كلفت الحكومة الإسرائيلية المهندس اليشع كلي بدراسة نقل مياه النيل إلى النقب يعود الاهتمام الإسرائيلي بمياه النيل، إلى مؤتمر بال في سويسرا في عام 1897، الذي وضع حدود إسرائيل بين نهري الفرات والنيل وأجرى (تيودور هرتزل)، أحد منظري مؤتمر بال الكبار، مباحثات في القاهرة بعد ست سنوات على انعقاد المؤتمر، لإقناع زعماء مصر وبريطانيا - التي كانت تستعمر مصر وقتها-، بتنفيذ مشروع نقل مياه النيل إلى صحراء النقب وسيناء. ففي آذار مارس 1903، بدأ هرتزل بحثه إمكان إرواء الصحراء بالمياه بحسبه بعد مباحثاته مع اللورد البريطاني كرومر في القاهرة بعدها، أجرى هرتزل محادثات في لندن تتعلق بالموضوع ذاته مع كلا من وزير المستعمرات جوزيف تشمبرلين، ووزير الخارجية الماركيز لاستروان، اللذين وافقا على خطته. غير أنه تبلغ من الحكومة البريطانية أنها ستقرر في هذا الشأن لاحقا. ولم يتقلص اهتمام إسرائيل بنهر النيل ثاني أنهار العالم طولا بعد المسيسبي (6695) كلم. الأمر الذي وجد تفسيرا لدى الباحث الأميركي توماس ستوفر الذي شدد في ندوة حول "إسرائيل والمياه العربية" على أن (الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية هي جزء من مفهوم إسرائيلي متكامل لسياسة الموارد). لم يكن بوسع إسرائيل التطلع إلى شراكات مع الدول العربية بشأن استغلال المياه، في منظور الصراع الناشب منذ 1948، غير أن توقيع اتفاق سلام بين مصر وإسرائيل في 1978، أنعش التطلعات الإسرائيلية في هذا الجانب. كلفت الحكومة الإسرائيلية المهندس اليشع كلي بدراسة نقل مياه النيل، في أعقاب إحراز مفاوضات الجانبين الإسرائيلي والمصري تقدما ملحوظا، بعد حرب أكتوبر 1973، وقبل أن تكتمل عملية السلام بين الجانبين. قدم كلي مشروعه إلى الحكومة الإسرائيلية في 1974، وكان بمثابة دراسة شاملة حول امكان الإفادة بسحب 1 % من مياه النيل، أي ما يساوي (800) مليون متر مكعب سنويا. درست إسرائيل امكان الإفادة بسحب 1 % من مياه النيل أي ما يساوي (800) مليون متر مكعب سنويا وكان مشروع (ييئور) الذي تصوره كلي، يقضي بتوسعة قناة الإسماعيلية إلى (30) مترا في الثانية، ومن ثم تنقل المياه إلى قطاع غزة والنقب الغربي. باستمرار مفاوضات الجانبين بشأن السلام، كلفت الحكومة الإسرائيلية عدد من الخبراء إلى جانب كلي، لتطوير الخطة، وتحدث الإسرائيليون وقتها عن "المياه المصرية والخبرة الإسرائيلية" بطريقة تفضي إلى تحويل صحراء النقب وسيناء إلى أراض خضراء في 1979، بدا الرئيس المصري الراحل أنور السادات أكثر جدية في التحدث عن (نزعة السلام" الواصلة بين مصر وإسرائيل. ففي العام ذاته أعلن عن موافقته الرسمية، وأشار في حديث صحفي مع مجلة "أكتوبر " المصرية في 16 كانون الأول / ديسمبر 1979 إلى أنه يريد " توصيل مياه النيل إلى القدس، لتكون في متناول المترددين على المسجد الأقصى ومسجد الصخرة وكنيسة القيامة وحائط المبكى". وفيما بعد، ونظرا لتطور الأحداث في مصر واغتيال السادات، وتوتر العلاقات المصرية الإسرائيلية، تم تجميد التنفيذ. وبدا للإسرائيليين أن الاستمرار في خططهم الرامية للإفادة من مياه النيل عبر مصر، ستصطدم بعقبات في ظل متغيرات، لا تصب لجهة المشروع. كان التهديد الإثيوبي الأول لمصالح مصر المائية في 1956، أثناء حرب السويس بإعلان احتفاظها بحقها في استعمال الموارد المائية لنهر النيل لمصلحة شعبها. ورفعت إثيوبيا درجة تصعيدها الموقف بتقديمها مذكرات احتجاج عامي 56، 1957 مطالبة بحقوق "مكتسبة" في مياه السد العالي معلنة عن عزمها إنشاء (33) مشروعا لم ينفذ منها سوى واحد بسبب الحرب الأهلية التي اندلعت آنذاك. إلا أن إثيوبيا وبعد زوال نظام منغستو هيلا مريام في 1991، شرعت في إنشاء سدود على الأنهار التي تغذي السودان ومصر ب 85 بالمائة من مياه النيل. يستشعر الإسرائيليون تأثير الدور المصري في حال نجاح مصر في خطط التنمية والبناء وقدرتها على زعزعة ملف المياه الذي حركته إثيوبيا وكينيا في ديسمبر الماضي ما يهدد مصالح إسرائيل ويعوق استقرارها ويشرح الصحفي السوداني الخبير في شئون القرن الإفريقي، سيد أحمد خليفة ل"العربية نت" أبعاد المخاطر التي تحدق بمياه النيل جراء تقوية علاقة إسرائيل بإثيوبيا، بأن ملف المياه لا يغيب أبدا عن الملاحقة الإسرائيلية لمصر خصوصا بعد اجتماع دول حوض النيل في القاهرة في ديسمبر الماضي، الذي شهد تحسنا واضحا في علاقة مصر بإثيوبيا، واستشعار إسرائيل الدائم تأثير الدور المصري في حال نجاح مصر في خطط التنمية والبناء، وقدرتها على زعزعة ملف المياه، الذي حركته إثيوبيا وكينيا في ديسمبر الماضي، مما يهدد مصالح إسرائيل ويعوق استقرارها.
التعليقات (0)