أثار موافقة الشعب التركي على التعديلات الدستورية، والتي تهدف إلى تعزيز الديمقراطية في تركيا، وحقوق الأفراد، ويتوقع أيضاً أن تتسبب في إجراء تغييرات بعيدة المدى على السلطة القضائية القوية، وذلك في الاستفتاء الذي أجرى يوم الأحد الموافق 12/9/2010 كثيرا من القضايا التي يجب أخذها في الاعتبار بالنسبة للشعوب التي تريد أن تتحرر من الاستعباد، وتملك كلمتها وقراراتها، وتعيش في كرامة موفورة، وتتحرر من الوصايا الدولية المتعجرفة المفروضة على الشعوب المستضعفة ومن هذه القضايا:
أولا: أن الديموقراطية بآلياتها الحديثة هي أقرب النظم لتحقيق الحرية، وتحرير الإرادة، فيجب على الشعوب المبتلاة بالديكتاتورية أن تسعى لإقرار الديموقراطية، وأن تجاهد دستوريا للوصول إلى تحقيقها.
ثانيا: أن الوعي السياسي للشعوب هو بداية الطريق لتحقيق الديموقراطية، وما ينتج عنه من مشاركة حقيقية في العمل العام، والتفاعل مع الأحداث العامة، التي من شأنها أن تغير في مستقبل البلاد تقدما أو تأخرا، وهذا ما وعاه الشعب التركي عندما ارتفعت نسبة المشاركة في الاستفتاء عن ذي قبل حيث بلغت 77% .
ثالثا: أن العالم لا يحترم إلا الأقوياء، والحرية هي أهم مصادر القوة، فقد جاء الرأي العام العالمي مؤيدا لنتائج الاستفتاء، وارتفعت نسبة المؤيدين لانضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، فقد أشاد أوباما بنسبة المشاركة المرتفعة في الاستفتاء حول تعديل الدستور في تركيا، وأشار البيت الأبيض في بيان نشره عقب اتصال أجراه أوباما برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، إلى أن الرئيس الأمريكي "أقر بحيوية الديمقراطية التركية، التي تعكسها المشاركة في الاستفتاء" .
من جانبه أشاد وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيليه بنتيجة استفتاء الأحد لمصلحة تعديل الدستور في تركيا ، وقال الوزير الألماني في بيان صدر ليل الأحد الاثنين"أرحب بنجاح الاستفتاء، إن تعديل الدستور هو خطوة إضافية مهمة في الطريق الذي تسلكه تركيا في اتجاه أوروبا" وأضاف أن "مضمون هذا المشروع الإصلاحي تمت مناقشته بعمق في تركيا ، إن هذه المناقشة داخل المجتمع المدني التي تناولت التفاصيل الملموسة لتوازن السلطات داخل الدولة، تستدعي الترحيب خصوصاً وهي لم تنته بعد من دون شك"، وأبدى ثقته "بأن عملية الإصلاح ستنفذ بهدف تحقيق انفتاح أكبر للمجتمع" .
وقد نظم وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي اجتماعا تاريخيا في بروكسل من شأنه أن يسرع مرة أخرى بعملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وفي الاجتماع استبدل الوزراء خلافاتهم القديمة بشأن عضوية تركيا بالنقاش حول كيفية تطوير حوار استراتيجي مع تركيا.
وخيم على هذا اللقاء التاريخي الذي شارك فيه وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أجواء الحوار الايجابي، وأصبح ساحة للتصريحات المشيدة بالصعود التركي على مستوى العمل الدبلوماسي.
وكان تصريح ألكسندر اشتوب وزير خارجية فنلندا هو الأكثر قوة في حق تركيا؛ حيث قال " إن تركيا اليوم واحدة من خمس دول هي الأكثر تأثيرا في العالم، وهي كذلك ودون جدال أكثر تأثيرا من كل دول الاتحاد الأوروبي".
وأوضح شتوب أن تركيا ذات تأثير ضخم في الشرق الأوسط وأفريقيا والخليج العربي وإيران، وطالب بضرورة أن يعمل الإتحاد الأوروبي من أجل التعاون مع تركيا في قضايا الأمن والسياسة الخارجية بشكل عام.
رابعا: أن الإصلاح السياسي هو البوابة الرئيسة للإصلاح الشامل ورفع الشأن وتوفير الحياة الكريمة داخليا وخارجيا.
فهل تعي الشعوب العربية والأنظمة العربية الدرس؟ أم سنظل نحلم بالمستحيل؟
التعليقات (0)