مواضيع اليوم

الالتزام الأجوف

مدونة قصة الاسلام

2012-01-23 03:54:20

0

 

 

 

الالتزام الأجوف
للشيخ
عبد الرحمن العايد
بسم الله الرحمن الرجيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

أما بعد نتكلم إن شاء الله في هذه الليلة - التي أسأل الله سبحانه وتعالى ان تكون مباركة وأن تكون في ميزان حسناتنا يوم أن نلقاه - ، عن موضوع سبق أن طرحناه ولكن نعيد الكلام فيه مع بعض الإضافات اليسيرة أسأل الله سبحانه وتعالى أن تكون خالصة لوجهه الكريم ، سنتكلم في موضوع بعنوان الالتزام الأجوف وسيكون الكلام في هذا الموضوع في النقاط التالية


- أولا: أسباب الكلام في هذا الموضوع
- ثانيا: معنى الاتزام الأجوف
- ثالثا: مظاهر هذا المرض
- رابعا: أسباب هذا المرض
- خامسا: آثار ترك العبادة
- سادسا: أهمية العبادة في حياة المسلم
- سابعا: صور من حياة العباد
- وأخيرا: علاج هذه الظاهرة

أما الفقرة الأولى وهي لماذا نتكلم عن هذا الموضوع

فنتكلم عن هذا الموضوع للأسباب التالية
أولا أن القرآن الكريم أمرنا بالالتزام الجاد الذي هو عكس الالتزام الأجوف ، يقول سبحانه وتعالى ( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً ) مريم (12) وقال لموسى (فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا ) الأعراف (145) ويقول سبحانه وتعالى ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ ) البقرة (214) ويقول سبحانه وتعالى ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) آل عمران (124)
2- والسبب الثاني أن السنة أيضا أمرتنا بالالتزام الجاد يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم ( استعن بالله ولا تعجز ) ويقول أيضا صلى الله عليه وسلم في حديث رواه البخاري ومسلم ( حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره )
3_أيضا من الأسباب كثرة الفتن والمغريات في هذا العصر بحيث يخشى على من كان التزامه التزاما أجوف أن يسقط أمام هذه الفتن وهذه الشهوات
4-أيضا من الأسباب ما نراه ولله الحمد من كثرة الملتزمين مما يثلج الصدر ، وينفعنا مع توسعنا في الكم أن نبحث أيضا عن الكيف ونقعد ونبدأ في علاج ما يمكن أن يظهر من أمراض أو غير ذلك في هذه الصحوة المباركة
5- أيضا من الأسباب أن الملتزم الجاد يتحمل البرامج الجادة ويتحمل المسؤولية وهذا يفيد الصحوة بشكل عام
6- أيضا من الأسبا أننا نظن إن شاء الله أن طرح مثل هذا الموضوع إنما هو خطوة في النقد البناء الغرض منها محاولة تصحيح بعض الأوضاع التي كما قلت يمكن أن تظهر في هذه الصحوة المباركة
لكن قبل أن أبدء في الفقرات التالية لا بد أن انبه إلى نقطة هامة هي أننا سنتكلم في الغالب على شكل نقاط وهذا في نظري أقرب للعلمية وأبعد عن الانشائية ثم إن الكلام أيضا سيكون مختصرا وقد يكون أيضا مجرد إشارات سريعة والحر تكفيه الإشارة
ولو توقفنا عند كل نقطة لطال بنا المقام فمثلا المظاهر، مظاهر هذا المرض التي سأذكرها إن شاء الله أربعا وعشرين مظهرا والأسباب على النصف من ذلك وغيرها ولو توقفنا عند كل نقطة بتفصيل أو بذكر كثير من الأدلة فيها أو كلام السلف لطال بنا المقام ولاحتجنا إلى وقت طويل في هذا المجال
ما الذي نريده من معنى الالتزام الأجوف؟
الالتزام الأجوف هو أن ترى الشخص ظاهره الالتزام ومع ذلك عنده تقصير في العبادة أيا كان نوعها سواء بترك الفرائض أو أدائها على كسل وعدم لذة أو ترك النوافل أو كثير منها ، إذا هذا هو معنى الالتزام الأجوف
يمكن أن نسمي هذا المرض في الحقيقة يمكمن أن نسميه ظاهرة لأنه بدأ ينتشر عند كثير من الشباب ولهذا المرض أسباب سنذكرها – كما قلت سابقا – إن شاء الله باختصار
مظاهر هذا المرض
أولا النوم عن الصلاة المكتوبة خصوصا صلاة الفجر وصلاة العصر ، تجد أن الشاب سيماه الالتزام وملتزم ظاهرا ، قصير الثوب ، كث اللحية – إن كان كان هناك لحية - ، ومع ذلك صلاة الفجر وصلاة العصر من المقصرين فيها ، وذلك لأن هاتين الصلاتين تأتيان بعد نوم فيثقل عليه القيام لهما والاستيقاظ لأدائهما فيتركهما أو يصليهما في المنزل ، يأتي من العمل أو من المدرسة أو من الجامعة متأخر ثم يتناول طعامه ثم بعد ذلك يخلد إلى الراحة ويترك الصلاة
