مواضيع اليوم

الاستاتيكا بشرح زوال امريكا

انور محمد

2009-02-26 15:39:24

0

مبادئ الإستاتيكا

بشرح زوال أمريكا

---------

    اليوم أعلن الرئيس باراك حسين رئيس الولايات المتحدة قرارا ببدء سياسة جديدة من الدبلوماسية الهادئة والحوار بين أمريكا ودول العالم يخالف ذلك النهج الذى دأب عليه سلفه . توقفت كثيرا أمام هذه الكلمات وراجعت قوانين التاريخ البشرى وسنة الله فى أرضه فأيقنت أن وراء الأكمة ما وراءها فى ذلك الخبر .

    فهذا الخبر على صغر حجمه وعلى بساطة كلماته وعلى حسن ظن الناس به وعلى تشجيعهم وإعجابهم به وتأيدهم كذلك طمعا فى الهدوء والسلام وحبا فى العيش دون نزاع وهذا مطلب أساسى وحيوى للإنسان فى كل زمان ومكان ؛ إذ هو الغاية من تعمير الأرض وإصلاحها دون فساد ودمار ، أقول هذا الخبر رغم كل ذلك فالعين الثاقبة تؤكد أنه بداية التحول من عصر لعصر ، وسوف يبدأ عصر جديد  تتضح معالمه يوما بعد يوم وسنثبت هنا بعض الملامح الأولية له .

    إن الدارس للتاريخ البشرى فى عصوره المختلفة يلاحظ دوران التغير مع دوران عناصر القوة ، والقوة بالنسبة للبشر هى قوة السلاح فمن يملك السلاح هو الذى يملك التغيير للأسف رغم أن المنطقى بالنسبة للإنسان أن الذى يملك العقل هو الذى يملك التغيير !! لكن دور العقل عجز عن ذلك لأن الصراع دائما هو حول فرض الرأى وهذا عندما لا يتحقق ذلك بالكلمات يتحقق بالسلاح ، فالعقل تاريخيا يقف خلق القوة بل لعل القوة تسخره لاختراع ما يدعمها ، انظر لأى دولة تجد قوة الحكومة فى قوة الردع والدول التى تتعدد فيها مصادر القوة وتجد السلاح فى يد كل فرد تنتشر فيها الفوضى والخراب وعدم الاستقرار فأنت لا تستطيع أن ترجع الهدوء والنظام للبنان مثلا طالما أن السلاح ليس فى يد الحكومة وحدها ، كذلك فى العراق ، والسلطة الفلسطينية لا تملك الحكم لأنها لا تملك السلاح وحدها بل هو موزع مع غيرها ، انظر كذلك لأفغانستان والصومال وكل مناطق النزاع تجد أن عدم الاستقرار يرجع لأن السلاح أو القوة بمعناها الشامل ليس فى يد الحكومة وحدها من ثم فلا استقرار ولا رأى للحكومة ، إن الإنسان العاجز عن تحقيق إنسانيته يلجأ لفرض رأيه بالقوة لأنه لا يملك العقل وهذه الجماعات هى تحارب العادات البشرية والطبيعة والأرض والسماء والهواء عندما تريد فرض رأيها فهل تراها قادرة على حرب كل هذا .

   ذكرنى هذا الحديث بعصر المماليك فى مصر فعند سقوط الخلافة العباسية على يد المغول الذين اكتسحوا العالم استطاع الظاهر بيبرس القضاء عليهم فى نهاية الأمر وانتزاع السلطة بالقوة أيضا وأراد اسسترداد السلطة لكن المماليك فى نظر الناس عبيد فقاموا بإحضار شخص من الأسرة العباسية وأقاموا به الخلافة العباسية فى القاهرة عوضا عن بغداد وظل هذا الخليفة مجرد صورة أما من كان فى يده الحل والعقد وأمر الحكم الحقيقى فكان فى يد السلطان المملوكى الذى كان بعد تعيين الخليفة العباسى يحضره أمام القضاة ويجعله ينيبه عن نفسه فى كل الأمور ويمضى الخليفة ليختفى عن الناس ويبقى السلطان المملوكى يحكم ما يريد وظل هذا الوضع إلا أن حدث تنازع بين المماليك أنفسهم – مصدر القوة – فصاروا هم من يضعون السلطان ويخلعوه فكانت أهم وظائف الدولة هى وظيفة أتابك العسكر وهى وظيفة تعادل وزير الدفاع أو الحربية والقوات المسلحة فكان من يتولى هذه الوظيفة هو الحاكم الحقيقى للبلاد لا الخليفة العباسى ولا السلطان الذى فقد مصدر القوة لدرجة أنهم كانوا يخلعون خليفة ويضعون آخر ويخلعون سلطانا ويثبتون آخر فوضعوا السلطان نور الدين على بن الأشرف شعبان بن حسين بن المنصور قلاون وعمره سبع سنين ولبس شعار السلطنة من خلف ستارة ولقبوه المنصور فى عام 778 هـ  ليس ذلك هو الحادث الوحيد بل هو متكرر مع تغير مركز القوة ، فلما تولى برقوق العثمانى وظيفة أتابك العسكر خلع السلطان المملوكى وتولى بنفسه السلطنة كأول حاكم تركى كما خلع الخليفة العباسى وعين غيره .

   الشواهد كثيرة تحتاج مساحة كبيرة أردت أن أذكر طرفا يسيرا منها  وليس ذلك فى التاريخ العربى فقط بل فى تاريخ البشرية كلها فالمبدأ واحد وهذا ما يدفعنا للمقولة السابقة وهى نهاية العصر الحالى ، نعم نحن ختمنا بمقولة باراك حسين العصر الحالى الذى كانت فية الديناميكية الأمريكية هى الموجهة للعالم وبدأنا عصرا جديدا عندما فضلت أمريكا أن تركن للسكون والإستاتيكا ، كانت مفردات العصر السالف تستقر فى يد أمريكا التى تمتلك القوة وتمارسها فى كل مكان فتفعل ما تريد فى أكثر من دولة والجميع يعلم ويعانى ، والسؤال ما ملامح العصر القادم ومفرداته وإلى أين نحن ذاهبون ؟

   الجواب ينتظر من يحمل مبادرة القوة التى تقود العالم ، فالأمور تسير للأسف مع القوة لا العقل على عكس ما نتمنى وهنا ستظهر عدة سيناريوهات الأول أن تظهر فى كل منطقة قوة تجتذب من حولها وتفرض عليها سطوتها وهذا سينشر الفوضى أكثر لأن تصارع المصالح سيؤدى لنزاعات إقليمية ولن يؤدى للسلام كما ينشد الصالحون من الناس ، إن الجواب هو انتقال السلطة من يد أمريكا إلى يد دولة أخرى فإن لم يكن فستكون مجموعة قوى تنفرد كل منطقة بقوة محدودة .

     ففى منطقتنا مثلا نجد القوة فى مصر وإيران وتركيا وهى القوى الأساسية منذ التاريخ القديم فالروم والفرس كانا يتبادلان الحكم مرة للفرس ومرة للروم وهم الترك حاليا وكانت مصر تتبادل معهم السلطة لأنها القوة المركزية فكان من يمتلكها يمتلك العالم معها ، ونضيف الآن إسرائيل وهى تمثل القوة الغربية الطامعة فى الشرق كما كانت الحملات الصليبية سابقا تأتى كقوة طامعة فى خيرات وكنوز الشرق فاليوم أصبحت الحملات الصليبية الممثلة فى التدخل الغربى مستقرة عندنا ، وهنا لا نعنى التوجه الدينى بالصراع الحضارى فالأمر ليس صراعا دينيا كما يرجح البعض بل صراع حضارات والخلط كان دائما فى فهم صراع الحضارات على أنه صراع أديان وهذا ليس صحيحا فصراع الحضارات هو صراع بيئات وثقافات ، والدين جزء منها وليس كل ما فيها ، والمتصور الآن إذا انسحبت أمريكا من الموقع كما يريد باراك حسين أن تنفرد واحدة من هذه القوى بالأمر فهل تتحد قوتان ضد الباقى أم يبدأ توزيع أدوار بينهم ، إننى كنت أريد أن أقدم احتمال الأمن والسلام وأقدم البشرى ببداية عصر هادئ كما يقول باراك حسين لكن للأسف تاريخ البشر ينتقل من صراع لصراع ذلك هو الفساد الذي ظهر فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس .

   لا يزال حلم السلام والأمن أمنية عزيزة التحقيق لأن الإنسان يريد فرض رأيه على غيره ولا يفهم فلسفة الاختلاف ، وكل من يريد فرض رأيه على غيره يجهل أن للكون خالقا لو شاء لجعل الناس أمة واحدة ، إن الاختلاف حكمة الخلق وإرادة الخالق .

                   والله من وراء القصد

                                 بقلم :

                                    أنور محمد أنور        




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !