الاسلامفوبيا شريف هزاع شريف
الفوبيا في الادبيات السيكولوجية تعني الخوف القوي والمستمر غير المبرر ، ويستخدم هذا المصطلح بشكل يصف حالات الخوف عند الانسان ، كالخوف من الاماكن المرتفعة والدم والنار والمصاعد ... الخ ، فهو مرض نفسي يقصد به الرهاب الذي ليس له اصول واقعية وهو مشتق من اللفظ اليوناني phobos ، لكنه اقحم في الادبيات الاعلامية ليصبح ( فوبيا الاسلام ) ويعني الرهاب من الاسلام كدين وحياة ومنظومة وفئة وجالية ومرأة وعالم وشرق واصولية وتشدد ، ثم ارتقى المصطلح او المفهوم ذاك عند الغرب او قنوات الاعلام ليعني الارهاب ، فالاسلام عندهم هو الارهاب .
بالتأكيد للاسلامفوبيا جذور تاريخية او زمنية ادت الى ظهورها او تعزيز وجودها على خارطة الاعلام العالمي المعاصر ، وربما ظهرت في اوربا قبل أي مكان اخر ، ويمكن ان تدرس من زاوية ( قبل حادثة 11 ايلول ، وبعده ) فالاسلامفوبيا تغير كثيرا بعد الحادثة الايلولية ، ويبقى الاكثر مسؤولية عن الاسلامفوبيا ( وسائل الاعلام ) التي جعلت من الاسلام ( الارهاب) هو الايديولوجية الاكثر دموية من كل الفئات العنصرية التي تدين بعقيدة ما .
قضية الخوف من الاسلام ربما هي قضية قديمة كما قلت ، فالعداء للاسلام يمكن الرجوع اليه في الادبيات الغربية بعد الحملات الاستشراقية التي اطلقتها اوربا قبل قرون طويلة لكنها نسيت واصبحت ضمن الدراسات الكلاسية التي يدرسها اشخاص يعدون على الاصابع في الغرب ، او اساتذة كراسي شرقية في الجامعات ، لكنها تجددت ابان العقود الحالية ، فقضية ابراج مانهاتن عززتها حوادث لندن واسبانيا ، لكن الغرب حين بدأ يضخ ذلك الكم الهائل من الاعلام والاخبار والدراسات الاستخباراتية وغير الاستخباراتية كان يهدف اولا : ان يعزز قيمه في العالم ويؤكد دوره الريادي والانساني ، ثم رسم نفسه في الاعلام على انه ضحية الاخر ، وليس ضحية سوء نظامه الاقتصادي او السياسي او الاجتماعي .
المصطلح شكل واعيد الكتابة فيه وملئت الصحف والمجلات المعنية والدراسات الفكرية بزمن قصير ليعيد الى الاذهان الارشيف الغربي عن الشرق ( الاسلامي ) مما يعني ان الادبيات القديمة عادت بثوب اخر الى الساحة ، ففي 11 ايلول اصبح الاسلام مرادفا للارهاب ، وان الاسلامفوبيا هي الخوف من الاسلام – الارهابي – واخيرا كان خطاب " يولاندز بوسطن " الدنماركية او ما تسمى ( الرسومات المسيئة ) هي رد فعل للاسلامفوبيا ، وهي محاولة للرد بالطرق الغربية بواسطة ( الاعلام ) او قضية حرية التعبير التي يدين بها الغرب ( فالشتيمة ) عندهم ليست سوء ادب بقدر ماهي حرية تعبير !!! .
الرموز الدينية يمكن ان تكون مادة لرسوم ( ساخرة ) وان مادة الحرية الغربية اصبحت في مأزق كبير ، لانها اخذت منحى التطاول والسخرية والشتيمة من شخص عاش قبل 14 قرن (محمد صلى الله عليه وسلم) ولا يمكلك دفاعا عن نفسه سوى خطابه الذي اسيء فهمه من قبل اتباعه اليوم ، او فئة تحاول الدفاع عنه بطريقتها الخاصة !؟ ، مع هذا لم يتوقف الغرب على اهانة الاسلام من خلال اعادت نشر ما نشر ، ثم انتقال الرسوم الساخرة الى دول غربية اخرى ، واصبح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على ايديهم محل سخرية ، انطلقت من قبل صحيفة مغمورة اشتهرت من خلال الرسوم الكاريكاتورية المخجلة وخلد الرسام والصحيفة والفعل !.
المشكلة التي نعيشها الان نحن ، ان عدوة ( الاسلامفوبيا ) انتقلت الى الجالية المسلمة في الغرب كما انها انتقلت الينا في ديارنا ، لقد اصبحنا نخاف من الاسلام وان الاسلامفوبيا تخلص منها الغرب بوسائله التقنية اوكاد ان يتخلص منها ، واصبح خارج مدارات
( الاسلامفوبيا ) لكننا وقعنا في مطب سوء فهم الاسلام ثم تأويل الاسلام ثم الخوف من الاسلام !!!
اذا كان هناك قائل ان الاسلام احدث نقلة نوعية في الجزيرة العربية فانا اتفق معه ، لكنني ادعوه ايضا ان يلاحظ شيء واحد ، اننا اصبحنا في مأزق كبير بسبب الشخصية المسلمة التي يجب ان لا تتسم بالفئوية والانتماء للاشخاص والافكار الوقتية ، بل الى المنظومة الكلية للاسلام من حيث هو دين متكامل ، دين لا يمكن ان يكون متمثلا بحاكم او سلطان او فئة او ايديولوجية شخصية او مرحلة زمنية ، اننا بسبب بعض من ينتمي الى هذا الدين الحنيف اصبحنا في مأزق كبير للاسف وتقاسمنا الساحة ثم تبارينا بين ( الدفاع عن الاسلام او الهجوم على الاخر ) ، انني ابرئ الاسلام وانزهه عن الخطأ والنقصان والارهاب الدولي والشخصي والفئوي واكرر ذلك ، ان الاسلام بريء من حيث النظرية ليس فيه افراط و تفريط ، وانه خطاب وسطي وتسامحي وعادل اساسا ، لكن وسيلة فهمه وتطبيقه على ايدينا اختلفت عبر العصور ، واصبح تأويله السياسي يطوع للسلطان او لمراكز القوة او انه تحول الى دين ( فئوي ) في حين ان من سماته (الهوية العالمية والكونية) هذه الفئوية هي الاسلامفوبيا الحقيقية ، او المارد النائم ..
التعليقات (0)