الاغتصاب السياسي!:
كان الظهور العلني الجريء للفتاة الليبية المغتصبة من قبل ازلام نظام المعتوه القذافي وهي تصف بشاعة ماحدث لها،اثره الفعال في تهييج المشاعر المعادية ليس لهذا الطاغية وعصاباته الاجرامية فحسب وانما لهذا العمل المشين،وقد احسنت عملا في فضحهم خاصة من خلال الاستفادة من تواجد وسائل الاعلام الاجنبية التي نقلت الحدث مباشرة للعالم محدثة ضجة عالمية تعيد الى الاذهان قصص عشرات الالاف بل الملايين المنسيين من الضحايا الاناث او الذكور المغتصبون سواء في العالم العربي من قبل الاجهزة القمعية او على مدار التاريخ السياسي الاسود للبشر !!... وهذه الحادثة لا تشكل سوى عينة عشوائية بسيطة من مأساة اغتصاب الاوطان والشعوب وتحويلهما الى دمية يتلاعب بها المتلاعبون!...هذه الحوادث يتم تجاهلها او التستر عليها عن عمد! ولكن للتذكر بعظم المأساة يمكن المقارنة الاليمة مع حال الدول المتقدمة التي يسقط الرئيس او المسؤول لاتفه الاسباب التي لا تقارن نهائيا بتلك الجرائم،ويمكن الاستدلال ايضاعلى مقدار رخص الانسان وكرامته وشرفه في وطنه السليب!.
السياط الصارمة!
ان امثال تلك القصص الواقعية والتي لا تحتاج الى اثبات او نفي بسبب شيوعها في العصر الحديث!... ما هي الا سياط دينية واخلاقية وانسانية صارمة بوجه كل من يحاول الدفاع الوقح عن مرتكبي تلك الحوادث والانظمة الراعية لها ولو من باب الجهل والحماقة والسفاهة والتخلف والتوارث الهمجي الوضيع للتقاليد البيئية المتعصبة التي تمنع او تتجاهل الاستدلال المنطقي والعقلي على كل حادثة او فكرة!.
لو نقلت ونشرت امثال تلك الوقائع الوحشية بأي وسيلة كانت سواء بمواد مطبوعة او صوتية او مرئية، ولو تم تداولها بشكل علني على جميع البشر لوجدنا ملايين مستمرة في تأييدها لمرتكبي تلك الافعال وانظمتهم الاستبدادية الفاسدة او يتغاضون الطرف عنها بحجج واهية!!...فهل هنالك من استدلال بسيط على مقدار همجية ووحشية وتخلف هؤلاء السفهاء؟! بل وتخلف وانحطاط المجتمعات التي تقبل تلك الجرائم ولو بصورة ضمنية زائفة!...
لا نشير الى مرتكبي تلك الجرائم الارهابية والتي يقومون بها بشكل قانوني والدولة تدفع لهم المرتبات والمزايا الاضافية! فذلك شيء من البداهة لا يمكن الخوض به او الدفاع عنه مهما كانت الاسباب المؤدية لارتكاب الفعل!...ولكن الاشارة والادانة تبقى لمن يؤيد علنيا او ضمنيا لكل هذه الجرائم المخزية والتي يرفضها الضمير الانساني الحي كما ترفضها كافة الشرائع السماوية والانظمة الوضعية!.
التاريخ السياسي للاغتصاب!
ليست تلك الحادثة هي جديدة على الانظمة السياسية المعاصرة! فقد قام بها وبجدارة اسلافهم السابقون وقد نشر ذلك على صفحات التاريخ السياسي الاسود!...ولم يخلو تاريخ امة من الامم من جرائم الاغتصاب بل شاع ايضا اتساع دائرة المأساة بحيث اصبحت جرائم جماعية سواء من قبل الجناة او عدد الضحايا!.
الاغتصاب السياسي:هو الانتهاك الجنسي من قبل الدولة واعوانها للضحايا سواء اكانوا معارضين ام ابرياء تحت اي عذر يتبجح به الجناة.
ويتم استغلال حالة الاغتصاب في تدمير شخصية الضحية او اسكاتها او تهديد المعارضين الاخرين ،مع استغلال حالة الخوف في البوح بتلك المسألة الحساسة!.
وقد انتشرت تلك الجرائم بصورة خاصة في اوقات الحروب والنزاعات الداخلية والخارجية كما انه كلما ازداد الطغيان ازداد ارتكاب تلك الجرائم والعكس صحيح!.
ومن اشهر الجرائم الجماعية في التاريخ الاسلامي هي الاغتصاب الجماعي للنساء في المدينة المنورة عام 683م بعد وقعة الحرة من قبل جيش الخليفة الاموي يزيد بن معاوية حتى قدر عدد اطفال السفاح بأكثر من الف!! ويمكن لنا من خلال ذلك العدد تصور حجم تلك الجريمة الكبرى التي هي مقياس عالي الدقة في وصف كل منحط بأقبح الكلمات والاوصاف الدالة على الانحطاط المركب على كل من يدافع عن المجرم يزيد وجيشه الهمجي وتحت اي عذر،ومهما كانت درجته اوالمبررات التي يسوقها او حتى نوعية اللباس الذي يرتديه للضحك على الذقون!!.
لا يمكن الخوض في التاريخ لسعة حجم تلك الجرائم والاهوال التي تشيب لها الرؤوس وتدمي لها القلوب!...ولكن يمكن الاشارة البسيطة للتاريخ السياسي العربي المعاصر بعد الحرب العالمية الثانية كأول ممارسة علنية وجماعية لم تستثني حتى اصحاب المقامات العالية في المجتمع من ذلك الانتهاك الصارخ!حتى لقد اصبح هنالك مدرسة سياسية عربية من مواصفاتها القمعية هي الاغتصاب السياسي!...
مارسه الحكم الملكي المحافظ في مصر عام 1948 بعد مقتل النقراشي رئيس الوزراء! حين تولى ابراهيم عبد الهادي الحكم وجرى اغتصاب عدد كبير من نساء عوائل الاخوان المسلمين كجزء من حملة الانتقام! ثم تولى المهمة من بعده عبد الناصر وتوسع بها ايضا كجزء من نظامه التحرري البائس الذي مازال يؤيده البعض،فتفوق في الكم والنوع!!...الاشد مرارة وحزننا ان تلك الجرائم البشعة المهولة والتي لم يعاقب الجناة عليها او يعوض الضحايا ويعاد الاعتبار اليهم هي السبب الرئيسي الذي جعل غيرهم ممن يتولون الحكم، يستمرون بنفس المنهج الاجرامي القبيح دون ادنى خوف من المساءلة والعدالة!.
وفي العراق مارسه النظام البعثي بشكل واسع وعلني ودون ادنى حياء او خجل وبطريقة منظمة لكون اغلب المنتسبين للاجهزة الامنية والحزبية هم مجرمين منحرفين من قاع المجتمع ولا يملكون ادنى رادع يمنعهم من ارتكاب تلك الجرائم التي لا تفرق بين انسان واخر مهما كانت نوعية الانتساب السياسي ودرجة القرابة!ولا يمكن الخوض بالتفاصيل المروعة بسبب كونها ظاهرة عامة مورست على مدار عقود من تلك الحقبة الزمنية المروعة وكان عدد الضحايا هو الاكثر على نطاق العالم العربي بلا منازع!...كما ان زميله النظام البعثي السوري اتهم بتلك النوعية من الاجرام وان كان الحجم اقل والتستر اكبر!وايضا مارسه النظام التونسي والسوداني...كما شاع استخدام الاغتصاب السياسي لدى الحركات التكفيرية سواء في افغانستان والعراق والجزائر وغيرها وهي تعكس حالة الانحراف الاخلاقي والجهل بقيمة الدين وشريعته الغراء،وايضا خلال الحرب الاهلية اللبنانية!.
لوحظ ان الانظمة التي تدعي كذبا وزورا، انها ثورية او يسارية مثل النظام الليبي وغيره هي الاكثر ايغالا في ممارسة تلك الاعمال المشينة،كما ان اجهزة الانظمة الملكية مثل المغرب والاردن وبعض دول الخليج قامت به وعلى فترات متباعدة سواء بصورة علنية او سرية!...وتلك الاعمال يتم التستر عليها من طرف الفاعلين بسرية عالية كونها تنسف عمليا كافة الاسس الدينية والاخلاقية لتلك الانظمة الهشة! من خلال قتل الضحايا او اجبارهم على التزام الصمت كوسيلة لارهاب المجتمع في حالة الرغبة في العصيان لان المجتمع الشرقي بعامة هو من اكثر المجتمعات التقليدية التزاما بشرف المرأة والعائلة ومن المهم استغلال نقطة الضعف تلك حسب تصوراتهم الهوجاء!.
ان ذلك العمل المشين المتمثل بالاغتصاب السياسي هو وصمة عار ليس فقط في جبين مرتبكي تلك الجرائم فحسب بل بكافة الانظمة الراعية لها او المؤيدين لها في مشارق الارض ومغاربها،كما ان السكوت عنه يعد مشاركة مباشرة او غير مباشرة في الفعل الجنائي او تأييدا له مما يعني استحقاق كل عقوبة او رفض معنوي يستحق عليه!.
ان الضحايا هم شهداء احياء يجب اعادة الاعتبار لهم ومنحهم كل تعويض وتكريم...
التعليقات (0)