الاقتصاد التركي نموذجا
بقلم د/صديق الحكيم
فاتحة القول :يري البعض أن النموذج الاقتصادي التركي هو الأقرب لمصر من جهات عدة ولابأس في ذلك طالما أننا ننقل من تجربة الأتراك مايفيد في نهضتنا لذا بحثت عن بحث أومقال يلخص لغير المتخصص في الاقتصاد مثلي ماذا الذي حدث في الاقتصاد التركي ؟
فوجدت ضالتي في دراسة حديثة للباحث إبراهيم أوزتورك الأستاذ المشارك في قسم الاقتصاد بجامعة مرمرة إسطنبول منشورة بمركز الجزيرة للدراسات
وجاءت الدراسة التي أحاول تلخيصها تحت عنوان " الاقتصاد التركي وعقد التحولات الكبرى" حيث يري الباحث أن الاقتصاد التركي مر بعملية تحول كبيرة طيلة السبع سنوات الواقعة في الفترة ما بين الأزمة الاقتصادية الداخلية سنة 2001 والأزمة الاقتصادية العالمية سنة 2008.
وقد انعكس هذا التحول علي المؤشرات الاقتصادية على النحو التالي:
(1) قفز الناتج القومي الإجمالي (GDP) بين عامي 2002- 2008 من 300 مليار دولار إلى 750 مليار دولار، بمعدل نموسنوي بلغ 6.8 %. (لاحظ الناتج القومي الإجمالي لمصر 235 مليار دولار 2011)
(2) قفز معدل الدخل الفردي للمواطن في نفس السنة من حوالي 3300 دولار إلى حوالي 10.000 دولار.
(لاحظ معدل الدخل الفردي للمواطن 6600 دولار في 2011)
(3) تحققت مستويات ملحوظة من توزيع العائدات.
(4) تجاوزت الدولة إلى حد كبير المشكلات المتعلقة بالاختلالات الناتجة عن الاقتصاديات الأساسية الكبيرة مثل العجز والتضخم. (لاحظ أن مصر تحتل المرتبة 195 في العجز بالنسبة للناتج القومي)
(5)تحسنت أجواء الاستثمار، حيث دخلت تركيا بين أكثر الدول جذبا للاستثمار الخارجي.
"وبذلك أصبحت تركيا في المرتبة السادسة عشرة ضمن ترتيب أكبر الاقتصاديات على المستوى العالمي، والسادسة على المستوى الأوروبي، وبذلك ضاقت الفجوة ولأول مرة بهذه النسبة بين معدلات التنمية التركية ومعدلات التنمية الأوروبية"
والسؤال الآن ما الذي فعله الأتراك ؟
لقد بدأت تركيا بسلسلة من الإصلاحات في اتجاه اقتصاد السوق سنة 1999 برعاية من صندوق النقد الدولي، والتي ترافقت بشكل متوازي مع وجود مشاكل اقتصادية أدت إلى إضعاف الاقتصاد التركي، وبالرغم من وجود بعض الإشارات التي دلت على أن الأمور تسير على ما يرام في مطلع سنة 2000، إلا أن هذه السلسلة من الإصلاحات قد انتهت بأزمة عميقة سنة 2001، وكان من مظاهرها:
انخفاض معدل النمو وزيادة معدلات التضخم وارتفاع العجز في خزينة الدولة إلى درجة لا يمكن التحكم بها وارتفاع سعر الفائدة وعدم استطاعة القطاعات الاقتصادية في الدولة تحمل هذه التغيرات وتردي أوضاعها
وبعد مجيء حزب العدالة والتنمية للحكم حدثت النقلة النوعية التي نبحث عنها فماذا حدث ؟
تم تغيير قسم كبير من الافتراضات والمبادئ الأساسية التي اعتمد عليها برنامج صندوق النقد الدولي، ومنها الاعتماد على نظام الصرف الثابت عوضا عن نظام الصرف المرن، وتم التزود باحتياطي خارجي بلغ ما يقارب 25 مليار دولار من أجل ضمان نجاح البرنامج، ومن هنا بدأت موجه كبيرة من الإصلاح تجتاح القطاعات المالية والإدارية.
خاتمة القول :كان هذا جهدي في تلخيص هذه الدراسة المتميزة والتي تدلنا علي أن التغيير يحتاج إلي إرادة قوية أولا ثم تم تغيير قسم كبير من الافتراضات والمبادئ الأساسية التي كانت سببا في إنتاج المشكلة ومن الدروس المهمة أيضا في التجربة التركية البعد عن برنامج صندوق النقد الدولي، والبحث عن التمويل والاستثمار في محيطنا العربي وهي الخطوات التي بدأ بها الرئيس عندما زار السعودية وبعدها جاءت دعوة أمير قطر لزيارة مصر وقبلها مجئ كلينتون وكاترين أشتون إلي مصر عارضين خدماتهم من أجل مصالحهم
عاشت مصر حرة قوية مطلقة الإرادة
للتواصل مع الكاتب (227) sedeeks@yahoo.com
التعليقات (0)