الاسلاميون بين الحظر القانونى والمقاومة الثقافية

بتاريخ 22سبتمبر الحالى  صدر حكم قضائى من محكمة عابدين للشؤون المستعجلة  يقضى بحل جماعة الإخوان المسلمين ومنع أنشطتها ومصادرة مقارها وأموالها , ولا أستطيع بعد هذا الحكم أن أعتقد أن التيار الاسلامى قد فقد أو سيفقد سلطته على الشارع المصرى وتوجيه فكره  والتحكم فى ثقافته وأنماط سلوكه , ذلك لاننى أرى سبب انتشار الفكر الدينى وسيطرته على العقل المصرى  وتحجيمه لحرية الفكر والإبداع إنما نشأ لاسباب سياسية  بالدرجة الأولى , فمنذ بداية السبعينات  وحين قام السادات بتوظيف الإسلام سياسيا كى يستغله فى مقاومة التيار الناصرى الذى كان السادات يشعر حياله بالحقد والرفض  , وبعد أن دفع السادات حياته ثمنا لخطيئته , جاء بعده مبارك الذى لم يكن له من عقيدة سياسية أو فكرية سوى البقاء فى السلطة فأعطى لأجهزته حرية مقاومة تنظيم الإخوان مقاومة أمنية فقط بينما ترك له حرية العمل الثقافى والفكرى مما  مكن التيار الدينى من الاستحواز على العقل المصرى , وتغيير شكل الشارع المصرى  فانتشرت الأزياء الغريبة عن تقاليد المصريين خاصة نقاب النساء  ,  وبعد  سقوط حكم مبارك بثورة يناير 2011    تعدى الإسلاميون مجرد السيطرة على ثقافة وعقل المصريين  بل أمسكوا بالسلطة أيضا وأخذوا يمهدون للتحكم فى أوصال الدولة المصرية حتى قامت ثورة 30 يونيه الماضى التى اتخذ منها الجيش فرصة لسحب الحكم من التيار الدينى , هذا التيار الذى ظل يحلم بالحكم لثمانين عاما , وهذا يفسر  شدة رد فعله ومقاومته للسلطة الجديدة ومحاولة شل الحياة فى مصر .     ولى هنا ملاحظتان هامتان :     الاولى تتمثل فى سؤال وهو  هل يريد الإسلاميون سيادة فكر وثقافة الإسلام  أم يريدون السلطة ؟  إذا كانوا يريدون نشر فكر الإسلام فقد استطاعوا ذلك تماما بدون ان يكونوا فى السلطة , ولا يزال ذلك قائما بعد تركهم لها  الملاحظة الثانية  تتمثل فى هذا السؤال وهو :  ما مستقبل الاسلاميين فى مصر  فى ظل النظام الجديد ؟  .  أنا أرى أن الحظر القانونى للإسلاميين لن يحجم من نشر فكرهم , وبما أننى ضد  فكر الاسلاميين بطابعه الإقصائى المعادى لحرية الفكر والابداع  فإننى ارى ان التصدى لهذا التيار يجب أن يأخذ شكل مقاومة ثقافية وفكرية قبل المقاومة الأمنية والقانونية . لقد كان الإسلاميون فى الخمسينات وما قبلها  معدومى التأثير فى فكر المصريين أو ازيائهم أو نمط حياتهم  لأن الثقافة وحرية الفكر والزخم الفنى كانت تمثل حوائط سد مكين ضد هذا الفكر  وتأثيره على وحدة الوطن  , ومن ثم  فلا غنى عن إحياء الثقافة العقلانية وإطلاق حرية الفكر والفن والإبداع  دون قيود , وفى هذه الحالة سيتراجع فكر الإرهاب دون حاجة إلى قوانين