الارتقاء بخلافاتنا واختلافنا
المجتمع السعودي يحاول أن يشق طريقه نحو المستقبل محاولةٌ تعترضها عقبات لكن لا مناص من دخول المستقبل ولا خيار آخر , المجتمع يعيش حالة من التخبط نظرة نحو المستقبل وأخرى نحو الماضي خوفٌ وقلق وأمنيات وأحلام تخبط المجتمع حالة طبيعية فالمجتمع فاق من غيبوبة أصابته طويلاً شلت أركانه وحدت من قدراته وشوهت حياته , الاختلاف ظاهرة طبيعية وسٌنة كونية والخلاف رٌقي والاختلاف كذلك ومجتمعنا لم يتربى على تلك الحقائق ولم يتعلمها فضلاً عن ممارستها على أرض الواقع ,الحٌريات الشخصية من أكثر المٌفردات حضوراً في القاموس الحقوقي والحقوق الغائبة من أكثر الملفات طغياناً وذلك أمرٌ صحي وطبيعي رغم العوائق والعوالق التي تظهر بين فينة وأخرى , هناك حقيقة يجب الاعتراف بها وهي وجود مفهوم صورة طبق الأصل بل وطغيانها بشكلٍ كبير فلم يعد الأمر حكراً على طرف مٌعين بل الجميع يعيش ضمن نطاق تلك المٌفردة شعرَ بذلك أم لم يشعر !.
لكل فرد حريته وإيمانه وطريقته في التعبير والحياة وهذه حقوق لا تقبل المساومة أو الانتهاك لكن ليس من حق أحد مهما كان إلزام الناس برأي مٌعين أو بسلوك مٌعين أو حملهم على التبعية بأي طريقة كانت أو تشويه الرأي والسلوك الآخر , من حق الأفراد العيش وفق ما يرونه ولا يحق لفردٍ ما أو جهة ما تعمل بلا ضوابط واضحة الوقوف ضد الأفراد وحرياتهم وحقوقهم بلا مٌبررات مٌقنعة لكن عندما يتمعن الفرد في الواقع يرى ما يٌذهل العقول الجميع يٌريد من الجميع أن يكونوا صور طبق الأصل , على سبيل المثال المرأة التي ترى جواز كشف الوجه وتتبع مذهبٍ فقهي يٌجيز ذلك الحق الإنساني تٌعاني من الأصوات المعارضة لذلك السلوك وتٌعاني من تضييق المؤسسات وتٌعاني من التصرفات المشينة التي تتعرض لها والسبب كشف الوجه تلك المعاناة يجب أن تتوقف بقوة القانون وبالوعي والتعددية الفقهية على أرض الواقع أيضاً المرأة التي ترى وجوب تغطية الوجه وترى حٌرمة قيادة المرأة للسيارة الخ تتعرض للتشويه فهي تٌعاني من نساء وفتيات يقفن ضد طرحها موقف الضد فهي متخلفة متشددة تابعة الخ والمواقف كثيرة في مٌختلف القضايا والملفات , الأمر الصحي والطبيعي هو الذي لا يضر الآخرين ولا ينال من حرياتهم وسلوكياتهم وأهوائهم البسيطة التي لا تضر أحداً , ما يحدث ليس صحياً أو طبيعياً فوظيفة الفرد ليست حمل الناس على إتباعه بل وظيفته الحقيقية نشر الوعي والمعرفة والدفاع عن الحقوق والحريات حتى وإن كان لا يؤمن بها أو يقبلها فالإنسان الحقيقي يقف مع الجميع حتى مع من يٌخالفه ويختلف معه إذا تعرض للاضطهاد بأي شكلٍ وبأي طريقة , المشكلة الحقيقية مشكلة وعي ومعرفة فمهما بلغ الفرد أياً كان جنسه "ذكراً كان أم أٌنثى " من العلم والمعرفة والثقافة فذلك لا يعني أن له الحق في تشويه الآخرين والانتقاص من حقوقهم وحرياتهم التي يرونها صواباً وحقاً مكفولاً لهم , التعددية الفقهية والتسامح والتعايش وقبول الآخر والرٌقي بالخلاف والاختلاف عبارات وليست مواقف مٌعايشة حتى عند من يٌرددها ويٌكتب عنها ويغلفها صباح مساء , نحنٌ بحاجة لفهم الحقوق والحٌريات وترك المزايدات والتهكم وتشويه من يٌخالفنا ويختلف معنا نحن بحاجة لتدريب النفس والعقل على ذلك وتعليم الأجيال القادمة والحالية أنه لا صورة طبق الأًصل وأن القانون كفيلٌ بوضع النقاط على الحروف , سلوكيات الناس ليست بحاجة لقانون فقط بل بحاجة لوعيٍ ومعرفة عكس الحقوق التي بحاجة لقوانين تٌشرعنها وتحفظها من الانتهاك الغير مٌبرر في كثيرٍ من الأحيان فوجود قوانين يعني اكتساب الحق أو التنازل عنه فالفرد بالخيار وقيادة المرأة للسيارة مثالٌ على ذلك عكس كشف الوجه أو تغطيته الذي هو سلوك بحاجة لوعي ومعرفة ودراية وحماية قانونية لمن تتعرض للمضايقات أو التهكم والتشويه في حالة الكشف أو التغطية , القضايا كثيرة ولا تقتصر على جانب مٌعين فالمواقف السياسية والفكرية والوعظية للأفراد عٌرضه للتشويه والازدراء والانتقاص والتهكم الخ , ينقصنا الشيء الكثير والأهم من كل ذلك الارتقاء بخلافاتنا واختلافنا فالارتقاء دليلٌ على الوعي والمعرفة ودليلٌ على الإنسانية السوية يرحمكم الله !...
التعليقات (0)