الأسلأميون في العالم العربي قاسوا كثيرا في عهود الحكام الدكتاتوريين أكثرمما تعرض له غيرهم من أنصار المذاهب والأحزاب السياسية المختلفة , ومع هذا لم يحظى الاسلاميون بدعم أو عطف شعبي وخاصة من الشباب العربي المتعلم المتلهف للحاق بغيره من شباب العالم الذي يعايش تغييرا إجتماعيا وعقائديا وثقافيا والتجاوب مع الظاهرة العالمية التي شجعت وشملت وسائل مبتكرة وجديدة لتبادل المعلومات والأراء والتطورات العلمية والتكنالوجية والسلوكية عن طريق وسائل الاتصالات الحديثة التي جعلت من عالمنا اليوم مدينة صغيرة . فساكن صحراء أفريقيا أو القطب الشمالي اليوم يعرف ويتفهم ما يحدث في كل بقعة في العالم بنفس الأهتمام وفي نفس وقت وقوع الحدث . وكل إنسان على كوكب الارض يطمح اليوم أن يكون في مستوى غيره فكريا وإجتماعيا وإقتصاديا في عالم تتلاشى فيه الخلافات الفكرية والسياسية والمذهبية والدينية .
هذا الشباب العربي ثار على أنظمة حكمه التقليدية فيما عرف دوليا بربيع العرب الذي جاء بعد شتاء طويل دام عقودا طويلة من الجهل والمرض والظلم والقمع وفرض الرأي الواحد والسلوك الواحد والحزب الواحد . هذا الشباب يريد العيش كغيره من شباب العالم يتمتع بنفس الحقوق والحريات والواجبات . وقد وقفت مع هذا الشباب في ثورته الأجيال الاخرى من الشيوخ والاطفال والأحزاب السياسية المختلفة بما فيهم الاسلاميون للتخلص من الحكام الطغاة وإقامة نظام ديمقراطي قائم على الحريات وحقوق الأنسان التي فرضتها المواثيق العالمية والعلاقات الدولية , وللسير مع شباب العالم في طريق الحرية والديمقراطية . هذا الأنفتاح الديمقراطي الجديد أتاح للأسلاميين حرية المشاركة مع غيرهم من الأحزاب والمنظمات السياسية في العمل معا لتحقيق أهداف ثورة الشباب. وسيلعب الأسلامين دوراهاما يحدد مستقبل الثورات العربية وسير الأمور في العالم العربي خلال العقود القادمة . أن عمل الأسلاميين مع بقية فئات الشعب الأخرى لتحقيق الحرية والدينقراطية والأستقرار يتطلب إعادة النظر في سياساتهم التقليدية التي تربط الدين بالدولة حتى يمكنهم الألتزام بالمبادئ الديمقراطية المتعارف عليها العالم اليوم . في العصور الوسطى سيطرت الكنيسة على الدولة في تاريخ أوربا المظلم وأستطاعت الشعوب الأوربية التحرر من الكنيسة بعد صراع دموي رهيب دام قرونا ومع هذا لم يترك المسيحون دينهم المسيحي بل أصبحوا أكثر تمسكا به وحكمة في الاخلاص للمسيحية . إننا في العالم العربي لا نريد أن نخرج من حكم دكتاتوري لنقع تحت حكم المسجد وولي الأمر والخليفة لنعود إلى العصور المظلمة التي عاشها الأوربين تحت حكم الكنيسة وسلطات البابا الألهية في الارض . إني أعتقد أن كثيرا من الأسلاميين لا زالو غير متقبلين لمبادئ الديمقراطية الحديثة التي قد تسمح للأنسان بتولي الحكم لكن لا تسمح له فرض رأيه على غيره أو الحد من حريته أوالتدخل في شئونه الخاصة وتصرفاته ومعتقداته وعلاقته بينه وبين الله في تعبده وصلاته وسلوكه الحياتي . أن إقدام الأسلاميين لا قدر الله على فرض فلسفتهم السياسية وإستخدام الديمقراطية للوصول إلى الحكم لفرض قيود على حريات الأنسان وسلوكه ومعتقداته سيؤدي إلى خلق صراع بين الشعب العربي والأسلاميين إسوة بالصراع الذي خاضه الشعب مع حكامه الدكتاتوريين. وسحيتاج العرب إلى عقود طويلة أخري للتخلص من حكم الفرد وحكم ولي الأمر أو الخليفة وسياسة التكفير وفرض الحدودد دون الأخذ في الأعتبار أسباب الأجرام السائدة والحالات الشخصية والأقتصادية والأثار الصحية والنفسية على المجرمين . أن ما شجعني على كتابة هذا التعليق قراءتي لخبر أوردته جريدة التايمس الأنجليزية مفاده إن محاولة الأخوان المسلمين الأدعاء بأئهم حركة إسلامية معتدلة لم تخفي موقفهم المتشدد . فقد جاء في تصريح الناطق بأسمهم الرسمي الدكتور محمود غزلان أستاذ الكيمياء في جامعة الزقازيق بأن الرئيس مبارك يجب أن يشنق أو قطع رأسه بالسيف العقاب التقليدي له , وقطع يد أبنيه علاء وجمال عقابا للسرقة. واليوم سمعت عن الجزيرة أن السيد مصطفى عبد الجليل رئيس المكتب الأنتقالي الليبي خبرا لا أعرف مدى صحته وتفاصيله بانه أمر بتحريم دفع فوائد الربوية للمصارف وهذا أمر ليس وقته فألغاء الفوائد الربوية موضوع شائك وأثاره على الأقتصاد الليبي خطيرة . لقد سبق للملك إدريس رحمه الله أن وقع بدون موافقة مسبقة من رئيس الوزراء ثلاتة مراسيم بألغاء الفوائد الربوية للمصرف المركزي والمصرف الصناعي والمصرف الزراعي وقد قدمها لرئيس الوزراء للتوقيع عليها وتنفيذها ولكن مجلس الوزراء كان أكثر حكمة وحذرا فوافق على ألغاء الفوائد الربوية للمصرفين الصناعي والزراعي وتحمل الحكومة لتكاليفها وحفظ مرسوم البنك المركزي والبنوك التجارية للدراسة لعدم التوصل لقرار بشأنه لأثاره الضارة على الأقتصاد الليبي . وقد يكون السماح بأنشاء المصارف الأسلامية إلى جانب المصارف التجارية العادية هو خير سبيل لأيجاد حل سليم لمشكلة الفوائد الربوية مع ترك الحرية للمواطن للأختيار بين المصارف الأسلامية والمصارف التجارية العادية لمعاملاته المالية .
ه
التعليقات (0)