مواضيع اليوم

الاستلاب الفكري وتسويق الوهم

عبدالكريم صالح

2011-10-01 10:00:05

0

في مقالة "نواة الحكومة العالمية – بيلدربيرغ"لم اكن اتوقع هذا الكم الكبير الذي وصلني من الرسائل التي تحمل في اغلبها الاستغراب والبعض الاخر يحمل علامات التهكم وكالعادة طبعاَ فقد انطلق البعض الاخر بهجومه واستنكاره لماجاء في المقال على اساس اننا لازلنا نتحدث عن موضوع المؤامرة ولم نغادر هذا الموضوع ،لقد فرحت بهذا التفاعل والتجاوب واقول بكل صدق ان ماجاء من ردود حول المقاله يدل على اننا لازلنا غير قادرين على ان نتقبل الحقائق التي تخالف او تتعارض مع قناعتنا التي بنيت أساساَ بفعل العديد من المؤثرات والموروثات بالأضافه الى الخلفية المقيدة والمانعة لقبول التغير في الافكار التي رسختها الانظمة الأستبدادية والفاشية في الاذهان بالأضافة الى الموجهات الاعلامية الهائلة التي تحاول ان تفرض الصوره النمطية وتزييف الحقائق واشاعه الاساطير بالأضافه الى التلاعب وعدم امتلاك القيم التي تبني المجتمعات.

ان الطبيعة البشرية بحقيقتها هي فطرية وجاهله بماهية الخير والشر في الحياة وتكتسبها من المحيط فالمحيط الذي يتسم بالخير تكتسب هذه الطبيعة قيم الخير وسمة محيط الشر تكسب قيم الشر وفي النهاية الخيار يعود الى الكينونه الى ذاتها ونسبة ميلها الى الخير او الشر فان كانت الطبيعة المكتسبه اعتادت على الخير تصبح خيره وان اعتادت على الشر مشت عليه والحقيقه ان سمة الاكتساب تعتمد على مستوى الارتقاء بالمنظومه العقلية للذات البشريه فان كان المدى العلمي والمعرفي واسع تستطيع التمييز بين الخير والشر وخلاف ذلك فانها تفقد التمييز فتصبح شريره وهي تبحث عن مصلحتها الشريره بغض النظر عما يلحقها او يلحق المجتمع من اضرار والحقيقه توصف الطبيعة البشرية بانها انانية تسعى لتحقيق ذاتها على حساب الاخرين.

تسعى الانظمة المستبده لأضعاف انظمة التحكم والسيطره والاراده لدى المواطنيين من اجل السيطره على افعالهم وسلوكهم وتجيرهم لخدمة توجهاتها الانانية والشريره وفي نفس الوقت فانها تقوي انظمة التحكم والسيطره الفاشيه والعنيفه لأفساد المجتمع ،يقول "افلاطون":"ان صورة الخير هي الحد الاقصى لكمال العالم العقلي اننا لاندركها الا من خلال عناء كبير ،ولكن متى ادركناها ،شخصنا سبب جمالها وحسنها ،ففي العالم المنظور هناك النور والشمس وفي العالم العقلي تولد الحقيقه والعقل" وكذلك يقول الفيلسوف والروائي الروسي "ليو توليستوي" 1828م-1910م" في أحد كتاباته أن "المفكرين الأحرار هم أولئك المستعدون لاستعمال عقولهم بدون حكم مسبق، وبدون خوف، لفهم الأِشياء التي تتعارض مع أعرافهم وامتيازاتهم، وما يؤمنون به، فطريقة تفكير كهذه ليست شائعة، ولكنها متطلب أساسي للتفكير الصحيح، وعندما يفقد هذا "التفكير الصحيح"، فأنّ الحديث جدير به أن يصبح أسوء من عقيم و عديم الفائدة." التفكير الصحيح، حسب نظرتنا المتواضعة ينشا على اساس "حرية العقل" وهو الوضع الذي يختفي فيه الحكم المسبق، ويزول فيه الخوف من فهم ما هو مختلف.

