وصية يسوع بمنع الطلاق
- وجاء إليه الفريسيون ليجربوه قائلين هل يحل للرجل ان يطلق امرأته لكل سبب,
فأجاب وقال لهم أما قرأتم ان الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وانثى وقال من اجل هذا يترك الرجل أباه وأُمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً,
إذاً ليسا بعد اثنين بل جسد واحد, فالذي جمعه الإله لا يفرقه انسان,
قالوا له فلماذا أوصى موسى أن يُعطى كتاب طلاق فتطلق,
قال لهم من أجل قساوة قلوبكم أذِن لكم أن تطلقوا نساءكم,
ولكن من البدء لم يكن هكذا,
وأقول لكم ان من طلق امرأته الا بسبب الزنا وتزوج بأُخرى يزني,
والذي يتزوج يتزوج بمطلقة يزني,
قال له تلاميذه ان كان هكذا أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق ان يتزوج,
فقال لهم ليس الجميع يقبل هذا الكلام بل الذين أُعطي لهم,
لأنه يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون أُمهاتهم ويوجد خصيان خصاهم الناس ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل مملكة السماء,
من استطاع ان يقبل فليقبل. (متّى19/3-12)
- فتقدم الفريسيون وسألوه هل يحل للرجل أن يطلق امرأته ليجربوه,
فأجاب وقال لهم بماذا أوصاكم موسى,
فقالوا أذنِ أن يكتب كتاب طلاق فتطلق,
فأجاب يسوع وقال لهم من أجل قساوة قلوبكم كتب لكم هذه الوصية,
ولكن من بدء الخليقة ذكراً وأُنثى خلقهما الإله,
من أجل هذا يترك الرجل أباه وأُمه ويلتصق بامرأته,
ويكون الاثنان جسداً واحداً, إذاً ليسا بعد اثنين بل جسد واحد,
فالذي جمعه الإله لا يفرقه إنسان. (مرقس10/2-9)
- وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق,
وأما أنا فأقول لكم ان من طلق امرأته الا لعلة الزنى يجعلها تزني,
ومن يتزوج مطلقة فانه يزني. (متّى5/31-32)
- وكان الفريسيون أيضاً يسمعون هذا كله وهم محبون للمال فاستهزأوا به, فقال لهم انتم الذين تبررون أنفسكم قدّام, ولكن الإله يعرف قلوبكم,
ان المستعلي هو رجس قدّام الإله,
كان الناموس والانبياء الى يوحنا, ومن ذلك الوقت يُبشر بمملكة الاله وكل واحد يغتصب نفسه اليها,
ولكن زوال السماء والارض أيسر من ان تسقط نقطة واحدة من الناموس,
كل من يطلق امرأته ويتزوج بأُخرى يزني,
وكل من يتزوج بمطلقة من رجل يزني. (لوقا16/14-18)
في هذه النصوص يقوم يسوع بمنع الطلاق إلا لعلة الزنا, ويقول ان من طلق امرأته يجعلها تزني ومن يتزوج بمطلقة فانه يزني, وكان من نتائج هذه الوصية منع الكنائس لتعدد الزوجات, كما أنه قام بتفسير وتعليل للسبب الذي من أجله منع الطلاق, وهنا سنناقش هذا التفسير والتعليل وأتوقف عند كل نقطة لنعلم إن كانت هذه الوصية تتوافق وتتطابق مع باقي وصاياه وأقواله أم تتناقض مع الكثير منها.
في النص الأخير يقول يسوع ان زوال السماء والأرض أيسر من سقوط نقطة واحدة من الناموس ثم يكمل كلامه فيقول ان كل من يطلق امرأته ويتزوج بأُخرى يزني وكل من يتزوج بمطلقة يزني.
وهذه الفقرة لو قيل لإنسان أن يكتب جملتين في فقرة واحدة في غاية التناقض ما استطاع أن يكتب أفضل مما كتب لوقا على لسان يسوع, إذ يقول ان زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس ثم يتبعها بالقول ان كل من يطلق امرأته ويتزوج بأُخرى يزني وكل من يتزوج بمطلقة من رجل يزني!