2- من المظاهر أيضا أن ترى الشاب الملتزم لا يخشع في صلاته وكونه لا يخشع في صلاته لا نقصد أنه لا يخشع في صلاة واحدة أو حتى في صلاتين ، وإنما أصبح هذا شيئا معتادا عنده وشيئا مستمرا إلا في النادر ، ولا شك أن الله سبحانه وتعالى عندما ذكر أوصاف المؤمنين قال ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) المؤمنون (1 -2 ) ، فهذه أولى صفات المؤمنين وإذا كان يريد هذا الأخ أن يكون مؤمنا حقا فعليه بالخشوع في الصلاة
3- من المظاهر أيضا عدم التبكير للصلاة ، وعندما أقول عدم التبكير للصلاة أقصد صلاة الجماعة وأيضا صلاة الجمعة ، وبإمكانك بارك الله فيك أن تبكر في مرة من المرات – وأرجو أن تبكر دائما – لكن حتى تتأكد مما أقول بكر ولو مرة ثم بعد ذلك ستجد الداخلين إلى المسجد من الملتزمين من المتأخرين ، متأخر عن صلاة الجمعة لا يأت إلا قرب دخول الخطيب ، أو متأخر عن صلاة الجماعة بحيث أنه لا يأت إلا قرب الإقامة بل أحيانا تفوته الركعة أو الركعتان
4- من المظاهر أيضا عدم أداء النوافل من صيام نافلة أو قيام ليل أو سنة راتبة أو غير ذلك من النوافل ، فتجد أن قيام الليل ثقيل عليه إن كان يقوم أصلا بل أحيانا لا يقوم الليل بالكلية ويرى نفسه من عداد الملتزمين!!!!
5- من المظاهر أيضا عدم قراءة القران وحفظه، ولا شك أن قراءة القرآن من أهم وسائل الثبات على دين الله سبحانه وتعالى وذلك لما يحوي القرآن من المثبتات ، فهو تارة يقص قصص الأنبياء والمرسلين وما يكابدونه في هذا الطريق ، وتارة يصف الجنة أو يصف النار وتارة يبين طبيعة هذا الطريق وأنه لابد من الابتلاء في هذا الطريق وأن هذا الطريق لابد له من تحمل وصبر وغير ذلك
6- من المظاهر أيضا ترك الأوراد والأذكار فتجد أنه لا يذكر الله سبحانه وتعالى إلا قليلا ، وهذه ولا شك – نسأل الله سبحانه وتعالى العافية – من صفات المنافقين ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم ( سبق المفردون " قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : " الذاكرون الله كثيرا والذاكرات " )
7- من المظاهر أيضا مظهر أرجو الانتباه إليه جيدا وهو سوء الأخلاق والمعاملة ، نجد أن الشخص ملتزم ظاهره كذلك – ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون كذلك – لكن تجده سئ الخلق وهذا يظهر في المنزل أولا ، سئ الخلق مع والديه ، سئ الخلق مع إخوانه وأخواته وأهل بيته ، مع أقاربه وأيضا سئ الخلق في مدرسته في جامعته في عمله ، في أي مكان وإذا عامل الناس عاملهم بشدة وبعدم سماحة وعدم لين ، فلا تجده سمحا في البيع ولا سمحا في الشراء بل يأخذ الذي له وقد لا يعطي الذي عليه وإن أعطى أعطى بمنة ، ولا شك أن مثل هذا ليس من صفات الشاب الملتزم
8- من المظاهر أيضا عدم تقبل النصيحة ، فبمجرد أن تتطوع وتهدي إليه نصيحة يتبرم ويضيق صدره ويتمنى أن لو لم يسمع مثل هذا الكلام ، وقد يرى أن مثل إهداء النصيحة فيه تصيد لعيوبه ، ويرى أنه اتهام له ، أو أنه غير مرغوب فيه في هذه الجماعة ، أو غير ذلك من الأشياء التي يمكن أن يفسر بها هذه النصيحة
9- من المظاهر أيضا حب التسيب وعدم الانضباط ، تريد المسألة بخلاصة " فوضى " إن أتى للشباب مثلا ، للمكتبة ، لحلقة تحفيظ القرآن ، لأي مكان يأتي إذا أراد وأيضا يريد أن يخرج إذا أراد ، لا يريد الانضباط في درس مثلا ، في حضور محاضرة ، في الانضمام لبرنامج حفظ القرآن مثلا ، لحفظ أحاديث السنة ، لحضور دروس علمية أو غير ذلك ، لا يريد الانضباظ في هذا ، يريد بخلاصه أن المسألة تكون على مزاجه وما يسمح به وقته
10- ومن المظاهر أيضا إضاعة الوقت فيما لا فائدة فيه ، من المحزن جدا أن ترى كثير من الشباب تضيع عليهم أوقات كثيرة جدا وبلا فائدة ، واسمحوا لي أن أضرب مثال قد يكون من واقع الشباب وهو مثلا إذا أراد شاب من الأخوة أن يذهب إلى السوق لشراء بعض حاجياته من السهل جدا أن يذهب إلى زميل له من الشباب ويقول تذهب معي إن شاء الله إلى السوق ، وإذا امتنع ذلك الشخص من الذهاب معه صار في نفسه شئ على هذا وربما حاول في هذا الشخص حتى أقنعه بالذهاب معه لشراء حاجياته هو وهذان الشابان ارتكبا خطأ ؛ الأول ارتكب خطأ لأنه صادر أوقات الاخرين مع أنه يريد شراء حاجياته هو ، والثاني أخطأ لأنه أضاع وقته هدرا وذهب مع هذا الشخص لشراء حاجياته هو ؛ الثاني ماله وللذهاب إلى السوق؟!!إلا لمجرد الانبساط والاستئناس أو إدخال السرور في نفس ذلك الشخص
طيب هل هذا من إدخال السرور في قلب المسلم وتحتسب الأجر عند الله سبحانه وتعالى ؟ نقول ياأخي وازن بين المصالح والمفاسد ، لو أن الشاب سار في مثل هذا الطريق لضاعت أوقاته سدى بمثل هذا التصرف وبمثل هذا التفكير
أيضا تجد أن بعض الشباب ينشغل بأوقات كثيرة ويضيع وقته في شئ قد لا يكون مباحا فقط بل أحيانا قد يكون محرما ، فمثلا بعض الشباب ينشغل بالغيبة ، إذا احتمعوا بدأت الغيبة في مجتمعهم وياويل من ينكر ويقول أن هذه غيبة لأنه نغص عليهم سرورهم وأبعدهم عن الكلام في مثل هذا الموضوع ، سواء الغيبة غيبة لأناس ملتزمين أو علماء أو غيبة لمدرسين أو غيبة لمدير المكتب في العمل أو غيبة لأشخاص اخرين أيا كانوا
11- من المظاهر أيضا كثرة الضحك ، في الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجة وسنده جيد إن شاء الله ( لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ) كثرة الضحك تميت القلب وما رأيك في إنسان مات قلبه !
12- من المظاهر أيضا الانشغال بالملهيات ، وهذه أيضا مصيبة ، انشغلال بأشياء لا تقدم ولا تؤخر مثل الانشغال بمتابعة الرياضة والاهتمام بها ، أو الانشغال بقراءة الصحف والجرائد بكثرة بحيث لا يكون له مقصد إلا مجرد الاطلاع وجرد إضاعة الوقت فقط ؛ الانشغال بالألعاب التي تأتي في الحاسب الالي مثلا ، أو مجرد الانشغال بالحاسب الالي لأشياء غير مفيدة ولا يترتب عليها فائدة ويقض معه الوقت الكثير ويظن أن في هذا مصلحة وهو يضيع وقته بلا فائدة
13- من المظاهر أيضا عدم الجد في طلب العلم ، كثير من الشباب هداهم الله يبتعدون عن الأجواء العلمية بقدر الإمكان ، يحبون أجواء المرح أجواء الرحلات ، الكلام والتحدث مع الاخرين ، لكن شئ علمي محدد هذا قد يصعب عليهم أحيانا
13- من المظاهر أيضا التعلق بغير الله سبحانه وتعالى كأن يتعلق بشخص ما ولا يلزم من هذه الكلمة أن يكون التعلق بأمرد أو غير ذلك
وحتى لا يفهم مثل هذا الفهم ، التعلق ممكن أن يكون بشخص غير أمرد ، قد يكون برئيس المجموعة مثلا ، أو التعلق بشخص حافظ للقرآن ، ويمكنك أن تدرك أن هذا تعلق أو محبة في الله سبحانه وتعالى بأن ترى هل ينقص حبك له بنقصان إيمانه أم لا ؟؟ هذا ضابط ،، ممكن في ضوابط أخرى لكن هذا يمكن أن يكتشف لك ولو شيئا من هذا
14- من المظاهر أيضا الاهتمام بالمظاهر ، يهتم بمظهره يهتم بلباسه اهتماما فوق المعتاد ، يهتم بمركبه اهتماما فوق المعتاد ، يمضي الأوقات بهذا المظهر ، ولا تستغرب إن قلت لك أن هناك من الشباب من يذهب يوميا إلى المغسلة لمجرد كي ثيابه يوميا
نعم إن الله جميل يحب الجمال ولابد من المظهر الحسن والإنسان بطبعه يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا ، لكن الاهتمام بهذا الشئ على حساب المخبر هذا هو الذي لا نريد
15- من المظاهر أيضا عدم إنكار المنكر والله المستعان ، لن يقف الإنسان ساعة إلا ويمكن أن يرى منكرا سواء في البيت في السوق بل في العمل واضرب لك مثال صغير جدا ، إذا دخلت البيت إما أن تجد تلفازا وقد تجد خادمة أو قد تجد سائقا في المنزل ؛ في السوق ستجد مدخنا ، ستجد حالقا للحيته إلى غير ذلك ، وهذا أيضا في العمل وزد في العمل أنه قد يكون هناك كلام منكر من الغيبة أو غير ذلك من الأشياء ، ومع ذلك هذا الشخص يلتزم الصمت ويكتفي بالإنكار بالقلب ويقول هذا أضعف الإيمان ، ونقول لا ! بل عليك أن تنكر بلسانك ما دمت تستطيع ذلك
16- من المظاهر أيضا إخلاف الوعد ، وهذه مشكلة تحتاج إلى حل ، ويكفي الإنسان الملتزم الذي يحب الله سبحانه وتعالى ويحب رسوله صلى الله عليه وسلم أن نذكره بأن إخلاف الوعد من آيات المنافق ، علامة من علامات النفاق
17- من المظاهر أيضا عدم التخلص من رواسب الجاهلية ، يعني عندما كان غير ملتزم ثم التزم بعد ذلك لم يتخلص من الأشياء التي كانت عنده سابقا قد يكون عنده مثلا أشرطة فديو ومجلات أو أشرطة مسجلات أو غير ذلك ، بل قد يكون عنده أصدقاء غير طيبين أصدقاء يمكن أن نسميهم أصدقاء سوء ومع ذلك لا يتخلص منهم قد يكون بحجة أنه يريد دعوتهم مثلا أو بحجة أشياء أخرى ، المهم أن عدم التخلص من هذه قد تكون سببا في انتكاسه بعد ذلك – نسأل الله العافية –
18- من المظاهر أيضا عدم الورع والوقوع في الشبهات ، سهل جدا أن يقع في الشبهات وعندما تقول له في ذلك يقول لك سؤالا صغيرا محددا يقول هل هذا حرام ؟!! تقول ياأخي المسالة ليست مسألة حرام هذا فيه شبهة ، يقول ما يهم تقول لي حرام اتركه أو أنه حلال ، ولا ينتبه للحديث أن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات
19- من المظاهر أيضا تتبع الصيد ، واعلم أن هذا قد يغضب الكثير من الأخوة ، لكن قبل أن يغضبوا أخبرهم بحديث في مسند الإمام أحمد وعند أبي داوود والنسائي والترمذي يقول صلى الله عليه وسلم ( من بدا جفا ومن اتبع الصيد غفل ) من بدا جفا يعني من سكن البادية جفا ، ومن اتبع الصيد غفل وهذا يكفيهم
20- من المظاهر أيضا عدم صلة الرحم ، إما لطول الزمن ، لم يرهم منذ زمن بعيد ولذلك يتثاقل في زيارتهم ويخجل ، أو لبعد المكان قد يكون في مكان بعيد يبعد عليه فيتكاسل ويترك هذا الشئ ، أو لخلافات بين الأقارب أو لأنه يخجل أن يكلمهم بعد طول زمان ويقول لو كلمتهم لقالوا ماذا يريد ! ولم يفهموا أني أقصد صلة الرحم فقط ، المهم أنه يترك صلة الرحم لأي غرض من الأغراض أو لأي سبب من الأسباب لتي ذكرنا أم لم نذكر ، وينسى أن الرسول صلى الله عليه وسلك قال ( لا يدخل الجنة قاطع ) هذا حديث صحيح في البخاري ومسلم ، وأيضا في الحديث الاخر عند البخاري ( من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليصل رحمه )
21- من المظاهر أيضا التقصير في تربية الأولاد والأهل أقصد الزوجة والأولاد ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم (6) ويقول صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) فيقصر في الأولاد بحجة الانشغال مع الشباب ، الانشغال في أمور الدعوة ، الانشغال بأي شئ اخر ويترك أولاده هملا ولذلك يمكن أن تجد أولاده فيهم من التقصير وقد يكون فيهم من الفساد شئ نتيجة تقصيره في هذا المجال
22- من المظاهر أيضا السهر إلى ساعات متأخرة بالليل ونسي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها
23- من المظاهر أيضا الولع بالخصام وكثرة المجادلة مع أن العلماء قالوا أن هذه من سبب نسيان العلم ، وأقول أيضا انها نقسي القلب وتضيع الوقت فيما لا فائدة فيه
هذه بعض المظاهر التي يمكن إذا وجدت أن تعرف أن هذا الشخص التزامه أجوف أم لا ، وكما قلت سابقا أنه لا يعني وجود مظهر واحد من هذه المظاهر أن هذا الشخص التزامه أجوف لكن بالتأكيد أنه عنده شئ من الخلل ولو كان يسيرا
أسباب هذا المرض
أولا الوقوع في المعاصي ولا سيما الصغائر يقول الله سبحانه وتعالى ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ) الشورى (30) ، قال الضحاك رحمه الله ( ما نعلم أحدا حفظ القرآن ثم نسيه إلا بذنب ) ثم قرأ الاية السابقة ، وسأل رجل الحسن فقال يا أبا سعيد إني أبيت معافى وأحب قيام الليل وأعد طهوري فما بالي لا أقوم ؟ فقال " ذنوبك قيدتك " ويقول الثوري ( حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته ) اسمع لهذا الذنب ، ترى ما هو هذا الذنب ؟ قال ( رأيت رجلا يبكي فقلت هذا مرائي ) !! ، ويقول أبو سليمان الداراني ( لا تفوت أحدا صلاة ُالجماعة إلا بذنب وفي الجواب الكافي لابن القيم ذكر أن من اثار المعاصي حرمان الطاعة
2- من الأساب أيضا التوسع في المباحات سواء من الطعام أو الشراب أو الملبس أو المركب أو المنكح أو النوم أو نحوه ، وذلك لأن هذا التوسع يورث الركون والكسل والتفريط في العبادة ، بعض الشباب يكون حديثهم في مجالسهم عن أشهر المطاعم ، أشهر الوجبات وأفضل الوجبات الموجودة وغير ذلك ، وهذا لا شك أنه توسع في المباحات ، لو قلت شئ يقول هل هذا حرام ؟ ويكتفي بهذا السؤال
3- من الأسباب أيضا انعدام المجاهدة وإيثار الراحة ؛ العبادة يا إخوة فيها مشقة والمشقة تحتاج إلى بذل الجهد وبذل الجهد بكثرة هو المجاهدة فمن انعدمت المجاهدة عنده لم يستطع أداء العبادة يقول الله سبحانه وتعالى ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) العنكبوت (69) وترك المجاهدة سببه إيثار الراحة وعلى هذا فإيثار الراحة يؤدي إلى ترك المجاهدة وترك المجاهدة يؤدي إلى ترك العبادة
4- من الأسباب أيضا اعتقاد أنه ليس بحاجة إلى الإكثار من العبادة بحجة انها نوافل ولن يسأله الله سبحانه وتعالى عنها ويتهاون بسبب ذلك فيها ، فيتهاون بالنوافل والتهاون بالنوافل يؤدي بالتالي إلى التهاون بالفرائض وإلى التفريط فيها – نسأل الله العافية - ؛ الذي يقوم الليل يسهل عليه قيام الفجر لكن الذي يشق عليه قيام الليل قد يصعب عليه فيما بعد أن يقون لصلاة الفجر
5- من الأسباب أيضا الرضا عن واقعه الذي هو فيه ، يقولون إن أهم وسيلة للعلاج هو اكتشاف المرض فإذا كان هذا المقصر راضيا عن ما هو عليه فكيف يجتهد في العبادة ، إنه لم يرى نفسه مقصرا حتى يجتهد ، الرضا عن واقعه سيدفعه بالتالي إلى الاستمرار في البعد عن العبادة
6- من الأسباب أيضا عدم إدراك خطورة ترك العبادة أو التقصير فيها ، لو علم هذا الانسان أنه ربما ينتكس وينحرف إذا لم يحصن نفسه بالعبادة ، لو علم هذا لما ترك العبادة أو قصر فيها ، والشيطان لا يأتي للملتزم مباشرة يقول له اترك الفرائض أو اعص الله سبحانه وتعالى بمعصية من الكبائر ، وإنما له خطوات يأتي له في البداية بترك الرواتب بترك النوافل حتى يتوصل بعد ذلك إلى تثقيل الفرائض والتأخر عنها ثم تفوته ركعة ثم ركعتان ثم يتهاون بها حتى أحيانا يصليها في البيت
7- من الأسباب أيضا عدم إدراك الأجر العظيم للمحافظة على العبادة ، لو استشعر هذا الأخ فضل صيام النافلة وما فيه من الأحاديث والاثار ، وفضل قيام الليل وما فيه ، وكثرة قراءة القران وما فيها من الأجر ، وكثرة الذكر عموما ، لو استشعر هذه الفضائل لما تركها وفرط فيها ، يقول ابن الجوزي ( من لاح له فجر الأجر هان عليه ظلام التكليف )
8- من الأسباب أيضا طول الأمل ونسيان الموت ، لو أن أخانا تذكر الموت وأنه مفاجئه في أي لحظة لما فرط في العبادة ، لو تفكر في الأهوال والشدائد التي تكون مع الموت وبعده وتكون في يوم القيامة لتحمل الشدائد وجاهد نفسه بآداء العبادات المتنوعة
9- من الأسباب أيضا سبب مهم جدا وهو كثرة المشاغل ، الإنشان في زحمة العمل وكثرة الأعباء قد يهمل في العبادة بحجة أنه ليس عنده وقت وأنه لا بد من إنجاز هذه الأعمال ويقول إن لم أنجزها أنا من ينجزها ، وهذا يكفي أن نقول له شيئا صغيرا جدا ، نقول يا أخي وقتك وجهدك ملك لله سبحان وتعالى والمطلوب الأعظم منك هو عبادة الله ثم نقول له ثانيا أن من أقبل على الله بعبادته بارك الله له في وقته ومده بقوة في جسده وإرادته فيستطيع بإذن الله الجمع بين الشيئين
10- من الأسباب أيضا التسويف فمن سوَّف سيستمر على هذا وكل يوم غدا وهكذا حتى تصبح العبادة ثقيلة وشاقة عليه لذلك يقول صلى الله عليه وسلم ( اغتنم خمسا قبل خمس حياتك قبل موتك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك ) رواه الحاكم والبيهقي في الشعب وصححه الألباني في صحيح الجامع
11- من الأسباب أيضا القدوة السيئة ، قد يكون سبب ترك العبادة أنه يرى من بعض القدوات إهمال في العبادة وتفريطا فيها ‌، قد يكون هذا القدوة أخ له أو قريب له أو حتى رئيس المجموعة أو غير ذلك ، يرى منه تفريطا في العبادة فيقلده في ذلك ويقول إذا كان فلان وهو فلان عمل هذا او ترك هذا فأنا من باب أولى ونسي أن كل إنسان محاسب لوحده وأن هذا القدوة قد يكون مقصر في عمل ما ولكنه عوضه في عمل اخر ، قد يكون مقصر في الصيام وقد يكون له عذر في هذا التقصير ، لكنه عوض في جانب اخر كقراءة القرآن مثلا وهكذا ، أما هذا الملقد ففرط في هذا وقصر في ذاك وترك كل شئ
12- من الأسباب أيضا عدم نصيحته من قبل الاخرين ، قد يكون السبب في ترك العبادة هو أن هذا الشخص قد لا يتلقى نصيحة من أحد من إخوانه وبالتالي يرى أنه غير مخطئ وغير مقصر فلا ينتبه لهذا المرض ولا يكتشفه ، وهذا السبب يختلف عن سبب الرضا بما هو عليه فهنا لم يكتشف هذا الشخص المرض أما سبب الرضا بما هو عليه فاكتشف المرض لكنه اقتنع بواقعه ، وقد يكون لم يقتنع بأنه مرض وقد يكون اقتنع بأنه مرض لكنه يرى أنه من الصعب عليه أن يتركه ولذلك يرضى به
13- من الأسباب أيضا اختلاط المفاهيم عنده ، فيؤثر الراحة ويبتعد ويتهاون في أداء العبادة بحجة أنه لا يريد الغلو في الدين ، وربما أيضا أعطى شيئا من الحرية والانبساط الكثير بحجة الاستجمام وترويح القلب ، وربما أكثر من المباحات بحجة أنه يتقوى بها على طاعة الله ،وربما انهمك في الدنيا واشتغل بها بحجة العمل لاعفاف النفس والكسب الحلال وعدم سؤال الناس
هذه بعض الأسباب التي تؤدي إلى هذا المرض
آثار ترك العبادة
أولا عدم الاطمئنان النفسي إذ أن من أكثر من العبادة اطمأن قلبه كما قال سبحانه وتعالى( الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) العنكبوت (28) وبالمقابل من فرط وأعرض فإن له الضيق والقلق يقول سبحانه وتعالى ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) طه (128)
2- من الآثار أيضا الفتور ثم الانتكاس ؛ العبادة – بارك الله فيكم – هي زاد المسلم إلى ربه فإذا لم يكن له زاد وقف في الطريق ، وإذا ابتعد عن عبادة الله والتقرب إليه بدأ الظلام يدب إلى قلبه فإذا استمر به الحال فإنه سيؤدي والعياذ بالله إلى الانتكاس
3- من الآثار أيضا التساهل بالصغائر وهذا يجره إلى التساهل بالكبائر لأن من ترك العبادة شغلته نفسه بالمعصية ؛ الطاعة حاجز عن المعصية فإذا زال هذا الحاجز وقع الإنسان في المعصية ومعصية تجر أخرى حتى يبدأ التساهل بالكبائر والعياذ بالله
4- من الآثار أيضا عدم توفيق الله له وذلك لأن التوفيق إنما ينال بطاعة الله سبحانه وتعالى فإذا ترك طاعة الله لم ينل توفيقه
5- من الآثار أيضا فقد الهيبة أو التأثير في الناس ، يقول أنا أنصح الاخرين ألقي عليهم مواعظ لكن لا يستفيدوا لا أرى فائدة ، هذا من اثار الالتزام الأجوف لأن من فقد منزلته عند الله سبحانه وتعالى فقد منزلته عند الناس وتعرفون الحديث ( يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قيل يا رسول الله فمن قلة يومئذ قال لا ولكنكم غثاء كغثاء السيل يجعل الوهن في قلوبكم وينزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت ) في اخر الحديث ذكر أن من أسباب هذا الهوان أنهم يحبون الدنيا ويكرهون الموت يعني ابتعدوا عن العبادة
6- من الآثار أيضا عدم الثبات في المحن والشدائد ؛ الطاعة زاد يتقوى بها العبد فإذا فقد هذا الزاد فمن أين يقتات ؟ ، لا يستطيع مجابهة الشدائد والمحن لا سيما إذا ترك العبادة فقد العون من الله سبحانه وتعالى
أهمية العبادة في حياة المسلم
أولا : أن العبادة هي الغاية التي خلقنا من أجلها ، يقول سبحانه وتعالى ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات (56)
ثانيا : أنها الوسيلة لمرضاة الله سبحانه وتعالى خصوصا إذا اقترنت بالاخلاص والمتابعة ، وذلك أن كمال الذل والخضوع لله هو العبادة وهذا يحبه الله سبحانه وتعالى
ثالثا : أن العبادة هي الزاد التي يتقوى بها العبد على طاعة ربه وامتثال أوامره وسهولة تطبيقها ، ولذلك أمر الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالعبادة عند إرادة إلقاء القول الثقيل عليه فقال سبحانه وتعالى ( يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً ، نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ، إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً ) المزمل (1-4) فكأن هذه الاية الأخيرة بمثابة التعليل لما قبلها يعني لأننا سنلقي عليك قولا ثقيلا قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا إلى اخر الايات
رابعا : أنها أًًًُمر بها النبي صلى الله عليه وسلم حتى الممات ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) الحجر (99) ولو لم تكن مهمة لم أمر بها حتى الممات
خامسا : أنها أعلى مقامات المخلوق ، ولذلك نادى الله عبده رسوله صلى الله عليه وسلم في مقام الإسراء مقام عال بلفظ العبودية فقال ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) الإسراء (1)
سادسا : الانشغال بالعبادة يبعد الانسان عن الشيطان وبالتالي يبتعد بإذن الله عن الانتكاس
سابعا : أنها تعطي العبد قوة على مجابهة الشدائد والمحن في الدنيا
ثامنا : أنها تحبب إليه فعل الخيرات وترك المنكرات لأنه يصبح لا يمشي إلا لله ولا يبطش إلا لله ولا يسمع إلا لله ولا يبصر إلا لله وكل عمله لله فيحب كل ما يقربه إلى الله ويكره كل ما يبعده عن الله
تاسعا : العبادة مصدر قوة بدنية للعبد ولذلك قال هود عليه السلام ( وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ ) هود (52) ، وحينما طلبت فاطمة رضي الله عنها من النبي صلى الله عليه وسلم خادما يخفف عنها العمل أرشدها الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عبادة ( فعن أبي هريرة قال جاءت فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما فقال ألا أدلك على ما هو خير من خادم ؟ تسبحين الله ثلاثا وثلاثين وتحمدين الله ثلاثا وثلاثين وتكبرين الله أربعا وثلاثين عند كل صلاة وعند منامك ) . رواه مسلم . كيف تكون العبادة مغنية عن خادم ؟! من هذا الطريق أي أنها تعطي قوة في البدن
عاشرا : العبادة تقود إلى محبة الاخرين للعبد لأن الله سبحان وتعالى سيحبه فإذا أحبه نادى جبريل أني أحبه فيحبه جبريل ثم تحبه الملائكة ثم يوضع له القبول في الأرض
الحادي عشر : أن العبادة وقاية من الفتن كما قال صلى الله عليه وسلم ( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل ) صحيح الجامع 2814
الثاني عشر : أنها تقود إلى العلم وذلك أن من أراد العبادة أحب أن تكون صائبة فيحرص على تعلم أركانها وكيفيتها وآدابها وما يبطلها
الثالث عشر : تحصيل لذة العبادة ؛ كيف تكون العبادة وسيلة لتحصيل لذة العبادة ؟! لأن كل عبادة ستدعو أختها حتى يحب هذا العمل ويتلذذ به
الخامس عشر أن العبادة والقيام بها سياج رباني تحمي الالتزام الحقيقي من أن يدخل فيه ما ليس منه ، وذلك لأنها تحتاج إلى مشقة ومجاهدة ولا يعمل هذين الشيئين إلا الصادق أما الكاذب لا يستطيع الدخول يحجزه هذا السياج
صور من حياة العباد
أشد الناس عبادة لله سبحانه وتعالى هو الرسول صلى الله عليه وسلم وبهذا هو يقول ( أنا أتقاكم لله وأعلمكم بحدود الله ) صحيح الجامع 1448 ، ولم يكن غفران ذنوبه صلى الله عليه وسلم داعيا له لترك العبادة بل كان سببا في استمراره عليها وعندما قيل له في ذلك قال ( أفلا أكون عبدا شكورا ) ، فهو صلى الله عليه وسلم يقول لبلال ( يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها ) صحيح الجامع 7892 والصلاة عبادة ، ويدخل بيته فلا يجد طعاما فيقول ( فإني إذا صائم ) ، وكان يصوم حتى يقولون لا يفطر ويفطر حتى يقولون لا يصوم ، ويكثر من قيام الليل ، وكان يجلس في المسجد حتى تطلع الشمي يذكر الله سبحانه وتعالى ، وكان يقول ( توبوا إلى الله تعالى فإني أتوب إليه كل يوم مائة مرة ) صحيح الجامع 3005 ، وكل حياة الرسول صلى الله عليه وسلم عبادة ولذلك أخذ صحابته ذلك منه
فهذا أبو بكر رضي الله عنه يدخل من أبواب الجنة الثمانية ، وهذا عمر يقول أصحاب السير أن في خديه خطين من البكاء ، وهذا عثمان ينفق أمواله في سبيل الله ، وعلي وطلحة وغيرهم ‌ كثير ، وعبد الرحمن بن عوف يقدم له الطعام وهو صائم فيتركه عندما يتذكر ( أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا ) ، وهذا أسيد بن حضير يتلو القرآن حتى تنزل عليه الملائكة ، وهذا أبو موسى رضي الله عنه يتلو القرآن بالليل فيسمعه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا معاذ بن جبل حينما حضرته الوفاة يقول ( إنما أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر ) يعني لا أبكي لفقد الدنيا وما فيها ولكن أبكي على ثلاثة أشياء أبكي على ظمأ الهواجر يعني أني كنت أصوم في اليوم الشديد الحر حتى أظمأ في الهاجرة وهذا كنت أريده لله سبحانه وتعالى فأنا أبكي على هذه العبادة التي ستفوت بموتي ، وأيضا على قيام ليل الشتاء مع برده وطوله وأيضا مزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر ، وهذا ابن تيمية يقول ( إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الاخرة ) ، وابن تيمية كان يجلس يذكر الله سبحانه وتعالى حتى يضحي فقيل له في ذلك فقال ( هذه غدوتي لو لم أتغداها لسقطت قواي ) ، ويقول اخر ( مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها ، قيل له وما أطيب ما فيها قال محبة الله و معرفته و ذكره ) ، يقول محمد أحمد الراشد في كتاب الرقائق ( لئن توهم الدنيوي جناته في الدنيا والنساء والقصر المنيف فإن جنة الدنيا في محرابه )
أخيرا ما العلاج
العلاج باختصار
أولا : تدبر القرآن والسنة وما فيهما من ثواب للطائعين وعقاب للعاصين
ثانيا : اجتناب الصغائر بقدر الإمكان وأقول بقدر الإمكان لأنه لا يمكن اجتناب الصغائر مطلقا يقول صلى الله عليه وسلم ( إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه )
ثالثا : التوسط في المباحات
رابعا : محاولة التوفيق بين زحمة العمل والقيام بالطاعات
خامسا : مجاهدة النفس وتربيتها على الجد والحزم
سادسا : ملازمة الجماعة والعيش في وسط صالح فإن مثل هذا يقوي العزيمة على طاعة الله سبحانه وتعالى
سابعا الاستعانة بالله عز وجل فإنه يعين من استعان به
ثامنا : معرفة واجبنا في الدنيا واعتبار الدنيا مزرعة للاخرة
تاسعا : عدم الاغترار بأحد ولا بد أن تعرف أنك ستحاسب وحدك
عاشرا : قراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسير صحابته وسير السلف الصالح العباد العلماء
الحادي عشر : لا بد أن يتذكر الموت وما بعده من أهوال
الثاني عشر : لا بد أن تتذكر تقصيرك ولا بد أن تتهم نفسك
الثالث عشر : الدعاء ادع الله سبحانه و تعالى أن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته ولا تقصر في الدعاء
أخيرا : أقول لا بد من التقصير لأنه بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ليس هناك معصوم ولكن لابد أن نعرف أننا إذا أدركنا التقصير لابد أن نبادر بالتوبة وإذا أدركتنا الفترة لا بد أن نبادر أيضا إلى النشاط والجد في هذا المجال
ثم أقول أن هذه المحاضرة ليس فيها إن شاء الله تقليلا للأخوة الملتزمين والأخوة الشباب ، لا بل هم إن شاء الله على خير كثير ، ولكن كما قلت هذه خطوة أولى في طريق النقد البناء لأننا نحب هؤلاء الشباب ومن أحب هؤلاء الشباب لابد أنه يرغب أن يكونوا على مستوى عال من الالتزام
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتجاوز عنا وأن يرزقنا عبادته على الوجه الذي يرضيه عنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
يمكنكم الاستماع إلى المادة على موقعي طريق الإسلام والشبكة الإسلامية

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !