الإسلام فكرة السُلطة
في تفسير المجتمعات للدين يكمن الخلل فالمجتمعات ترى الدين على أنه حضارة يمكنها الاستمرار إلى الأبد وهذا عكس الواقع فالدين لا يصنع حضارة بل الإنسان من يصنعها وهو "الدين" مجرد عامل مُساعد يُسهم بنسبةِ بسيطة في بناء الحضارة الإنسانية ، فهم المجتمعات الخاطئ قاد البعض إلى توظيف الدين لأغراضِ سياسية توظيف غايته حُكم البشر بتعاليم مُنظرين يعتريهم الخطاء والنسيان ، ذلك التوظيف قاد المجتمعات لأن تكون تحت حكم الكهنة والرهبان وما تخلصت من جبروتهم إلا بثورةِ عارمة شُنق فيها الكثير من رجالات الدين ابان عصور الظلام الأوروبية ، الإسلام ليس مُستثنى من ذلك فهو دين وظفه البعض لأغراضِ سياسية وخرج من كونه دين بين العبد وربه إلى دين وولاء ومنهج سياسي لا يسع أحدُ الخروج منه أو عليه ، التوظيف السياسي للإسلام ظهر منذ الخليفة عمر على أرجح أقوال المؤرخين واستمر وتشعب حتى باتت فرق ومذاهب المسلمين تؤمن بتلك الفكرة ويناضل من أجلها قطبي الإسلام الشيعة والسُنة لتحقيقها على أرض الواقع ، الفرق بين المسلم والإسلامي أن الأول يؤمن بالإسلام واحكامة وفق الكتاب والسنة وأقوال العلماء الثقات أما الإسلامي فإنه لا يؤمن بما سبق فحسب بل يؤمن بنظريات منظرين لديهم رؤية تجاه المجتمعات وعلاقتها الداخلية والخارجية وهمومها وأحلامها رؤية لا يمكنها أن تتحقق إلا بتحقق نظام الخلافة على أرض الواقع وذلك لن يتحقق إلا بعد أن تجري الدماء ويستخدم التكفير كسلاح والقتل كوسيلة والتدمير كغاية يعقبها التعمير وهذه حقيقة لا يجهلها من وقف على مقولات ومؤلفات منظري فكرة الإسلام السياسي في العصرين القديم والحديث وتمعن في نماذجه التي شوهت صورة الإسلام كنموذج طالبان وداعش سيئة الصيت ، الخلافة مدخلها الحاكمية والحاكمية فكرة ليست عاقلة أصدرها وتبناها من وقع ضحية التاريخ القديم بصورته الحسنة فتعاقبت أجيال تؤمن بتلك الفكرة وتورثها حتى خرجت لنا القاعدة وداعش وبوكو حرام وجماعة الاخوان المسلمين والقائمة تطول وسيستمر الخروج إلى مالانهاية طالما المنبع مستمر بالتدفق ، أيضاً الأمامية وامامة المعصوم لدى الشيعة أفرزت جماعات دموية لاتقل عن الجماعات المنتسبة إلى السنة فكلا الفكرتين غايتهما واحدة وإن اختلفتا في تفاصيل جزئية فالغاية دولة دينية مذهبية يحكمها فقية معصوم محصن لا ينازعه أحد وتلك غاية قبيحة تتعارض كلياً مع طبيعة النفس البشرية التي جُبلت على التغيير والتحديث والبناء والتعمير ، قد يقول قائل الإسلام ليس ضد البشر بل معهم قولُ صحيح اذا طُبق الإسلام على ضوء الكتاب والسنة وليس على رأي فلان وقول فلان ورؤية فلان من الناس .
الإسلام السياسي ليس فكرة عاقلة فالمؤمنين به لديهم عقول لكنهم يهربون إلى الماضي الذي يقرأونه بكتب التاريخ عكس المجتمعات التي تهرب من ذلك باتجاه المستقبل الذي يهرب منه المؤمنين بالإسلام السياسي بمختلف مدارسة ومواقعه الجغرافية ، الإسلام فكرة السُلطة في العصر الحديث فكرة غايتها ليس إقامة الإسلام المحمدي بل اقامة إسلام القاعدة والخميني وإعادة المجتمعات إلى العصر الحجري عصر السبايا واكراه الناس على الإيمان بما يراه الفقيه والخليفة الذي لولا مفردة الجهاد ما جلس على كرسي السلطة فمن يقول يريد الإسلام فهو لا يريد إلا الجواري والتسلط وإكراه بني البشر وحكم المجتمعات بالحديد والنار بإسم الله ظاهراً والشيطان باطناً . .
التعليقات (0)