حرية العقل الإنساني هي تمتع هذا العقل بالقدرة على التفكير المستقل في جميع البيئات الاجتماعية والسياسية والأخلاقية، وهي أيضا حريته في التفكير من دون وجود ضغوط خارجية قسرية تجبر هذا العقل على الاعتقاد أو الإيمان بأفكار لا يتقبلها هذا العقل، إضافة إلى ذلك، حرية العقل هي عدم سيطرة الآخرين أو مبادئهم أو أفكارهم على سلوك الأفراد الآخرين، وهي بشكل أهم، عدم سيطرة الآخرين على طريقة تفكير الأفراد وأحاسيسهم وعواطفهم ومشاعرهم.

لاأخفيكم سراَ اذا ماقلت لكم ان هذا البحث مرهق ومحير فالخفايا تجعلني سابراَ في اغوارها من اجل المعرفة الحقيقية والتدقيق والتفكر في النتائج التي تزيح التراب عن غابر الحقيقة وتنتزعها من مخابئها انما في مدى فرط الرؤى والتشعبات الكبيره والتفرعات التاريخية والمعاصرة وهنا اسمحوا لي ان اقف عند موضوع "المؤامره Conspiracy "لكي نتمكن من التثبت في وجدان الحقيقة التي نبحث عنها مستدلين بذلك من البحوث التي يعتمد عليها في منهج البحث العلمي الدقيق.

مفهوم المؤامره يعتبر لعنة لدينا نحن العرب بعد ان تم تكييفنا من قبل وسائل ووسائط الاعلام كي نعتقد ان المؤامرات ضد الجمهور لاتوجد الا في "جمهورية الموز"وهو مصطلح ساخر يطلق على دول وسط وجنوب امريكا مثل السلفادور وبليز وهندوراس ونيكاراغوا وبنما وغواتيمالا وكوستريكا  "غير اخذين في الحسبان التاريخ البشري او حتى خفايا كلمة مؤامره. في اللغة الانكليزية لفظة المؤامره مشتقه من اللفظة الانكليزية "كونسبيراري Conspirary  " والتي تعني بشكل حرفي "التنفس معاَ او بشكل مشترك"و"العمل والتفكير بانسجام"في الوقت الحالي اتخذت كلمة المؤامرة محتوى لشيء يثير الريبة او انه شرير وتعرض معضم القواميس الحديثة تعريفين لها الاول بانها التخطيط بشكل مشترك وسوي وخصوصاَ لارتكاب عمل شرير وغير مقبول وغير شرعي والتعريف الثاني انها التخطيط او التآمر بشكل سري ،السرية طبعا هي النسيج الواصل الموجودعلى مدى تاريخ المؤامرات ومن الواضح ان المؤامره تحتفظ بهذه الميزه من الجانب الشرير فهي تعتبر من قبل اصحاب الضمائر امراَ دنيئاَ فان الاسرار التي تكلف الارواح والتي تمنع الناس من ان يعيشوا بسلام وانسجام والتي تستخدم للهيمنه او الكسب غير المشروع هي عمل غير مقبول ،لقد كتب الكاتب الصحفي "ستيوارت آلسوب Stewart Alsop" يقول :"ان المعرفة هي القوة ،والقوة هي اغلى سلعة في الحكومة ولهذا فان كل من يعرف الاسرار يهيمن على المعرفة وبالتالي يملك زمام القوة" ويكمن موضوع السرية في كيفية الرؤية للتاريخ وهنا نجد وجهتا نظر مهمة بهذا السياق الاولى هي اتفاقية بالمصادفه والثانية التآمر المقصود او تآمرية مقصوده وتعتقد وجهة النظر الاولى على ان التاريخ هو مجرد سلسلة من الحوادث او افعال للخالق تعالى "الله"التي يعجز قادة العالم عن منع حدوثها او تغييرها وان من اكثر المعتقدين بوجهه النظر هذه هو مستشار الامن القومي الامريكي للرئيس جيمي كارتر "زبيغنيو برازينسكي Zbigniew Brzezinski "الذي هو الان عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة الهيئة الثلاثية السرية يقول :"التاريخ هو نتاج فوضى اكثر منه نتاج المؤامره"وكتب الصحفي "جورج جونسونGeorge Johnson "الذي دائماَ مايوصف بانه الانساني الدنيوي يقول بان عقيدة التأمر او المؤامره قد تم دفعها من قبل متطرفي الجناح اليميني منذ بداية القرن ،ان وجهة النظر التآمرية لو اردنا ان نعرفها بشكل ادق لابد ان نطلق عليها "السبب والنتيجه" إن المنظمات السرية تدعو إلى قيام نظام عالمي جديد ولن يحدث هذا إلا إذا تم إفساد وتدمير كل أشكال الحكومات والعقائد والأديان وشعارهم يقول "النظام ينبعث من الفوضى" والمقصود بالفوضى هنا - فوضى العقائد والأديان والفلسفات البشرية التي يجب أن تخضع لنظام عالمي جديد .

