قد تعد مواقف خجولة وغير كافية هي الاجراءات التي كان النظام-اصطلاحا- قد اعتاد على توقعها من قرارات مجلس الامن..والتي كان من المنتظر ان لا تتجاوز تجميد عضوية ليبيا في مجلس حقوق الانسان..او تشكيل لجان تحقيقية تأتي الى البلاد بعد ان يتم تنظيفها وتلميعها وردم بقايا اشلاء المتطاولين على النظام في مطامر ومدافن لا تحمل اسماء ولا شواهد ولا بقايا زهور من حبيب دامع ملتاع..وقد يكون هذا ما كان ينتظره العقيد باسما من اجتماع مجلس الامن وهو يتحسس العقود الضخمة المسرفة السخاء التي تربط نظامه بالكثير من اقطاب الدول الكبرى النافذة..
ولكن في اسوأ كوابيس العقيد ..لم يتوقع ذلك الانتصار الكبير للحق..ولا تلك الشرعنة الاممية للثورة ..التي عبر عنها قرار مجلس الامن حول الاحداث الدموية التي تشهدها ليبيا الان..ولا ذلك التوصيف الدقيق ولا العبارات المنصفة التي كانت اقرب الى الصفعة منها الى الادانة اللفظية والتي زادت وجه القذافي وبنيه وآله الاقربين حلكة على حلكة..
اجماع كامل كان كافيا ليفقد النظام التعكز المعتاد في هكذا مناسبات حول انقسامات او ضغوط او تلاعب يتخابئ خلفها متجاهلا ومستمدا العون الاعلامي الزاعق المرتزق الرافع لشعارات مقاومة التدخلات الخارجية..ليتبلور في صيغة نادرة لقرار يلغي صفة الوصاية المطلقة التي يتبجح بها القذافي في سوم شعبه صنوف العذاب مستندا الى ابتسامات منافقة وعبارات مجاملة من هذا الطرف الدولي او ذاك..
ذلك الاجماع قد يكون هو العامل المهم الذي سحب من ايدي النظام ورقته الاثيرة التي لا تفارق الجيب الاقرب الى قلب الشاهنشاه الاممي الاعظم الا وهي الاعتماد على اي خلاف في وجهات النظر بين الدول الاعضاء على انها حالة تشظي في الموقف الدولي تبرر له الاستمرار في نهجه الاجرامي من جهة ودمغ المعارضة الشعبية الساعية الى التغيير الديمقراطي بالارتباط و
الاستقواء بالخارج..
تلك التهمة التي دائما ما تتخذها الانظمة الآيلة الى السقوط في تغطية كل ممارساتها القمعية..والتمييع على كل ما ارتكب من كوارث وآثام وجرائم في حق شعوبها ومواطنيها..و
اختزال الوطن بمجموعة من الاشخاص الذين استباحوا السلطة بقوة السلاح او بانتخابات مزيفة على احسن الاحوال ..والاعتماد على عسكرة منظمة ومفرطة للمجتمع وعلى اختلاق الازمات كضامن لاستمرارهم وذريتهم بالحكم ..ونعت من يطالبوهم ببعض الحقوق او المشاركة في الحكم والثروة بالعمالة والاستقواء بالخارج والخيانة..ويباركون ضربهم بالقوة المعدة لمواجهة الجيوش الاجنبية..
ان هذا القرار كان واضحا في اعلان وقوف المنظومة الدولية مع الشعب الليبي البطل في رفضه التضييق على الحريات ..واحتكارالقرار و الثروة في ايدي العائلة المتسلطة..والتلاعب بالدستور والقانون..وزج المعارضين في السجون وتشريدهم في منافي الارصفة الغريبة..وارتهان السياسة الوطنية العليا في تحالفات مشبوهة ..واعتماد مبدأ التأبد والتوريث..وقمع اي محاولة لفتح كوة في جدار السجن الكبير للنور ونسيم الحرية العليل..ومعاقبة الشعب لنفاذ صبره تجاه اربعون اخرى متوقعة من حكم العقيد واولاده..ومطالبته بالمساواة والعدالة الاجتماعية..
ان القرار الدولي كان عظيما من خلال وضوحه في تحديد طرفي الازمة..ووضع القذافي وعائلته ومعاونيه الاقربون في المسار المتقاطع مع حركة التاريخ وفي الجهة المقابلة المناهضة للشعب الليبي الشجاع النبيل والمجتمع الانساني برمته..
التعليقات (0)