وقد يستغرب البعض من لوقا كيف يكتب هذه الفقرة على لسان يسوع ويجمع هذه التناقضات, فالطلاق من شرائع موسى الثابتة وبالتالي فانه ينطبق عليه قول يسوع إن زوال السماء والأرض أيسر من سقوط نقطة واحدة من الناموس, فكيف نوفق بين هذه الشريعة الثابتة أكثر من السماء والأرض وبين منعه الطلاق؟
فهم إما أن يقولوا إن شريعة الطلاق قد زالت وبالتالي ليس نقطة واحدة فقط تزول من الناموس بل شرائع كاملة, أو يقولوا إن منعه الطلاق كان خطأ حتى لا تزول نقاط وحروف وشرائع من الناموس والسماء والأرض باقيتان!
فكيف السبيل للخروج من هذه التناقضات ونحن أمام أقوال يستحيل القول بأحدها دون نقض الآخر؟
وكيف تستطيع الكنائس الجمع بين منع الطلاق والأقوال التي تتحدث عن التزام يسوع بكل ما في الناموس, كما في النص التالي:
- حينئذ خاطب يسوع الجموع وتلاميذه قائلاً على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه, ولكن بحسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون. (متّى23/1-3)
وأما قول يسوع إن موسى من أجل قسوة قلوب بني إسرائيل كتب لهم هذه الوصية, وفي النص الثاني من أجل قسوة قلوبهم أَذِن لهم أن يُطلقوا نساءهم, فهذان القولان أكثر غرابة من قوله السابق, إذ ان يسوع يقول أن موسى أَذِن لهم بالطلاق لقسوة قلوبهم وهذا يعني أن موسى أخفى جزء من شريعته ولم يعلنها لبني إسرائيل, بل أمرهم بشريعة لم توح إليه حتى أوقعهم بالزنا من أجل قسوة قلوبهم!
وهذا يتناقض مع وظيفة الرسل أصلاً, إذ أن الرسل يُرسلون عادة لأقوام بعيدين عن منهج الرب وهذا البعد يورثهم قسوة القلوب ويكون من وظائف الرسل أن يُعيدوا أقوامهم إلى منهج الرب حتى تزول قسوة قلوبهم, وهو ما قاله يسوع نفسه من أنه لم يأت ليدعو أبراراً بل خطاة, أما كما فسر السبب في وجود شريعة الطلاق فهو نقض لوظيفة موسى, إذ إن موسى أُرسل كي يبين منهج الرب وليس لأن يُوقع قومه في الزنا بالسماح لهم بالطلاق وهو غير مسموح لهم فعله.
فهل يستطيع موسى أو غيره من الرسل أن يكتب شيئاً في الناموس برأيه ودون أمر من الرب؟
وإذا كان هذا ممكناً فمن سيحدد الشرائع التي في الناموس أيها التي من الرب وأيها التي كتبها موسى من أجل قسوة قلوب بني إسرائيل, وخاصة أن يسوع قال إن زوال السماء والأرض أيسر من سقوط نقطة واحدة منه, وقوله لتلاميذه إن كل ما قاله الكتبة والفريسيين عليهم أن يحفظوه ويعملوا به؟!
ثم يقول إن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأُنثى وقال لهم من أجل هذا يترك الرجل أباه وأُمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً لذا فهما ليسا بعد اثنين بل جسد واحد, فالذي جمعه الإله لا يفرقه إنسان, ويقول في النص الثاني ولكن من بدء الخليقة ذكراً وأُنثى خلقهما الإله من أجل هذا يترك الرجل أباه وأُمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً إذاً ليسا بعد اثنين بل جسد واحد فالذي يجمعه الإله لا يفرقه إنسان.
وهنا نجد أنفسنا أمام سؤال وهو إذا كان الإله قد خلق الرجل والمرأة جسداً واحداً فمن يستطيع أن يفرقهما, وإذا حاول أحد التفريق بينهما ألا يُعتبر هذا خارجاً على أمر الرب ونواميسه؟
وهذا الحكم يكون بحق موسى بحسب قول يسوع لأنه كتب شريعة الطلاق والرب لم يأمره بها!
وإذا كان الرب خلقهما منذ البدء جسداً واحداً فلماذا سمح لإبراهيم وإسحاق ويعقوب وداؤد وسليمان بالزواج بتعدد الزوجات؟
هل كان هؤلاء قساة القلوب لهذا سمح لهم بتعدد الزوجات كي يقعوا في الزنا وهذا بحسب كلام يسوع والأناجيل؟!
ثم إن هذا الكلام عن الجسد الواحد يناقض العقل والواقع, إذ أن الرجل والمرأة جسدان مختلفان, سواء في الكيان, إذ هما منفصلان, أو في الناحية الطبيعية فجسد الرجل غير جسد المرأة في كثير من الوظائف كالحمل والرضاعة وغيرهما من الوظائف, وإذا كان كلامه صحيحاً فما هو الفرق بين جسد المرأة كزوجة وجسدها كأُم أو ابنة أو أُخت؟
فلو قال إنهما روح واحدة لكان أقرب للعقل وللتصديق, أما أن يقول إنهما جسداً واحداً فهذا مشكل من عدة أوجه.
أولاً لأنه يمكن للرجل أن يتزوج من امرأة فتموت, فيتزوج من ثانية وهنا نحصل على جسد له ثلاثة مكونات رجل وامرأتان, فكيف سيصبح هؤلاء الثلاثة جسداً واحداً؟!
وهكذا يتزوج الرجل المرّة تلو الأُخرى حتى نحصل على جسد مكون من عشرة أجزاء فكيف يقول إن الرجل المرأة من البدء خلقا جسداً واحداً؟!
وكذلك هناك من يُخلق ويموت دون أن يتزوج فهل هذا يُعتبر نصف جسد؟!
ثم الرجل الذي تزني امرأته وهو لا يعلم هل يكونان جسداً واحداً أم نصف جسد طالما أنهما من البدء خلقا جسداً واحداً؟
وكذلك الرجل الذي زنت زوجته وطلقها ولم يتزوج هل يبقى جسده كاملاً أم يفقد نصف جسده؟
وأما قوله الذي يجمعه الرب لا يفرقه إنسان فهذا غير صحيح لأنه يتناقض مع ما كتبه الرب بإباحة الطلاق, فلو كان صحيحاً لمنع الطلاق وتعدد الزوجات في كل الشرائع السابقة ولما سمح لموسى ولغيره من الأنبياء السابقين بالسماح بالطلاق وتعدد الزوجات, وما فهمه كتبة الأناجيل, أو يسوع, مما كتب في العهد القديم فهو ليس صحيحاً, كما حدث معهم في كثير من النصوص التي استشهدوا بها من العهد القديم وقالوا أنها تتحدث عن يسوع, وتبين لنا أنها لا تتحدث عن يسوع لا من قريب ولا بعيد عند مناقشتها سابقاً, كقصة عمانوئيل وابن داؤد وغيرهما, وهنا أود التذكير بقول قاله يسوع وهو:
تضلون اذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الإله. (متّى22/29)
تضلون اذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الإله.
تضلون اذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الإله.
ونتيجة لهذه الوصية قامت الكنائس المختلفة بمنع تعدد الزوجات مخالفة بهذا الفعل وصية الناموس التي تسمح به, ومتناسية عشرات النصوص التي تتحدث عن أنبياء تزوجوا بأكثر من امرأة ومنهم الذين اعتبرتهم الكنائس وكتبة الأناجيل أنهم آباء يسوع, وهنا سأذكر بعض النصوص التي تتحدث عن هذا الأمر:
- وان اتخذ لنفسه أخرى لا ينقص طعامها وكسوتها ومعاشرتها. (خروج21/10)
في هذا النص دليل على أن تعدد الزوجات مباح في الشريعة التي نزلت على موسى.
- اذا كان لرجل امرأتان احداهما محبوبة والاخرى مكروهة. (التثنية21/15-17)
وهذا النص يتحدث عن السماح بتعدد الزوجات أيضاً.
- يعقوب تزوج ليئة وراحيل وجاريتاهما زلفة وبلهة. (تكوين29)
- ثم اخذ داؤد اخينوعم من يزرعيل فكانتا له كلتاهما امرأتين. (صموئيل الاول25/43)
- وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحثيات من الامم الذين قال عنهم الرب لبني اسرائيل لا تدخلون اليهم وهم لا يدخلون اليكم لانهم يميلون قلوبكم وراء آلهمهم,
فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة,
وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري,
فأمالت نساؤه قلبه وكان في زمان شيخوخة سليمان ان نساؤه أملن قلبه وراء آلهة اخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب الهه كقلب داؤد ابيه. (الملوك الاول11/1-4)
- واحب رحبعام معكة بنت ابشالوم اكثر من جميع نسائه وسراريه,
لانه اتخذ ثماني عشرة امرأة وستين سرية. (اخبار الايام الثاني11/21)
فهذه نصوص تدل على أن تعدد الزوجات كان مباحاً للناس وان الطلاق كان من شرائع الناموس التي نزلت على موسى.
كما أن يسوع وعد تلاميذه بعشرات الزوجات في الدنيا, مما يثير مشكلة مع هذه الوصية كما في النصوص التالية:
- فأجاب بطرس حينئذ وقال له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك فماذا يكون لنا,
فقال لهم يسوع الحق أقول لكم إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل ألاثني عشر,
وكل من ترك بيوتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو إماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً من أجل اسمي,
يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الأبدية. (متّى19/27-29)
- فقال بطرس ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك,
فقال لهم الحق أقول لكم ان ليس أحد ترك بيتاً أو والِدَين أو اخوة أو امرأة أو أولاداً من أجل مملكة الاله, الا ويأخذ في هذا الزمان أضعافاً كثيرة,
وفي الدهر الآتي الحياة الابدية. (لوقا18/28-30)
فها هو يسوع يعد التلاميذ وأتباعهم بحصولهم على مائة زوجة مقابل الزوجة التي يتركونها من أجله ومن أجل الإنجيل في هذه الحياة, فكيف منعت الكنائس تعدد الزوجات في حين أن يسوع يعدهم بعشرات الزوجات؟!
كما أن يسوع شبّه مملكته بالرجل الذي تزوج بعشرة نساء, كما في النص التالي:
- تشبه مملكة السماء عشر عذارى أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريس, وكان منهن خمس حكيمات وخمس جاهلات,
أما الجاهلات فأخذن مصابيحهن ولم يأخذن زيتاً, وأما الحكيمات فأخذن زيتاً في آنيتهن مع مصابيحهن, وفيما أبطاً العريس نعِسن جميعهن ونِمن,
ففي منتصف الليل صار صراخ هو ذا العريس مقبل فاخرجن للقائه,
فقامت جميع أُولئك العذارى وأصلحن مصابيحهن, فقالت الجاهلات للحكيمات أعطيننا من زيتكن فان مصابيحنا تنطفئ,
فأجابت الحكيمات قائلات لعله لا يكفي لنا, ولكن بل اذهبن الى الباعة وابتعن لكنّ, وفيما هن ذاهبات ليبتعن دخل العريس والمستعدات دخلن معه الى العرس وأُغلق الباب,
وأخيراً جاءت بقية العذارى أيضاً قائلات يا سيد افتح لنا,
فأجاب وقال الحق أقول لكنّ اني لا أعرفكن,
فاسهروا اذاً لأنكم لا تعرفون اليوم والساعة التي يأتي فيها ابن الانسان. (متّى25/1-13)
في هذا المثل يشبّه يسوع مملكته برجل قوي جداً له عشر نساء خمس منهن حكيمات وخمس جاهلات, فدخل بالحكيمات الخمس في ليلة واحدة!
والكنائس المختلفة هنا أمام ثلاث خيارات, الأول القول إن هذا المثل صحيح المعنى والمضمون وبالتالي عليهم الاعتراف بانه يمكن للرجل أن يتزوج بعشر نساء, لأن هذا يشبه مملكة يسوع وأن ما قامت به من منع تعدد الزوجات مخالف ليسوع ومملكته, والثاني القول إن هذا المثل غير صحيح وان الزواج بأكثر من امرأة واحدة ممنوع وفي هذا نقض للمثل الذي قاله يسوع عن مملكته, مما يعني إزالة هذا المثل من كلامه وهو الذي يقول إن السماء والأرض تزولان وكلامه لا يزول, والثالث أن تقول الكنائس المختلفة إن المثل يتحدث عن عشر جاريات وليس زوجات, ونسألهم إن كانوا يوافقون على أن يتخذ الرجل عشر جوار بالإضافة إلى زوجته, وهل الجواري لا يدخلن في قوله من البدء خلق رجل وامرأة؟!
نأتي الآن للحديث عن موقف التلاميذ من قول يسوع بمنع الطلاق, فنقرأ النص التالي:
- قال له تلاميذه ان كان هكذا أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق ان يتزوج. (متّى19/10)
كما نقرأ فإن تلاميذ يسوع لم يتقبلوا كلامه واعتبروه مخالفاً لطبيعة الأشياء, والنص لا يتحدث عن أُناس عاديين أو غير مؤمنين بل يتحدث عن التلاميذ الذين اختارهم ليكونوا رسله وخاصته, فإذا كان تلاميذ يسوع لا يوافقون على هذا الكلام فمن يوافق؟!
إن كل محاولات الكنائس على مدار التاريخ وعلى الرغم من كل حملات الوعظ والإرشاد والزجر والتهديد إلا إن هذا القول لم توافق عليه الطبيعة البشرية فنجدها الآن وعلى الرغم من تحريم الكنيسة الكاثوليكية للطلاق, بمجرد أن أُقرّ الطلاق في القانون المدني الايطالي سارع آلاف الأزاوج الإيطاليين الى تقديم طلبات للطلاق ولسان حالهم يقول إن ما جمعه الرب لا يفرقه احد غير لأنه لو كان كذلك لما تفرقت هذه الآلاف.
وأخيرا هل يدل النص الذي استشهد به يسوع على منع الطلاق وعلى إتهام موسى بكتابة شريعة الطلاق دون إذن من الرب؟
النص مكتوب في سِفر التكوين, وهو كما يلي:
- فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي,
وهذه تدعى امرأة لانها من امرء أُخذت,
لذلك يترك الرجل أباه وأُمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً. (تكوين2/23-24)
هذا النص هو الذي استشهد به كتبة الأناجيل على لسان يسوع على منع الطلاق ومن ثم استشهدت به الكنائس المختلفة على منع تعدد الزوجات, فأين يوجد فيه كلام عن منع الطلاق؟
فهل يريد كتبة الأناجيل والكنائس أن يقولوا لنا انه لم يفهم النص أحد من الأنبياء السابقين, مع أن الروح المقدس كان معهم! على منع الطلاق ولا على منع تعدد الزوجات, بدءاً من آدم وانتهاء بآخر أنبياء بني إسرائيل حتى جاء متّى ومرقس وفهما النص ونسباه ليسوع!
إن قراءة هذا النص من قبل جميع أنبياء بني إسرائيل كل هذه القرون لم يمنعهم من الطلاق ولا من تعدد الزوجات, كما أن عدم تنبيه الروح المقدس لهم على حقيقة معنى النص, يثير الكثير من الشكوك حول فهم متّى ومرقس للنص!
إن الصفة التي تقدمها الأناجيل والكنائس ليسوع, باعتباره الأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر, كان على متّى ومرقس أن يتذكراها في هذه القصة بالذات, هذا إذا كانا قد سمعا بها أصلاً, فإذا رغب متّى ومرقس أو حتى يسوع نفسه أن يمنعوا الطلاق بين أتباعهم, فقد كان يمكن كتابة فقرة تقول إن يسوع يمنع الطلاق بين أتباعهم وتنتهي المشكلة دون إحداث أي تناقض واضطراب في نصوص العهد القديم!
وهو, أي يسوع, فعل هذا كثيراً كقوله قيل عين بعين وأنا أقول من لطمك على خدك فأدر له الآخر, وقوله قيل أوف بأقسامك للرب وأنا أقول لا تحلف البتة, وهكذا الكثير من التعاليم فبمجرد ورود قول ليسوع بنهي أو أمر يُصبح تعليماً وتشريعاً عند أتباع الكنائس دون الدخول في تفسيرات لنصوص العهد القديم تظهر كل مرة أنها تفسيرات خاطئة, وخاصة أن يسوع قال انه لم يأت لنقض الناموس بل ليكمل!
وللاطلاع على المزيد من تعاليم الاناجيل الغريبة ومواضيع أُخرى مثيرة في الاناجيل ارجو التكرم بزيارة المواقع التالية:
http://gospelsources.blogspot.com
http://gospelspersons.blogspot.com
http://historicaljesus-isa.blogspot.com
نادر عيسى
التعليقات (0)