الأعلام الحر يقوم على حرية وسائل الأعلام وحرية الرأي . ولا أريد هنا الدخول في فلسفات السياسات الأعلامية ونظمها ، فتلك لها مجالات خاصة لمناقشاتها من طرف المختصين الأعلاميين بعد الفترة الأنتقالية أو تحريرالبلاد بالكامل وبدء بناء الدولة . وسأحاول في هذا التعليق إثارة بعض الجوانب العملية والأجراءات التي أراها وتقتضيها المرحلة الأنتقالية .الوسيلة الأعلامية بطبيعتها مجال خاص لأنك لا تسطيع أن تجعل جريدة أو محطة إذاعة أو تلفزيون تعبر عن الجمبيع . لهذا حتى الدول العريقة في الديمقراطية مثل بريطانيا تجعل هيئة مستقلة للأعلام الحكومي وتنظيمه وهذه الهيئة لا تسيطرعلى الأعلام الخاص الذي هو أساس الأعلام وحرية الراي في بريطانيا . فمثلا قد تسمح ب.ب.س. البريطانية للمعارضة وأصحاب الرأي بالمشاركة في إبداء رأيها والمناقشة في برامجها ولكن المعارضة في بريطانيا معارضة رسمية كالحكومة تحتل مكانة معترف بها في البرلمان ، أي بمعنى أخر أن ب.ب.س. تعبر عن سياسة بريطانيا الممثلة في البرلمان البريطاني حكومة ومعارضة لكنها لا تعبر عن كل رأي خاص في بريطانيا . أما وسائل الأعلام الخاصة من صحافة وإذاعات راديو وتلفزيون فهي ميزة الأعلام الحر في بريطانيا وتعبر بصراحة عن رأي حزب أوهيئة أومواطن مع إحترام القيود الذاتية التي تفرضها المهنة لدافع إخلاقي أو أمن وطني . لهذا أعتقد أن المجلس الأنتقالي يجب أن يفرض سلطته السيادية ويملك ويدير كل وسائل الأعلام الرسمية التي كانت للنظام السابق وتشغيلها بالسرعة الممكنة والاشراف عليها من طرف هيئة عامة للاعلام تابعة للمجلس الأنتقالي ، وتعيين أعضائعا حالا من كبار الاذاعيين والكتاب والفنانين لفترة مؤقتة . ولا تخضع هذه الهيئة العامة للاعلام للمجلس التنفيذي مباشرة في إدارتها وسياستها . وهذه الهيئة سيادية تعبرعن رأي ليبيا الرسمي وسياسة المجلس الأنتقالي المعلنة على أساس أن المجلس الأنتقالي يمثل الشعب كله وهو البرلمان والسلطة الرسمية السيادية الان . وقد يسمح للأراء الأخرى غير الرسمية بالمشاركة في الندوات والمناقشات في قنوات الأعلام الرسمية خلال الفترة الانتقالية وحتى وجود احزاب ومعارضة رسمية ووسائل إعلام خاصة لها . وتتولى هيئة الأعلام العامة إدارة جميع وسائل الأعلام الرسمية وتعيين مدرائها وكبار موظفيها. ولا يجوز للعاملين بوسائل الاعلام إدارتها أو تقرير سياستها أو تملكها . وإلى جانب هذا الأعلام الرسمي المستقل يجب أن يسمح للأعلام الخاص ويجوزلأي هيئة أو حزب أو مواطن الحق في إصدار جريدة أو إذاعة صوتية أو مرئية وفقا لقانون يضع شروطا للمحافظة على الأخلاق وإحترام القيم الدينية والأمن الوطني والخضوع للقانون الجنائي في حالة التعرض لحياة المواطنين وحقوقهم الخاصة . نخرج من هذا أن جميع فصائل الثوار التي تحتل مقرات وسائل الأعلام الحكومية اليوم يجب تسليمها حالا لوزارة الأعلام أو للهيئة العامة للأعلام عندما تتألف ، وهي السلطة التي يجب أن تقوم بتنظيمها وتعيين المسئولين عن إدارتها . ورأي العاملين بوسائل الاعلام يجب أن يكون للعلم وليس ملزما فهم ليسوا شركاء . والديمقراطية السلطة فيها للأغلبية الممثلة في مجلس الشعب مع إحترامها رأي الأقلية المعارضة والاستماع إليه وليس مشاركتها في الحكم . والهيئات والفصائل التي تحتل مقرات الأعلام الرسمية اليوم وتمثل إتجاها إبدوليجيا أو مصلحيا خاصا يجوز لها أن تنشئ وسائل إعلام خاصة وشراء مقاراتها ومعداتها على حسابها وقد تساعدها الحكومة قي المرحلة الأنتقالية دون الدخول معها في شراكة أو شروط . والقنوات الاعلامية الخاصة يجب أن تطلب الأذن من الهيئة العامة للأعلام لبدء أعمالها أو إستعمال أو شراء قنوات في الشبكات العالمية والأقليمية للأرسال بشروط يقررها القانون .
وأخيرا أود أن أبدي ملاحظة عامة ،على المجلس الأنتقالي فرض سلطته على البلاد قبل الأهتمام بأمور أخرى خارجية أو داخلية. لقد فوض الشعب بالأجماع المستشار مصطفى عبد الجليل رئيسا بمساعدة مجلس إنتقالي لفرض سلطة الشعب والقانون ونشر الاستقرار . أن الأمور في البلاد تسير إلى مزيد من الفوضى .وأمل أن ينتهي ما يسمى بمجالس المدينة والمجالس العسكرية والأئتلافات والمؤتمرات الصورية وإحتلال مقرات وسائل الأعلام الرسمية . كل هذه هيئات لا تمثل إلا نفسها أو بندقيتها وعلى المستشار مصطفى عبد الجليل حل هذه المجالس جميعها بعد إتمام عملية التحرير. وتعيين الحكومة المؤقتة وتعيين حكمدارين للمحافظات الليبية الثماني( كما كانت عليه في العهد الملكي ) من كبار الضباط الذين شاركوا في عمليات الثورة أو من كبار الثوار وتعيين رؤساء شرطة في المدن الليبية بدلا من مجالس ورؤساء ثوار المدن الحالية، للأشراف على الشرطة وقوات الثوار حتى يتم إنهاء مهمتهم والرجوع إلى مدنهم وأعمالهم ودراستهم وتسليم أسلحتهم في أقرب وقت بعد إتمام التحرير. وانضمام من يرغب منهم الى الجيش الليبي الذي يجب البدء في إنشائه حالا أو ألى رجال الشرطة. بالأضافة إلى الحكمادريين يجب تعيين ثمانية محافظين للمناطق بأمر من رئيس المجلس الأنتقالي وعمداء مدن لتسيير الأدارة فيها تابعين للمجلس التنفيدي ولوزير الداخلية وإشراف المجلس الأنتقالي بدلا من مجالس المدن والأئتلافات الحالية .
كما يتم بعد التحريرإعادة إختيار مجالس المدن ،ونسميعا (مجالس محلية ) وتحديد سلطتها بطرق سليمة في مؤتمرات عامة منظمة أو إنتخابات محلية قبل الأنتخابات العامة للمؤتمر الوطني العام . وتتولى هذه المجالس المحلية أو مجالس المدن المختارة أو المنتخبة الشئون التشريعية المحلية ومحاسبة عمداء المدن . اما السلطات التنفيذية فيتولاها الحكومة المؤفتة والمحافظون والعمداء كل حسب إختصاصه، وتختار هذه المجالس المحلية مندوبيها في المجلس الانتقالي برئاسة المستشار مصطفى عبد الجليل الذي يتولى الشئون التشريعية والسيادية ومحاسبة الحكومة المؤقتة التي تتولى كل السلطات التنفيدية ، حتى يتم إنتخاب المؤتمر الوطني العام لتسييرأمور البلاد وإعادة تأليف الجكومة المؤقتة ، وتعيين لجنة إعداد الدستور وطرحه للأستفتاء على الشعب ، وإجراء الأنتخابات البرلمانية والرئاسية لتعود البلاد إلى حياتها العادية . أقول هذا لأني أعتقد إن ما يجري الأن من تعدد السلطات لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى والتشردم والاقتتال لا قدر الله . والبلاد في حاجة عاجلة إلى إستتاب الأمن وإنشاء جهاز أمن سليم واضح وأجهزة إدارية واضحة وفعالة لتسييرالخدمات العامة .
التعليقات (0)