الإسلام... وسطية لا تكفير... واعتدال لا تنفير
علي الكندي
ليس من أدبيات الإسلام أن يكون قائما على القهر والإجبار فليس فيه ما يدل على ذلك لا من قريب ولا من بعيد، وحتى حين شرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شرعهما لأجل مصالح وغايات لا تقوم على كره الانسان ومحاولة حرمانه من حق الحياة والوجود او سلبه حرية من حرياته بل هما تشريعان غايتهما وقائية للحد من القبائح والمفاسد الخلقية والاجتماعية لكن حينما يريد الفرد أو الجماعة من ان يقتنص من النصوص والروايات ما يناسب مصالحه ومنافعه بالتأكيد فانه سيلجأ الى ما يحقق له غرضه بأي أسلوب كان فتجد التقطيع والحذف والإضافة الى أن يتحقق الأمر المطلوب، وهو أن يعيش الناس في غليان دائما ولا تقوم لهم قائمة الاستقرار ولا العيش الرغيد كأنما هذه هي فكرة السلام النهائية أن يصل الناس إلى بسط الأمور بالقوة.
أما مبادئ الرحمة التي وصف الله تعالى نفسه بها ووصف بها نبيه الكريم فليس لها نصيب في تفكير القوم وإذا فكروا بها فيكون معنى الرحمة والإحسان والنهج القويم حصرا عليهم لا على الآخرين فالرحمة التي تعنيهم وتشملهم وأن يكونوا متراحمين فيما بينهم أما الرحمة بالآخرين هي أمر مستحيل عندهم.
هذا السلوك اللاإنساني واللاشرعي أريد له اليوم أن يكون هو الصورة التي تعرض عن الإسلام وعن شريعته وعن طريقته في ادارة الحياة فأساليب التطرف وفتاوى التكفير والمخالفات العقلية والعرفية فضلا عن المخالفات الشرعية هي الأساس في منهج التطرف والتكفير لدرجة تقزز النفس حتى تكون الحالة مأساوية في هذا الدين مما يؤدي الى التنفير من هذا الدين وهو المطلوب، ومن ثم تتلقى الفرد الرافض والمبغض مجالات كبيرة تحتضنه قادرة على إنهاءه وإسقاطه في أوحالها بمجرد أن تهفوا نفسه وتنخدع بشعاراتها المقلوبة.
فكم هو ضروري أن يقف علماء الإسلام ومثقفيه بوجه هذه الموجات التي أنتجها التكفير جيلا بعد جيل ويعلموا الناس التربية النبوية الصحيحة الصالحة وأن تكون هي الوجه الحقيقي للدين والتدين حتى يعرف العالم أجمع إن هذا الفكر المتوحش المجنون فكر دخيل لا فكر أصيل على شريعة السماء الحقة القائمة على أساس الوسطية والاعتدال التي يمثلها النبي الأمين وأهل البيت والصحابة "عليهم الصلاة والتسليم" الذين يمثلون خط الإسلام المعتدل مقابل خط الخوارج المارقة المتطرف.
التعليقات (0)