

محمد شحاتة

2010-11-14 10:01:13

0

أمام هذا اللهاث المخزي .. وذلك الاستجداء المهين .. وتلك الوقفة المذلة التي تقفها طوابير طويلة وممتدة من (المرشحين) المتصالبين أمام باب واحد (أحكم من باب زويلة) .. وأمام نفق واحد (أخنق من نفق قناة السويس) .. وأمام معبر واحد (أضيق من معبر رفح) يعتقدون تمام الاعتقاد أنه جواز المرور و المعبر الوحيد المسموح لهم به للفوز بمقعد في البرلمان المصري ..

إنه باب ونفق ومعبر الحزب الوطني الديمقراطي .. الحزب الحاكم في مصر..
لذا .. فإن لا أحد يجانب الصواب أو يجافي الحقيقة إذا هو وصف انتخابات مجلس الشعب المصرية بأنها في حقيقتها انتخابات للحزب الوطني الحاكم والمهيمن على جميع مقادير و(مقاصير) البلاد!!..

نسبة لا تقل عن 99% ممن قرروا خوض العملية الانتخابية في مصر توجهوا بعدتهم وعتادهم وأموالهم وأيمانهم وأهوائهم نحو الحزب الشمولي بحسبانه يمتلك وحده"  دون أدنى منافسة"  و"دون أدنى قيد"  كافة.. وجميع .. وكل آليات أوراق اللعبة الانتخابية .. بدءأ من تحديد الإطار (الشكلي) لها .. ومروراً بلجان استلام أوراق الترشيح.. واستيفائها ..وكذا اللجان المنظمة لكل شيء.. وكذا (تحديد) كشوف الناخبين .. والدوائر ..واللجان ..والمراقبين .. والرؤساء .. والحماية .. والحراسة.. والتأمين ..والدعاية.. وانتهاء بإعلان النتيجة دون نسيان التركز على أنها انتخابات (نزيهة) و(ديمقراطية) !!..

كل ذلك في يد واحدة "يد الحزب" تتقلب بين أصابعها مصائر الجميع .. الجميع بلا استثناء ..

فلا عجب إذاً عندما نشاهد هذا اللهاث المخزي .. وذلك الاستجداء المهين من المشتاقين إلى نيل الحصانة البرلمانية و التي (لهم فيها مآرب أخرى) مقابل تقديم جميع فروض الطاعة والولاء بلا قيود أو شروط أو حدود لأرباب الحزب الحاكم المسيطر والمهيمن على كل شيء وعلى أي شيء في هذا الشأن ..
فالذين وقفوا بباب الحزب غالبيتهم الكاسحة ليست من أبنائه ولا المنتمين إليه بل يكادون يعرفون شيئاً عن سياساته وربما عن السياسة بشكلها العام ..

فغالبيتهم من رجال الأعمال والتجار والمهنيين وطلاب الوجاهة الاجتماعية ..
لذلك لن تمنع نفسك من الابتسام الساخر حينما تتابع ملهاة الحزب الحاكم في الانتخابات السابقة حينما وضع يده على الموالين له من المرشحين ونفض يده من باقي (المشتاقين) الذين خاضوا غمار الانتخابات مستقلين عن الحزب الذي لفظهم ففازوا فوزاً كاسحاً .. لا لجدارتهم بالفوز .. بل لكراهية الناخبين ونكاية منهم في الحزب الحاكم الذي مني بهزيمة نكراء اضطر معها إلى أن يلف ذيله بين رجليه ويعيد ضم الفائزين المستقلين عنه إلى حظيرته ليضمن الأغلبية المهيمنة على رقبة المجلس التشريعي ..
ثم لن تمنع نفسك من الضحك المرير وأنت تتابع هذه المرة (إختراع) (المجمع الانتخابي) الذي اخترعه الحزب الحاكم لتصفية وتنقية مرشحيه الذين سيخوض بهم انتخابات الأيام القادمة ..

وتتجلى المرارة حينما تضطر أو يضطرك الحزب الحاكم إلى عقد المقارنة بين (المجمع الانتخابي) الأمريكاني الأصلي وبين (المجمع الانتخابي) المصري المقلد الباهت المضروب ...

ولسنا في معرض الحديث عن النموذج الأول .. بل نتحدث عن النموذج المحلي والذي به جمع الحزب الحاكم كافة أوراق ورقاب وأرواح ومصائر جميع الذين وقفوا على بابه لخوض الانتخابات تحت مظلة الحزب الوطني الحاكم .. ليجري بينهم.. أو ليجري عليهم .. أو ليجري فيهم عملية ترشيح وترسيب وتنقيح و اختيار المرشحين الذين سيحملون شعار الحزب الحاكم ..

ثم يقوم الحزب كمثل ملكة النحل بقتل جميع الذكور أقصد المرشحين الزائدين عن الطلب لمنعهم من تكرار (الحركة) السابقة بخوض الانتخابات كمستقلين وأنداداً للحزب ...وإقصائهم تماماً من الملعب الانتخابي .. وذلك لتبقى المواجهة بين الحزب الحاكم وقواه الضاربة وأدواته الكاملة وبين (بقايا) مرشحين متناثرين بين أحزاب معارضة منهكة وبين بقايا مستقلين عارين تمامً من ثمة دعم أو أرضية أو قدرة على المنافسة ..

لتكون كلمة النهاية دائماً ودوماً فوزاً كاسحاً ساحقاً ماحقاً للحزب الحاكم على أشلاء متناثرة من مرشحين بلا أدنى قدرة على المنافسة أمام امتلاك الحزب الأوحد لكافة الأوراق وكافة الآليات وجميع زمام العملية الانتخابية التي تجري وسط غياب مستمر وغيبوبة عميقة من الشعب المطحون القابع تحت حذاء القمع السلطوي السرمدي من حزب تتحد كافة جيناته الوراثية مع حزب البعث السلطوي الأوحد ..

 وفي انتخابات ليس فيها أدنى شيء من الحراك سوى حركة واحدة سريعة ومتبادلة يتباعها الشعب بشغف مستفز بين حرف (العين) وحرف (الباء )في كيفية وصف الانتخابات التي تجرى على أرضه وعلى مصيره..

هل هي انتخابات( البعث) أم انتخابات (العبث) ...!!!




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !