الاختلاف الثقافي جزء من الأمة
قال تعالى:
: ( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا )الاختلاف الثقافي جزء من الأمة الإسلامية وذلك الاختلاف مرده إلى الحراك الثقافي والاجتماعي وكل ذلك لا يكون إلا باستقرار سياسي وعند حدوث صراع ثقافي فان ذلك الصراع يؤدي إلى كوارث لا يحمد عقباها.وذلك الصراع الذي يتبع أساليب مختلفة وقد تكون في الغالب قذرة لتبرير حجته ووجوده وصلاحه لا ينشأ ويولد إلا بعدة عوامل ومن تلك العوامل . العامل السياسي فالعامل السياسي عنصر هام في التوازن الثقافي إذا أدرك أن الصراع الثقافي ليس من مصلحته كنظام يسعى للاستمرار . فبعض الأنظمة السياسية تغلب فئة على أخر لمصالح عده إما أن من يتولى زمام السلطة يتبع نفس الادلوجيات والأفكار أو انه يميل مع صاحب القوة والجماهيرية لتحقيق مكاسب سلطوية ويضمن بقاءه في السلطة. وكذلك العامل الاقتصادي فالعامل الاقتصادي يعد أهم عامل فإذا تملكت فئة المال ووجدت الدعم المالي فقد تحققت رغباتها في نشر وتمرير ادلوجياتها الفكرية عن طريق وسائل الإعلام أو عن طريق التأليف وطباعة الرسائل التي تنتقص من الأخر. وكذلك العامل التعليمي وهو عامل هام جدا ويقصد به الجهل فاذا جهل الناس ان لكل فرد حريته الثقافية والفكرية فان جهلهم ذلك يكون سببا في احتقار الأخر ونبذه ويمكن أن يستغل هذا العامل من قبل فئة معينه لتمريرافكارهم وادلوجياتهم وهؤلاء الجهلة ينشئون على فكر واحد لا يحترم الأخر ولا يتقبل الآراء ويصبح أداة للقتل و التعصب المعرفي .
فكل بلد من بلاد العالم يوجد به طوائف ومذاهب متنوعة تعايشت مع بعضها البعض وافرز ذلك التعايش حضارة وتنمية وبناء . فلو اصطدمت تلك الطوائف وتلك المذاهب لحل الدمار وتعطلت التنمية وسيطر أصحاب القوة واستعبد الضعفاء .
فالمجتمع السعودي غيب أراء ومذاهب عن الساحة الثقافية فترة من الزمن وادى ذلك التغييب إلى ظهور فئات متزمتة لا تحترم رأيا ولا تقدر أديبا
فاد لجت كل شي بدا من مؤسسات التعليم حتى حياة الفرد وخصوصيته . وكانت الطامة الكبرى عندما حكمت على من خالف أرائها وأفكارها حكمت علية بالظلال والرجس ووصل الأمر إلى الكفر . وتناقل المجتمع تلك الآراء وتلك الأفكار عن جهل وتغرير وتربى عليها وأصبح أداة لنشر ما يراه المسيطر فلا مجال للتفكير أو للنقاش . وعندما ضاق المثقفين ذرعا بما يحدث تحركوا في طلب الحوار ولكن لا حياة لمن تنادي وكلما زاد تحرك من له رأي وفكر قابلته تلك الفئوية بالصدام والتحقير ووصل الأمر إلى وصف ذلك التحرك بالفسق والمجون والخروج على الدين واحدث هذا الوصف حاله من القلق الفكري والصدام الثقافي وافرز العنف الدموي الذي ذهب ضحيته شبان غرر بهم فكريا وكانوا أدوات قذرة استخدمت لتبرير ما يراه منظري ذالك التيار . ولم يكن الضحايا شباب فقط ولكن كان من هو على ذمة أهل الإسلام من معاهدين ولم يكن ذلك فقط بل كان من بين الضحايا رجال واجهوا ذلك التزمت بكل شجاعة وكان الوطن مستهدفا بان يكون ضحية لولا لطف الله .
إن حالة الصراع الثقافي تولد وتفرز العنف الذي لا يبقي ولا يذر .
فالاختلاف الثقافي بمفاهيمه المتعددة سمه من سمات البشر ولكل فئة منهجها الذي تراه صحيحا فلها الحق في إتباعه دون انتقاص الأخر ودون التأثير على الآخرين . هذا الأمر على مستوى العالم . فكيف بنا نحن أبناء الجزيرة المتنوعين ثقافيا ومذهبيا ومتعايشين منذ القدم ولكن أصبحنا منذ سنوات خلت متناحرين متصارعين . والسبب في ذلك من زرع في نفوس المجتمع الكره والحقد والكراهية . والسبب انه ذلك الأخر يختلف مع هذا المتزمت في قضايا هي في الأصل محل خلاف بين الأئمة والفقهاء .
إن الحوار الذي دعت إليه الحكومة السعودية مع أطياف المجتمع لم يكن ضربا من ضروب الترف ولكن كان لتحيق المصالح وتقديمها على المفاسد.
في الجزيرة العربية مذاهب فقهيه متعددة وتلك المذاهب اختلفت على قضايا بسيطة واجتمعت تلك المذاهب على الأصول . فذلك الاختلاف رحمة بالعباد . فلماذا بعض الفئات تريد تغليب رأيها على الرأي الأخر . فمن حق كل فرد إتباع أي رأي يراه صواب . فالمجتمع منقسم متخبط البعض مع تعدد الآراء والبعض رأي واحد لاغير والبعض بين ذاك وتلك ونسيوا أن الأئمة عاشوا في عصور كانت الحضارة في أوج اتساعها وكانوا مع اختلافهم متحابين متآخين لم يلغوا احد ولم ينتقصوا رأي احد .نحن في هذه البلاد لن نتعايش إلا بالحوار وبقبول الأخر .فيكفينا ما حدث في سنوات خلت وليكن لنا في التاريخ عبرة .
لقد أدرك المجتمع وجميع أطيافه آن الحوار ضرورة والتعايش ضرورة وتقبل الأخر ضرورة وحرية الفرد المنضبطة ضرورة . ولكن بقي فئويين لا يريدون إلا أنفسهم. فأحيانا يظهر علينا من يدعي انه مجتهد ويكفر من عارض اجتهاد أئمته . ونسي أن إجماع أئمة المذاهب يخالف ماهو علية . ولا يكتفي بذلك فحسب بل يبرر راية ويغلفه بغلاف طالما سئم المجتمع منه .وذلك الغلاف الهش يدعي صاحبة انه الصواب والأكمل .
إذا لم نتيقن نحن معشر أفراد المجتمع أن الحوار ضرورة ملحة لابد أن نلتزم بها ونتفاعل معها ونطالب بفتح مساحة واسعة لذلك الحوار حتى نقضي على إشكالات فكرية طالما تسببت في تأخير البلاد ومصالح العباد سنين عجاف.
لكن لن نتحرك ونتحاور طالما إن الحوار ومؤسسته الفكرية والرئاسية تتخذ من البيروقراطية منهجا ومن التغييب لفئات فكرية وسيلة لإرضاء فئات معينه لااعلم لماذا ذلك.
التنوع الثقافي والفكري في أي بلد يخلق حضارة ونحن بحاجة إلى تنوع ثقافي مادمنا متفقين على أصول الدين ومتفقين على وحدتنا الوطنية فذلك يدعونا إلى الالتزام بضرورة تعدد الآراء وتعدد المذاهب ولن يكون ذلك إلا بقرار سياسي يضع النقاط على الحروف . فقضايانا الفكرية تراوح مكانها وفتاوى علمائنا تراوح مكانها فمرة عمل المرأة ومرة الحجاب ومرة مفهوم الحداثة في الأدب وموقف الإسلام منه كمفهوم . فإلى متى والعلماء منقسمين وكل واحد يريد فرض راية وتغليبه على الرأي الأخر لابد من مراجعه شاملة لجميع الفتاوى ولابد من الحوار الفكري مع الدعاة ومع العلماء ومع مختلف أقطاب التيارات الثقافية والفكرية الأخرى لسبب واحد وهو تغليب مصالح العباد والبلاد على المصالح الفئوية والتحزبات التيارية التي طالما سئمنا منها .التنوع الثقافي والفكري ناتج طبيعي إذا سير في الطريق الصحيح إما إذا غيب تيار وفكر واعتلى القمة تيار وفكر فان ذلك يخلق صراع ثقافي فكري يعطل البلد ويخلق أزمات تكون سببا في انهيار البلاد لأقدر الله .
نحن كمجتمع أمام فرصة لابد من اغتنامها وإلا أكلنا يوم أكل الثور الأبيض.
اسأل الله أن يصلح الحال والى الله المشتكى........
التعليقات (0)