الخداع رأس الفساد ونحن نعيش ظاهرة ابتكار الاكاذيب السياسية وترويجها مازال الساسه يعتبرون ان" الغاية تبرر الوسيله" والذي يعتبر دستور الخداع و المكر والالتفاف والنفاق في اوضح تجلياته ، وتشكّل وسائل الإعلام السلاح النافذ والفعال وهو سلاحاً ذا حدّين، فهي تحوي البرامج الاخبارية والعلمية والادبية وغيرها من البرامج الثقافية والسياسية،فبإمكاننا مثلاَ أن نرى مكتبة جامعة" السوربون" في الإنترنت، ربّما بصورة أكثر وضوحاً وإشباعاً للنهم المعرفي من رؤيته على أرض الواقع، وفي نفس الوقت ومن خلال الانترنيت أيضا مشاهدة العنف والجريمة ومايمكن ان يتعارض مع الاخلاق والقيم الدين كالافلام الاباحية وغيرها على سبيل المثال ،من هنا يتم التركيز على الاعلام من اجل تمرير الافكار والمعتقدات واختراق المجتمعات  ان الكثير ممن يتقبل الافكار اللماعة يتقبلها لكونها لم تعرض عليه كما هي على حقيقتها بل يتم تزويقها والباسها الالبسه البراقه الجميله التي تسلب الانظار والالباب ، غواية فكرية واستلاب فكري انبهار بالمظهر والعناوين على حساب القيم والمباديء،وهنا نستطيع تعريف الاستلاب على أنه سيطرة فكر ما ، أو مجموعة أفكار على البنى العقلية والنهج الفكري لإنسان بذاته، أو لمجتمع بعينه، أو لشعوب بكاملها، وهذا يؤدي بالضرورة إلى تحول هذا الفكر المسيطر على المقدرات العقلية" المفكّرة " لهذا الكائن أو المجتمع، أو الشعوب، إلى سلطة مطلقة لا يمكن دحضها، أو مواجهتها.

