مواضيع اليوم

الاستحقاق الرئاسي..الشعب الفلسطيني بين عباس و"حماس"!

suzan khwatmi

2009-01-13 15:12:36

0

قد يعتبر البعض الحديث عن استحقاق الرئاسة وما يعنيه فلسطينيا، حديثا في غير مكانه وزمانه، في ظل الاوضاع الكارثية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الا اننا وانطلاقا من معرفتنا بطرق تفكير قيادتي فتح وحماس، نستطيع أن نقول ان الجرح الفلسطيني النازف في غزة الان لن يردع هؤلاء عن الحديث عن الاستحقاق الرئاسي، فالسلطة والقائمون عليها لا هم لهم الا مزيدا من الوقت كي يغرفوا مزيدا من اموال الشعب الفلسطيني، ليعيشوا وأبنائهم حياة بالغة الترف والرفاهية.

كما ان "حماس" التي رفضت تمديد التهدئة المؤقتة وقدمت بذلك الذريعة لاسرائيل لتشن حربها على غزة وشعبها، لن يعنيها حال الشعب الذي استخدمته ولا تزال كدروع بشرية في الحرب، وستعمل على تكريس الانفصال عن الضفة الغربية من خلال استكمال شروط اقامة امارتها "الحمساوية" التي مهدت لها باصدار قوانين طالبانية قبيل الحرب، ودعت قبل أيام على لسان ممثلها في لبنان أسامة حمدان لرحيل عباس عن الرئاسة الذي لم يقدم شيئا لشعب غزة خلال الحرب المستمرة حتى اللحظة، وكذلك فان نائب رئيس مكتبها السياسي موسى أبو مرزوق قد أكد قبل انتهاء ولاية عباس بيوم واحد ان شرعيته انتهت.

ان الشرعية الديمقراطية التي يمنحها صندوق الانتخاب تظل محكومة بمدى تحقيق البرنامج الانتخابي الذي تم انتخاب صاحبه على اساسه، سواء كان رئيساً أو كتلة برلمانية، وفي جردة حساب سريعة على ما تحقق من برنامج الرئيس عباس وبرنامج كتلة "حماس" في المجلس التشريعي الفلسطيني، نرى ان الطرفان قد أخذا الشعب الفلسطيني في اتجاهين مختلفين، لكن كلاهما يصبان في هاوية سحيقة يدفع شعبنا ثمن فاتورتها على شكل مفاوضات لا افق نهائي لها بالنسبة لفريق الرئيس عباس، كما يدفع شعبنا اليوم في غزة من دمائه الزكية ثمنا لها نتيجة "الاصلاح والتغيير الدموي" التي ساقت "حماس" شعبنا اليه.

الرئيس عباس تم انتخابه استنادا الى برنامج الدولة الفلسطينية وتعزيز دولة القانون، وهو الذي وصل الى رئاسة الوزراء في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات بارادة غربية اسرائيلية، وقد تم عبر تلك الارادة انتزاع الكثير من الصلاحيات لتكون بيد محمود عباس، وكنَا حينها الى جانب عباس بسبب ما بدر من الرئيس الراحل من تردد افضى الى عدم التوقيع على ما تم الاتفاق عليه في كامب ديفيد 1999، حيث الشعب الفلسطيني ما زال حتى اللحظة يدفع ثمن تردد عرفات وعدم توقيعه لاتفاقية كامب ديفيد، وهي الاتفاقية التي يحلم عباس بتحقيق أقل منها بكثير الآن.

وكذلك "حماس" التي عبرت عن احلامها التفاوضية في رسالة رئيسها خالد مشعل التي حمَلها للاديب الفرنسي اليهوديي مارك هالتر لايصالها للرئيس الفرنسي ساركوزي بان على اسرائيل التفاوض مع "حماس" لانها الطرف الاقوى والقادرة على احترام و"فرض" التزاماتها للعالم على الارض، وانه لا جدوى من الاستمرار بالتفاوض مع عباس بسبب ضعفه.

عشرات اللقاءات الثنائية عقدها عباس مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت، ومؤتمرا دوليا للسلام في انابوليس، ومئات اللقاءات الثنائية الفلسطينية الاسرائيلية على كل المستويات لم تفض الا لاطلاق بضعة مئات من الاسرى الفلسطينيين.

ومن المثير للضحك والاسى معا ان اسرائيل لم تكد تطلق سراحهم لاعطاء دفعا لعملية السلام ولدعم الرئيس عباس حتى تعود لتعتقل أكثر منهم خلال عدة أيام بعد اطلاق سراح كل دفعة من الاسرى، أما النتيجة الثانية فهي زيادة عدد الحواجز العسكرية الاسرائيلية في الضفة الغربية بنسبة 7% بين سبتمبر 2007 وابريل 2008 حسب تقرير لمكتب الشؤون الانسانية التابع لهيئة الامم المتحدة في القدس.

وهناك الان 630 حاجزا عسكريا تنتشر في طول الضفة وعرضها، بكل ما يعنيه ذلك من تقطيع لاوصال الضفة الغربية المُقطعة أصلا بفعل الجدار العازل، وما يترتب على ذلك من صعوبات جمة تواجه الاقتصاد الفلسطيني التي تنعكس آثارا سلبية مباشرة على المواطن الفلسطيني ومستوى معيشته الذي يتجه نحو الأدنى دائما.

لقد وجدت اسرائيل في ضعف الرئيس عباس وتبعثر القرار الفلسطيني على مراكز قوى عديدة في السلطة الفلسطينية وحركة فتح، وكذلك الفساد المستشري في صفوف رجالها، ذريعة للتهرب من استحقاقات عملية السلام بدعوى عدم وجود شريك فلسطيني قادر على احترم التزاماته والاتفاقيات التي سيوقعها، مما منحها مزيدا من الوقت من خلال فرض المزيد من الوقائع الجديدة على الارض، عبر التوسع في الاستيطان وخصوصا في المستوطنات المحيطة بالقدس، وانشاء تجمعات استيطانية جديدة وغض النظر عن تجمعات استيطانية عشوائية يقيمها مستوطنون بتشجيع من الاحزاب اليمينية المتطرفة.

لقد أدت كل تلك التصرفات الاسرائيلية المستندة اساسا الى ضعف وفساد السلطة الفلسطينية ومن ضمنها غياب كلَي لدولة القانون وترسيخ دولة "الأبوات"، أدى ذلك الى فقدان ما تبقى من شعبية الرئيس عباس، لأن ما حصل على الأرض جاء معاكسا تماما لما بشَر به عباس الشعب الفلسطيني في برنامجه الانتخابي.

كان من الممكن للشارع الفلسطيني أن يغفر للرئيس عباس أمورا قد تكون فوق طاقته ولا يد عليا له فيها، مثل جمود عملية السلام حيث لاسرائيل اليد العليا، ولكن لا يمكن أن يتسامح الشعب الفلسطيني بأمور داخلية لها علاقة بترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، حيث يستطيع عباس ان ينجز الكثير في هذا المجال.

وحديثنا هنا تحديدا عن اصلاح مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، والعمل على ترسيخ دولة القانون، إلا ان السيد أبو مازن ونتيجة لسياساته القائمة على مبدأ ارضاء الجميع حتى يرضى الجميع عنه -الجميع هنا هم أزلام فتح- فقد استشرى الفساد وسادت المحسوبية، مما أضاع هيبته وهيبة كل مؤسسات السلطة.

لقد وصل الامر بالرئيس عباس انه وعد أحد أزلام فتح بتكليف "تاجر أجهزة الخلوي" رئيس المجلس التشريعي السابق بمهة "نضالية" جديدة بعد أن أُعفي من مهامه عقب تلك الفضيحة، فقط ارضاءً لذلك النافذ الفتحاوي.

أما بالنسبة لـ"حماس" التي استفادت كما اسرائيل من ضعف السلطة وفسادها لتتمدد كثيرا في اوساط الفلسطينيين وخصوصا في قطاع غزة، من خلال الاموال "الايرانية" الطائلة التي تم ضخها في قطاع غزة بشكل خاص على شكل جمعيات خيرية ومدارس ومراكز صحية ومستشفيات ومساجد، فقد كانت هذه االحركة خيارا بديلا لفساد السلطة وفتح.

وهو ما عبر عنه المواطن الفلسطيني في صناديق الاقتراع من خلال التصويت لـ"حماس" وبرنامجها "الاصلاح والتغيير" الذي لعب على عدة أوتار حساسة في الشارع الفلسطيني أهمها الجانب الديني في مجتمع يهرب الى مزيد من التديَن يمنحه على الاقل وعدا بحياة أخرى أفضل من التي يحياها الان، مما مكَن "حماس" من تحقيق فوز كاسح لم تكن تحلم بأكثر من نصفه في الانتخابات التشريعية، ليكلف بعدها الرئيس عباس اسماعيل هنية بتشكيل الحكومة بوصفه الشخص التي اختارته كتلة "حماس" ليكون رئيسا للحكومة الفلسطينية، لكن ما الذي تحقق من برنامج "الاصلاح والتغيير"؟

بدأت حكومة "حماس" ذات اللون الواحد بسياسة اقصائية لأبناء فتح والفصائل الأخرى والمستقلين لا مثيل لها، قابلها سياسة تفريغ وظيفية لكل المنتمين لحركة "حماس" ومن يدين لها بالولاء، وحين اصطدمت ببعض العقبات في بعض أجهزة الأمن وخصوصا جهازي المخابرات والأمن الوقائي بادرت وبأمر من وزير داخليتها سعيد صيام لتشكيل القوة التنفيذية التي ضمت أغلب عناصر ما يسمى "كتائب القسام" اليها لتصبح هذه القوة فيما بعد النواة الأساسية للانقلاب الدموي على السلطة ومؤسساتها.

أساس برنامج "حماس" السياسي هو رفض عملية السلام ورفض التفاوض ورفض كل الاتفاقيات الموقعة بما فيها تلك التي أقرت السلطة الفلسطينية وهياكلها الادارية وفي مقدمتها الحكومة الفلسطينية نفسها، وحتى اللحظة وبصراحة مطلقة، لا أفهم كيف انتخب الفلسطينيون نواب "حماس" بهكذا برنامج وبشقه السياسي على الاقل، وجميعهم يعلمون ان شريان الحياة الاساسي للضفة الغربية وقطاع غزة هو اسرائيل وما يعني ذلك من ضرورة اللقاءات الثنائية اليومية على مستوى الوزراء ونزولا حتى مستوى صغار المدراء الذين لا بد أن يلتقوا للتنسيق في مجال الكهرباء والماء والمواد الغذائية والمحروقات وجباية الضرائب الفلسطينية التي مازالت تجبيها اسرائيل حتى الان وتحولها لحساب السلطة الفلسطينية.

كما لا أعلم كيف ينتخب الفلسطينيون حركة تريد أن تواجه كل العالم وفي مقدمته ذاك العالم الغربي الذي ما زال حتى اللحظة يدفع رواتب الموظفين الفلسطينيون شهرا بشهر، وياتي في مقدمة الدول المانحة للسلطة الفلسطينية في سبيل النهوض بكل المجالات التعليمية والاجتماعية والاقتصادية.

اذاً فقد التزمت "حماس" بالشق السياسي من برنامجها السياسي، ويا ليتها لم تلتزم به أصلا لانه غير واقعي ولا علاقة له بالشعب الفلسطيني وقضيته كما تسلمتها حماس من الحكومة السابقة، وهو ما أدى الى فرض حصار شامل وتوقف تدفق الاموال من الدول المانحة، وتوقف اسرائيل عن تحويل أموال الضرائب الفلسطينية الى حساب الحكومة، واكتملت الصورة السوداء التي خيمت على شعبنا الفلسطيني بالانقلاب الدموي الذي نفذته حماس على السلطة الفلسطينية وطرد عناصر الحرس الرئاسي الفلسطيني من معبر رفح وهو ما أدى الى اغلاق آخر النوافذ الذي يتنشق منها شعب غزة الحياة.

لا أريد الخوض هنا بالتفاصيل الدموية التي مارستها "حماس" خلال انقلابها، فهي صارت معروفة للقاصي والداني، وهو ما تؤكده تصرفات عناصر "حماس" خلال الحرب المستمرة التي تشدد على مراقبة التاس في غزة أكثر من مراقبة تقدم الجيش الاسرائيلي، وكذلك عمليات العنف الدموية التي تمارسها عصابات "حماس" تجاه أي تجمع صغير خصوصا اذا كان بينهم من يوالون فتح وسلطة أبو مازن، أما عناصر فتح فهم قيد الاقامة الجبرية منذ بدء العدوان ، وان تجرأ أحدهم وخرج الى الشارع فالرصاص الحمساوي المسكوب على قدميه ينتظره في أحسن الأحوال.

لقد تحول مجاهدو الامس "الحمساويين" الى تجار سولار وقمح وطحين والبسة ومخدرات أيضا، من خلال سيطرتهم على مئات الانفاق في رفح من اجل تهريب كل شيئ ليبيعوه الى أبناء غزة بأسعار خيالية، حتى يتمكنوا من تسديد رواتب عناصر ميليشياتهم، والصرف على رفاهية قياداتهم الذين "تكرشوا" جميعا واحمرت وجناتهم وانتفخت أوداجهم.

أما كميات السلاح الكبيرة التي تم تهريبها في العاميين الاخيريين، فلا مبرر لها اطلاقا إلا تخزين هذه الاسلحة لتكون جاهزة عند الطلب من قبل من يدفع ثمن هذه الاسلحة ومن يساعد على تمريرها، ومن يأوي قيادات "حماس" في فنادق الخمس نجوم، وهؤلاء هم فقط النظامين السوري والايراني سبب كل القتل والارهاب والعنف والقتل في العراق ولبنان وفلسطين.

أخر أفكار "حماس" التدميرية هو رفضها تمديد التهدئة التي كانت قائمة خلال الستة أشهر الأخيرة، وكانت تريد من وراء ذلك ابتزاز اسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية ومن خلفهما اللجنة الرباعية حتى يتم افتتاح معبر رفح وخرق الاتفاقية الخاصة بالمعبر، ليكون لعصابات "حماس" وجودا على الجانب الفلسطيني منه.

وفي الحقيقة لم تكن تدرك "حماس" حجم الرد الاسرائيلي على عدم تمديد التهدئة واطلاق الصواريخ، وهو ما أكده رئيس مكتبها السياسي في ذات الرسالة التي ذكرتها أعلاه حين قال للأديب الفرنسي ان "حماس" أرادت ان تستفز اسرائيل بشكل بسيط، ولم يكن يعلم ان اسرائيل سترد بهذه القوة، وهو ذات الوضع مع "سيد" الحزب الالهي الذي جلب الدمار لبلده لبنان حين لم يخمن حجم الرد الاسرائيلي على خطف الجنديين الاسرائيليين عام 2006.

ان القيادة وأيَا يكن نوعها تتحمل مسؤولية تامة عن عجزها على عدم تقدير الأمور، وعليها أن تتحمل كل التبعات الوخيمة والمدمرة نتيجة سوء تقديرها، وبالتالي يجب محاسبتها، ولكن من يحاسب من في ظل سطوة العصابات.

لقد أدى رفض "حماس" لتمديد التهدئة الى رد فعل اسرائيلي عنيف، تجلى بمجزرة رهيبة مستمرة حتى اللحظة، أغلب ضحاياها أبرياء من الاطفال والنساء وصغار العناصر الحمساويين المُغرر بهم، أما قيادات "حماس" ومن كل المستويات فقد اختفوا في أنفاق عميقة تحت الارض تم تجهيزها مسبقا، بحيث لم نرى حتى قائد حمساوي صغير يزور الجرحى في المستشفيات، أو يواسي عائلات القتلى، وكل ما فعله هؤلاء انهم كانوا يوجهون صغار العناصر لاطلاق الصواريخ من المساجد والمدارس مما تسبب بزيادة كبيرة في عدد القتلى من المدنيين، نتيجة الرد الاسرائيلي على مصادر اطلاق الصواريخ.

اذن السيد عباس أخفق في تحقيق برنامجه ايَما اخفاق، ولم يعد هناك من شيء قادر على تقديمه للشعب الفلسطيني، وأدعوه بوصفي مواطنا فلسطينيا الى تحديد موعدا عاجلا للانتخابات ومغادرة موقعه الرئاسي بهدوء.

أما "حماس" التي لم تجلب لشعب غزة الا القتل والدمار فاني أدعو شعب غزة للنهوض من تحت الرماد واستغلال الفرصة السانحة للانقضاض على أفراد عصابتها، وبغير هذا فان تلك العصابة ستظل متسلطة عليكم بالحديد والنار الى أجل غير معروف، وعلى الشعب الفلسطيني أن يعرف كيف يختار قياداته في أية انتخابات مستقبلية، وعليه أن يبتعد عن كل ما هو فصائلي، فهناك آلاف الكفاءات بين المستقلين القادرين على قيادة شعبنا نحو الاستقلال وسيادة دولة القانون والاصلاح والتغيير الحقيقي.

 


التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !