في خضم التنافس على إصدار واستيراد المصطلحات ، المنتجة في دوائر ليس اقلها وكالة المخابرات الأمريكية ، والموساد الإسرائيلي ، ودوائر التآمر في شتى العالم ألانبطاحي الانهزامي ، نرى التسابق المحموم على وصف الدين ( أيا كان الدين ) وخصوصا الإسلام بأنه آلة تفريخ للإرهاب ؟
ومن هنا سنجد العشرات من المصطلحات التي تنبع من هذا النبع الغزير .سنجد الإرهابي ، والمتطرف ، والأصولي ، فوبيا الإسلام ، والمتزمت ، والمتعصب ، وسنجد من الداخل ، الشيعي والسني ، والتكفيري ، والروافض والرواجف ، وسنجد أنفسنا نساق بلا وعي وراء تلك المصطلحات ونرددها دون تمحيص ولا تفكير ..
ولم نجد في وسائل الإعلام العربية والعالمية من يتكلم عن التسامح والوسطية بمعناها الشامل الذي يعطي بقدر ما يأخذ ، ويساوي بين الناس ويكون الأساس هو العدل وإحقاق الحق ( أو كما يقولون ليس الكيل بمكيالين ) .
فالتسامح والوسطية التي ينادي بها البعض منا تعني في نظره التنازل عن الحقوق والسكوت على الظلم وغض البصر( ليس عن المحارم ) بل عن الانتهاكات التي نتعرض لها في جوانب حياتنا المختلفة .
وأما التطرف الذي يتكلمون عنه هو أن تكون مناقضا لهم في الفكر مخالفا لهم في العقيدة ، مطالبا بحقوقك وحقوق شعبك واهلك ، هو أن تصرخ من الألم بصوت عال .. صراخك هذا تطرف ..
كان الأولى بك أن تتجرع مرارة الظلم مرارا وتكرارا ، وان تغض بصرك وتصمت ، وتتظاهر بأنك تقدمي ، وإلا فأنت إرهابي ، كيف للمظلوم الذي احتلت أرضه واستبيحت حقوقه وانتهك عرضه ودنس شرفة ودمرت أقدس مقدساته أن لا يثور وان لا يقاوم ..
فهو سيكون بين خيارين لا ثالث لهما إما أن يكون تقدميا متفهما وسطيا ويسكت على الظلم ويغض بصره ليوصف بأوصاف تنبع من مصطلحا تهم ... ربما يكون معتدلا ..
أو أن يثور وهو الوضع الطبيعي للإنسان الطبيعي .. وبهذا سيكون إرهابيا .. متطرفا .. أصوليا ..وما خطر ببالنا نحن العرب والمسلمين بشكل عام ونحن نردد تلك العبارات على شاشاتنا وصحفنا ، أن الإرهابي هو من ظلم وتعدى حدود بلاده إلى حدود الآخرين نهب وسرق وهتك وقتل ودمر وأباد واستباح وفعل فعلا تعجز اللغة عن وصفه ...فهل يعد من يقاوم الاحتلال إرهابيا ؟؟؟؟
فلم نجد دينا يتعرض للهجوم كما يتعرض له الإسلام ، ولم نجد قوما يتعرضون للاستنزاف والانتهاك كما يتعرض له المسلمون ، ولم نجد في شتى مناطق العالم على مر عقود طويلة خلت بلدانا تتعرض للدمار والنهب والسلب والحرب والقتل والغزو كما تتعرض له بلاد الإسلام .. فالحروب اليوم فقط حيثما كان إسلام او مسلمين ... ففي أفغانستان والهند وكشمير وباكستان والفلبين واليمن والعراق وفلسطين والصومال والشيشان والبوسنة والهرسك فقط . فهل هذا من قبيل الصدفة ؟؟؟؟؟؟؟ ...
فأوروبا وأمريكا واستراليا وأمريكا الجنوبية عموما تنعم بالراحة ودعة العيش والرفاهية ، يرسلون جنودهم وبوارجهم وسفنهم وطائراتهم إلينا عبر آلاف الأميال ، يدعون أننا نشكل خطرا عليهم .. ويتكلمون عن الضربة الاستباقية .. وخطر الإسلام الذي يهددهم ..فهل يملك المسلمين من وسائل الهجوم ما يشكل خطرا عليهم ؟؟ وهل يملك المسلمين من وسائل الدعاية الهدامة والآلة الإعلامية الجبارة ما يملكون ؟ وهل لدى المسلمين من القادة ما لديهم ؟ وهل سبق أن قامت دولة عربية أو إسلامية بالهجوم على أمريكا او بريطانيا أو فرنسا أو أي دولة أوروبية أو أمريكية أو غيرها ..فظلا عن عدم قدرتها على القيام ..
وبالتالي من هو الذي يمتلك الخوف المسبق ، والرغبة في التدمير والهجوم ،ومن هو الذي يوصف بالمعتدي والمعتدى عليه ومن هو بالتالي الإرهابي .. لنصل إلى من هو القاتل والمقتول ..ومن هو السارق والمسروق .
خيرات بلادنا كانت ويلات علينا .. ألا ليت أنا لم نرى النفط ولم نرى بواطن الأرض ، ألا ليت أنا بقينا كما كنا فقراء قبل مئة عام .. ألا ليت أننا كنا في أدغال أفريقيا .. نرعى مع الأغنام .. ونفعل كما يفعل الصيادين ليأكلوا يوما بيوم .. نشبع يوما فنحمد ونجوع يوما فنصبر .. وما تعرضنا لما نتعرض له .. ونحن ندرك أن القادم أعظم .
التعليقات (0)