تعتمد العلاقة ما بين قوة المؤسسات الاعلامية و امكانية استقطاب الجمهور , على عدة عوامل , اهمها : الجرأة في معالجة المواضيع و قدرتها في اختيار المواضيع التي تلامس اهتمامات اكبر شرائح الجمهور , اضافه الى المصداقية و الحيادية الى غير ذلك من العوامل , حيث تعتبر هذه العلاقة من اهم ما يميز مؤسسة اعلاميه عن اخرى
و من هنا تبداء المؤسسات الاعلامية بوضع سياساتها الاعلامية في اتخاذ مجموعه من القرارات تتجسد في استقلالية برامجها ويجدر الاشارة الى ان هذه القرارات تبداء باختيار نوعية البرامج و فريق العمل من مذيعين و معدين و فنيين اضافة الى تقنيات الاتصال والتواصل و تجهيز الاستديوهات من ديكور و اضاءه و صوت و مراسلين و استقبال الضيوف ووووو بمعنى اخر التكاليف المادية ...
و من ناحية اخرى يكون هناك الدائرة التجارية او التسويقية و التي تهدف الى تامين رعاية لهذه البرامج و تامين الدخل الدائم من خلال الاعلانات التجارية .... اذن علاقه متشابكة , بين قرارات البرامج و ما بين تكاليف انتاجيه و ما بينهما من تحقيق الاهداف لجذب الجمهور و طبعا الهدف الطبيعي ( الربح المادي ) لضمان الاستمرارية من خلال تقديم الرسالة الاعلامية
و هنا مربط الفرس
العلاقة ما بين استقلالية القرار و التمويل للاستمرار
فهل يمكن ان تكون القدرات التسويقية او التجارية للمؤسسة الاعلامية لها القدرة في تغطية تكاليف الانتاج , التي تم ذكرها و التي لم يتم ذكرها من اجور البث الفضائي و غيرها من التكاليف السنوية ؟؟؟
الاجابة اما نعم او لا
اذا كانت الاجابة لا , فانني لن اخوض باي تعليق لانه من الطبيعي سنعلم النتائج
اما اذا كانت الاجابة نعم
بمعنى ان للمؤسسة الاعلامية القدرة الكاملة و القويه في تامين الدخل المربح من خلال قوة الدائرة التسويقية و التجاريه مما يجعل قرارات هذه المؤسسة مستقله و جرئيه و الذي يضمن استمراريتها
اعتقد بان هذا الموضوع قد يكون بشكله الظاهر ممكنا الا انه على ارض الواقع اعتقد بانه ليس ممكن
وذلك لانها علاقه ثلاثيه , مرتبطه ما بين الاستثمارات العملاقة من جهه , و السياسة من جهه اخرى , و الاعلام من جهه ثالثه لا بل ان الاعلام يحجز مساحه لا باس بها بين مطرقه السياسة و سندان الاستثمارات , لضمان استمراريته
و هذه العلاقة الثلاثية لا تحتاج الى شرح , وذلك لان السياسة مرتبطه بشكل كبير بالاستثمارات العملاقة , لا بل احيانا ان الاخيرة هي تشكل التحرك السياسي , و من هنا يتحول التمويل من تمويل مباشر للاعلام , الى تمويل مغلف باسم رعاية البرامج او الحملات الاعلانية للاستثمارات التجارية , و بالتالي هنا تكمن الخطورة لان الاعلام يتحول من وسيله اعلاميه مستقله الى دائره اعلانيه مرتبطه بشكل مباشر بهذه الاستثمارات للحفاظ عليها و الدفاع عنها من خلال تقديم الدعم عبر برامجها لتلك الحركات السياسية التي تسهل استمرارية نجاح هذه الاستثمارات و يقع الجمهور ضحية مفاهيم استقلالية القرار و جرأه هذه المحطات و قوة برامجها الملفتة للنظر
هذه النظره ليست بنظرة تشاؤميه و ليست اتهاما للحريات الاعلامية لكن هذا ما نشهده اليوم من تنوع وجهات النظر الاعلامية للعديد من المؤسسات الاعلامية فالكل يعلم بان اي نوع من الاحداث في اي بقعه جغرافيه هو حدث واحد الا ان تناقل الاعلام لهذا الحدث يختلف من محطه اعلاميه عن اخرى و كل يعالج هذا الحدث باسلوبه او سياسته المرتبطة بشكل مباشره بالعلاقة الثلاثية التي ذكرتها
و السؤال الان هو كيف يمكن للجمهور معرفة الحدث بشكل مجرد - كما هو - دون التاثر بسياسة المحطات الاعلامية
اترك ذلك للنقاش في المدونة القادمة
التعليقات (0)