فاجأ التيار الصدري القوى السياسية العراقية بشتى تنوعاتها بخطوة جيدة تمثلت في قيامه بتنظيم انتخابات تمهيدية تسبق الانتخابات التشريعية وكما أعلن عنها المتحدث الرسمي باسم التيار الصدري الشيخ صلاح ألعبيدي ، وهي الخطوة التي تعتبر من غير أدنى شك جديدة وديمقراطية وبمثابة إعادة لأعمار أركان البيت الصدري أو ربما اقرب ما تكون إلى محاولة لعلاج التقرحات التي أصابت جسده نتيجة للسياسات الخاطئة التي ارتكبها بعض المحسوبين عليه فضلا عن آليات عمل غير مجدية وغير ناضجة تم تبنيها في سياق المرحلة السابقة .
إن الحقيقة الواضحة للعيان تكمن في أن الغالبية العظمى من قياديي التيار ومرشحيه في الفترة الماضية لم يقدموا ما يرضي ويلبي طموحات القاعدة الجماهيرية للتيار الصدري إن لم يكن البعض منهم قد تنكر للتيار أصلا بعد أن أوصلته قواعده الشعبية إلى مناصب لم يكن يحلم بها . هذه القاعدة الشعبية التي جلها من الفقراء ومن الطبقة الوسطى مازالوا يتذكرون كلمات المولى المقدس السيد محمد صادق الصدر رحمه الله عن الحرية والاستعباد والإنصاف والطغيان ...تلك الكلمات التي ظهرت في زمن تمنى الناس أن تكون رقابهم كرقاب البعير حتى لا تخرج الكلمات منهم وتطير بها تلك الرقاب وليس كما أرادها الإمام علي عليه السلام بان تكون رقبته كرقبة البعير حتى يمحص الكلام الذي يقوله قبل أن يسمعه الناس .
لهذه الانتخابات التمهيدية أهمية عظيمة من ناحية أولى ومغزى كبير من ناحية ثانية ..
فمن ناحية أهميتها نرى أنها وعلى الرغم من حداثتها على الساحة العراقية فإنها نظام انتخابي معروف ومطبق في دول ذات ديمقراطيات عريقة ومن شانها أن تكون بمثابة غربال للمرشحين بشكل دقيق للتفريق بين الطالح والصالح وبهذا تكون القاعدة الجماهيرية هي التي تساهم في صنع المرشحين وهنا سوف يكون للمشاركين من أبناء التيار الصدري التركيز على المرشحين وإمكانية المفاضلة بينهم لاختيار من يجدونه قادرا لتمثيلهم ولخوض معركة الانتخابية القادمة .
أما بالنسبة إلى مغزاها فانه يتجسد في أن الفائزين بهذه الانتخابات سوف يرشحهم التيار للانتخابات البرلمانية في كانون الثاني المقبل وبذلك لا يمكن حينها لأحد أن يتجرأ بالقول بان التيار الصدري قد قدم أسماء بناء على معطيات الانتماء الحزبي ومعايير العلاقات الشخصية كما تفعل ذلك اغلب الأحزاب السياسية .. وذلك لان المرشحين الذين سوف يقدمهم التيار للانتخابات القادمة سيكونون هم من رشحتهم القواعد الشعبية للتيار الصدري وليس احد أخر سواهم .
وكنا نرغب ، في الواقع، أن يتم الإعلان عن هذه الانتخابات التمهيدية بشكل مبكر وليس في التاريخ الذي أعلن عنه لكي تعطى اكبر وقت ومساحة ممكنة للمرشحين لتقديم وتعريف أنفسهم للجماهير . وعامل الوقت هنا من الأهمية بمكان بحيث قد يؤدي إلى نتائج سلبية حيث أن الناخب لو لم يتسنى له الوقت الكافي للتعرف على المرشحين الجدد فبالتالي سينتخب الأسماء والقيادات السابقة والمعروفة لديه على الرغم من عطائها القليل أو المعدوم أصلا وذلك تطبيقا للمثل القائل " الي تعرفه أحسن من المتعرفه " وبهذا تكون هذه الانتخابات قد فقدت أهميتها منذ البداية .
ورغم أني لست من أتباع التيار الصدري تنظيما مع حبي واعتزازي للشهيد الثاني فسوف أكون من المشاركين بهذه الانتخابات في يوم 16 من الشهر الجاري والذي سيكون بمثابة عرسا حقيقيا لأبناء التيار الفرحين بهذه الخطوة الفريدة والجديدة في فضاء السياسة العراقية الجديد .
التعليقات (0)