 في كل يوم تظهر لنا نظريات يتم تسويقها على اساس فكري او علمي او عقائدي احيانا من اجل تجعل المتلقي متقبلاَ لأمر ما سيحدث عما قريب ولنا مثال قريب على ذلك لقد ظهرت خلال السنتين الماضيتين نظرية القوه الناعمه والقوة الخشنه التي ينادي بها "جوزيف س.نايJoseph S.Nye "وبمختصر القول فهو يعني بخصوص القوه الناعمه ان تكون قوياَ دون الدبابات او الاسلحة ودون الجيوش،المهم في هذا الموضوع في الوقت الذي بدأ الحديث عن القوه الناعمه كانت هناك مجماميع من الشباب تتدرب وتدرس الاساليب التي تمكنها من اسقاط الانظمة  في بلدانها طبعا هذا بموجب التصريحات والاعترافات التي ادلى بها البعض من ثوار الثورة المصرية طبعا بالاضافه الى ما تحدث عن ذلك بعض التقارير الصحفيه ومراكز البحوث والدراسات هنا نجد ان الشباب المصري بحث عن حريته وتخليصه من نظام فاسد ومستبد ووجد البعض من هؤلاء الشباب ان اللجوء الى المنظمات الغربيه ربما من اجل مساعدتهم على الخلاص من نظام الديناصورات البالية والافكار والاداره المتهرئه والفاسده بينما الجانب الاخر لديه اهداف اخرى غير تلك التي سعى اليها الشباب الثائر المصري  فهناك اهداف لتلك المنظمات الامريكية والغربية ربما بعيدة المدى ولايظهر على السطح الا الجزء اليسير في الوقت الذي ترسم الخرائط الجغرافية والسياسية بناءاَ على المصالح الامريكية والغربية  ولنأخذ مثلاَ حول عدم جدية مساندة  امريكا لأي ثورة في العالم الا  اذا كان ذلك من اجل مصالحها فهي تحاول ان تسوق لنا "الوهم" تحت شعار الديمقراطية وحقوق الانسان مثلنا في هذا هو ماحدث في العام 1978م حيث  قامت الولايات المتحده الامريكية بعملية "الفاصوليا الحمراءRed Bean  " حيث قامت طائرات القوات الجوية لرمريكية المعونات والفرق البشرية الى زائير" Zaire" والتي تسمى الان جمهورية الكونغو الديمقراطية ،لمساعدة الرئيس الزائيري"موبوتو سيسي سيكوMobutu Sese Seko " الحاكم الديكتاتوري الشرس للبلاد في مقاومته قوات الثوار التي تقاوم من اجل التخلص من نظامه الاستبدادي ، قام "موبوتو " المعروف بانتهاكاته الصارخه لحقوق الانسان وباستيلائه على ماقيمته مثات ملايين الدولارات من المعونات الاقتصادية والعسكرية وتحويلها الى حساباته في البنوك السويسرية واستخدامها في بناء القصور في اوربا  قام بالاتفاق مع الامريكيين بالتدخل لصالحه مدعياَ ان الشيوعيين الكوبيين والسوفيت كانو يدعمون الثوار وامريكا ليست غبيه لتقبل بتلفيقاته لكن مصالحها جعلتها تتدخل عسكريا من اجل مصالحها وليس من اجل موبوتو فليكن موبوتو مايكن مع شعبه ليس مهم المهم ان يكون عميلاَ لهم وينفذ اجندتهم في زائير والتي هي جزء من القرن الامريكي خاصه اذا ماعرفنا ان زائير هي المستودع الهائل للنحاس في العالم وهي البلاد الذهبيه في ذهون مخططي السياسه الامريكية،بالاضافة الى موقعها المهم في افريقيا بالاضافة الى المنافسه الامريكية – الفرنسية على الموارد الافريقيه خصوصاَ وان فريقيا ثاني اكبر قاره في العالم بعد قارة اسيا،فهم ينتهجون منهجية اللامنطق في سياستهم حيث لاوجود فيها للمباديء ولا للأخلاق ولا للوفاء بالعهود انها السياسه التي اوصاهم بها "ميكافيلي" في كتابه "الأمير" و يتخذون "الميكافيلية"نهجاَ ودستوراَ لهم ،فقد اوثق "موبوتو" اتفاقه معهم على اساس المعادله السياسية المستنده الى نظام المقايضة مع امريكا"دعوني افعل ما اشاء وخذوا ماتشاؤون"وفعلا كان له ذلك استمر الحال هكذا حتى بدأ موبوتو يشعر بالضيق الامريكي بسبب السياسه التي اتخذها تجاه امريكا والتي تسبب ضرراَ لمصالحها حيث نقض العهود التي قطعها على نفسه معها فبدأ يشجع الاستثمارات الاجنبية ومع هذا فلم تتحسن اسعار النحاس فقد هبطت الاسعار في عام 1971م فذهب الى الصين في عام 1973م ثم قام بتأميم  بعض الشركات حتى تملكت الدوله 60% من اقتصاد البلاد وبدأ صبر امريكا ينفذ وتحول التحالف الى عداء واتجهت الولايات المتحدة الى سياسة ايقاد فتيل الثورات والتمرد ضده بعد ان بدأ الاعلام تحركاته بايعاز من وكالة المخابرات الامريكية وتم تصويره على اساس انه زعيم راديكالي يمثل ظاهره يخشى من انتشار اضرارها بمصالح البلاد والمنطقه الافريقية حيث ابتدأت بمنطقة شابا "كاتنغا سابقا"، لتمتد إلى المناطق المجاورة مع أوائل العام 1978 م رغم تمكنه من إخمادها بمساعدة القوات البلجيكية، التي عمدت إلى إنزال نفسها في تلك المناطق خشية على مصالحها الكبرى هناك، رغم رفض الولايات المتحدة لمثل هذه المساعدة كونها أضحت ترى في هذا العميل والحليف السابق عدوا لها ولمصالحها في المنطقة، خاصة بعد أن أوجدت البديل الجديد لوران ديزيريه كابيلا. فما أن جاء عام 1991 م حتى فاز "موبوتو" بالانتخابات الجديدة التي سارع من خلالها إلى تقليص الأحزاب لحزبين اثنين إلى جانب حزبه الحاكم رغم انتقادات زعماء المعارضة للنظام الانتخابي الذي منح "موبوتو" نتائج غير عادلة، الشيء الذي أدى به إلى إعادة تنظيم البرلمان وإقالة زعيم المعارضة ورئيس الوزراء "تاشيكيدي" أوائل 1992 م وإقالة وزرائه في 1994 م ودفع بذلك البلاد إلى حالة من الإضراب العام امتد حتى العام 1996م، تاريخ قيام قواته بمحاولة فاشلة للقضاء على قبائل التوتسي المؤيدة لـ"لوران كابيلاLaurent Kabila "، عميل الولايات المتحدة الجديد، الذي سرعان ما عمدت إلى تجهيزه للانقضاض على "موبوتو" والتخلص منه في 16 آيار/ مايو1997م، ذلك التاريخ الذي استولى فيه كابيلا وبدعم أمريكي على الحكم في البلاد وانتهت بمغادرة موبوتو كرها باتجاه المملكة المغربية التي بقي فيها حتى وفاته بالسرطان في" شتنبر "من نفس العام.

انه منطق اللا وجود لحقوق الإنسان والديمقراطية أو أي من المصطلحات أو المفاهيم الأخرى الانسانيه التي تنادي بها الولايات المتحدة الامريكية،منطق الغدر برجال أوجدتهم الولايات المتحدة لقمع شعوب أوطانهم خدمة لمصالحها في المنطقة لتتخلى عنهم سريعا بتُهَم مختلفة بين إيواء طالبان والإرهاب والتجسس والاتجار في المخد رات، بعد استنفاد قدراتهم على القيام بأدوارهم أو تراجع قوتهم ونفوذهم أمام قوى المعارضة أو ظهور البديل الآخر، الذي يمكنه أن يقدم خدمات أفضل عملاء وحلفاء تخلّت عنهم أمريكا لصالح بديل وحليف آخر ووضعتهم في كفّ مزادها العلني ليتم بيعهم بأبخس الأثمان، بعد أن اعتقدوا لبرهة ولحظة صغيرة أن قوة الولايات المتحدة يمكن أن تضمن لهم الاستمرار في السلطة ونسوا وتناسوا أن الضمانة الوحيدة هي ضمانة الشعب وأن السلطة الوحيدة هي سلطة الشعب فقط وليست سلطة امريكا او الدول الغربية، فكيف يمكن لنا ان نصدق ان امريكا اليوم تدعم حقوق الانسان ونشر الديمقراطية في الوطن العربي انهم يسوقون لنا الوهم فالوهم هو اشتقاق من التوهم وهو ان تعيش وتحيا حياتك على اساس كذبه كبيره ليس لها اصل حقيقي هكذا يريدون لنا فهم يحاولون تدمير معالم دار الصفاء والنقاء اينما وجد بين الشعوب العربية يريدون لنا العيش في اللاموجود فالعمليات الامريكية من اجل مصالحها مستمره يلبسونها اثواباَ براقه من اجل تقبلها فمثلاَ العمليات الامريكية في الصومال التي حملت غلاف انساني بدعوى انقاذ شعب الصومال من خطر المجاعه والموت والتي اطلقو عليها "عملية الامل في الصومال"ليست سوى غطاء للسيطره على الصومال لموقعه الاستراتيجي حيث يطل على مدخل البحر الاحمر فهو مهم اهميه قصوى في مجال الجغرافيه السياسيه ، فالصومال يتميز بموقع جيوبوليتيكي فريد ، فهو متاخم لكل من منطقة البحر الأحمر والمحيط الهندي ، كما يقع في نقطة لقاء قارتي إفريقيا من الغرب وآسيا من الشرق ، ويشرف على البحر الأحمر الذي يربط البحر العربي والمحيط الهندي بالبحر الأبيض المتوسط بواسطة مضيق باب المندب ، وهذا الموقع ربط آسيا بإفريقيا عن طريق الموجات البشرية الزاحفة من شبه الجزيرة العربية إلى قارة إفريقيا قبل وبعد انهيار سد مأرب في منتصف القرن الخامس الميلادي ، كما يعد الصومال مدخلا للإسلام في شرق إفريقيا، الصومال شبه جزيرة مثلثة الشكل ، ويحتل منطقة شاسعة من القرن الإفريقي، وهو العضو الوحيد في جامعة الدول العربية الذي تمتد أراضيه جنوب خط الاستواء، وتمتد حدوده الشمالية من خليج "تاجورة" على ساحل البحر الأحمر مارة بخليج "عدن" حتى "رأس عسير "، وفي الجنوب تمتد حدوده من سواحل المحيط الهندي ابتداء من جزيرة "قارد فوي " ورأس المثلث المواجه لها وحتى مصب نهر" تانا "ثم تتجه حدوده شمالا عبر الحدود الغربية لمنطقة "هرر" حتى ساحل خليج عدن المحاذي لباب المندب.اي موقع جيوسياسي تثير شهية الامريكان لبسط هيمنتها عليه،لكن الامريكيون اضطروا الى الانسحاب من الصومال بعد ان ذاقوا المهانه والاذلال خاصة حين لقى عشرات الجنود الامريكيين مصرعهم في انفجارات نفذتها مليشيات الجنرال محمد فارح عيديد،فهي ايضاَ عملية من العمليات الامريكية التي تلبس الثوب الجميل وتخفي الغايات وراء هذه العمليات، وإذا كانت أمريكا قد نفذت في شبه الجزيرة الكورية عملية" الثعلب الأحمر"‏,‏ في الفترة بين‏23‏ كانون الثاني/يناير‏1968‏م و‏5‏ شباط/فبراير‏1969م,‏ فإن هناك ثعلبا آخر ظهر في تلك العمليات العسكرية,‏ ونعني بذلك "ثعلب الصحراء" الذي تم خلاله دك المدن والمنازل العراقية بمن فيها .

لم يعد سراَ على احد شكل ونمط والاليات المعاصره التي تنشرها نظم العولمه اليوم فغزوها الاقتصادي لم يكن محدوداَ على حركة وحرية عبور وتبادل التجاره الحره ورؤوس الاموال المحليه والعالمية بل تعداها الى ابعد من ذلك بكثير حيث رأى مفكروا ومنظروا العولمه بان هذا النظام المعاصر حتى يستطيع الاستمرار لابد من السيطره العقليه والفكريه والثقافيه على حياه الشعوب على كافة الاصعده والمستوياتحتى يبقوا تابعين لهذه النظم  ومستلبين يعملون من غير وعي من اجل ديمومة هذه النظم.

من هنا، فان سهولة الغزو، وسيطرة الفكر الاستهلاكي، العولمي المعاصر، على الشريحة الأكبر من شعوب المنطقة العربية قاطبة، فمع غياب المشاريع الفكرية الكبرى، من المشروع القومي، إلى الإسلامي التنويري، والليبرالي، والاشتراكي، بل وحتى المشروع الوطني لم يكتب له النورفي معظم المنطقة العربية، ولذلك جاءت الأجيال العربية المعاصرة، وتحديداً ما بعد حقبة السبعينيات والثمانينيات، ومن ثم ما بعد انهيار المعسكر الاشتركي، فمع غياب هذه المشاريع ذهب العقل العربي إلى مرحلة خطيرة من التسطح العقلي، والفراغ الفكري العميق، الذي بات عاجزاً عن الوقوف في وجه التحديات المعاصرة، وخاصة على المستوى الفكري، يأتي مفهوم الاستلاب بمعانيه الكثيرة ليسيطر على عقل الكائن الإنساني عامة، ومنه ما يصيب المجتمعات العربية من استلاب لنظم ثقافية ونمط حياة استهلاكية معاصرة، تندرج تحت إسم النظام العالمي الجديد.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !