مواضيع اليوم

الاحتياط لاجل المستقبل

مهند الموسوعة الحرة

2010-10-09 15:43:15

0

الاحتياط لاجل المستقبل:
تتسابق بعض الدول وخاصة النامية منها الى الاستفادة القصوى من وجود الثروة المعدنية بغية استغلالها بأسرع وقت للتعويض عن النقص المادي الموجود ونتيجة لضعف العناصر الانتاجية الرئيسية مثل الصناعة والزراعة...وقد تتجاوز بعض الدول الحدود العقلانية لانتاج تلك الثروات الناضبة بطريقة تثير بعض قطاعاتها الشعبية وخاصة غير المستفيدة منها!...اما اذا كانت الدولة متطورة اقتصاديا وتمتلك من المصادر الانتاجية التي يمكنها العيش بدون الحاجة لانتاج مصادر طبيعية اذا كانت لا تملكها اساسا، فذلك امرا عاديا اما اذا كانت تملكها وبكميات تجارية وتنتج بعضا منها ولا تقوم بأستثمار البعض الاخر لاجل المستقبل ونتيجة لتوفر المادة الخام في السوق الدولية بأسعار معقولة حتى يأتي اليوم الذي تحتاجه،فذلك امرا جديرا بالدراسة والاحترام ومحاولة استعارة ذلك المثال للتقليد!...
في مصادفة جميلة حدثت لي قبل ايام،عندما تكلمت مع شخص في مواضيع عامة وبصورة مختصرة،وجرنا الحديث حول اخر الاخبار عن الاكتشافات النفطية المذهلة في العالم وبخاصة فنزويلا والعراق وغيرهما وكيف ان الكميات المكتشفة تغطي فترة زمنية طويلة بعكس النظريات الشائعة التي تهاوت بفعل انهيار السقف الزمني لتوقعاتها بنضوب النفط!...فتبين لي ان محدثي الاسترالي وهو من اصول اسيوية، جيولوجي ويعمل مع شركة شيفرون النفطية العملاقة وله خبرة طويلة ايضا مع غيرها وبخاصة في اسيا والشرق الاوسط... فأخذ يحدثني عن طبيعة عمله في المناطق البعيدة وبخاصة المناطق الساحلية الطويلة والتي اكتشف النفط والغاز فيها بكميات ضخمة جدا...وعندما ذكرت له ان احتياطي استراليا النفطي الان مازال محدودا ويقدر بحوالي 4 مليار برميل ولكن احتياطياتها من الغاز ضخمة والذي تصدره الى الخارج ...ابتسم لي وقال:سوف اطلعك على احد اهم اسرار عملي وهو ان الاكتشافات النفطية التي قامت بها شركة شيفرون العملاقة وبقية الشركات النفطية الاخرى المتعاقدة قد اظهر وجود كميات هائلة من النفط والغاز بحيث تفوق اي دولة في العالم ولكن بعد الاكتشاف يتم غلق الابار التجريبية بالطرق المعروفة او يتم فقط وضع نقاط الاشارة على المناطق الحاوية وتقدير كمياتها وتحديدها ومن ثم تترك الى اخرى يتم البحث فيها خاصة وان البلاد قارة كبيرة ولها سواحل طويلة جدا وتحتاج الى عقود طويلة من الزمن حتى يتم الكشف عن غالبية مساحتها!...وعندما سألته لماذا لا يتم الاعلان عن ذلك او على الاقل استغلاله...قال:والابتسامة على شفتيه اولا ذلك من اسرار الدولة لاجل المستقبل ولحماية الاجيال اللاحقة وثانيا ان الموجود في السوق العالمية كافي لفترة طويلة وعندما يبدأ بالنفاذ او ترتفع اسعاره سوف يبدأون بالانتاج الذي يكفي العالم لفترة طويلة مع تحسن الوسائل التكنولوجية التي سوف تخفض من التكاليف الانتاجية بالتأكيد!...وثالثا ان استراليا مكتفية ولا تحتاج الى الاستيراد الان،وعندما سألته متى يبدأ الانتاج قال:على الاقل ربع قرن من الان!... وعندما سألته نظرا لخبرته في البلاد الاخرى، ما هي الدول التي تتوقع ان تكون صاحبة احتياطيات ضخمة من المصادر الهايدروكاربونية...قال لي ان البلاد الكبيرة عادة هي الاوفر حظا مثل الصين والهند،فقلت له ان تطور البلدين وضخامة عدد السكان سوف يستهلك اي كمية منتجة وبالتالي يمنع تصديرهما للخارج!.
لفت نظري ايضا عبارته ان الحكومة الاسترالية تفكر للبعيد وتحافظ على ثرواتها المعدنية من الاستنزاف السريع بعكس الانكليز او العرب بالخصوص والذين ينتجونه بكميات كبيرة وتفوق حاجتهم الطبيعية،وهي حقيقة لا يمكن نكرانها من خلال الارقام الدالة على حجم الاحتياطي والانتاج والواردات الناتجة منه وايضا حجم الاحتياجات الحقيقية او ضعف الاستغلال الامثل لها!.
في الحقيقة هنالك بلاد عديدة في العالم تنتهج هذا النهج الخاص بعدم البدء بأستثمار مالديها من ثروات معدنية حتى ينفذ ما في البلدان الاخرى او ترتفع اسعاره بدرجة جنونية او تقوم بشراء كميات وخزنها،وكذلك تحافظ على سرية حجم الاحتياطي بالرغم من علنية الارقام الانتاجية!.
ان العمل لاجل المستقبل وللحفاظ على حقوق الاجيال القادمة والتي سوف تفوق عددنا الحالي وايضا سوف يكون استهلاكها اكبر بكثير نظرا لاستمرارية التطور التكنولوجي النوعي والكمي وارتفاع معدلات استهلاك الفرد الواحد من المواد المنتجة! يفرض ذلك الواجب من الاحتياط ويحتم علينا العيش ضمن معدلات معقولة من الاستنزاف للموارد الطبيعية،وكلنا يعلم حجم الكوارث البيئية الان الناتجة من عدم الاحتياط الكافي للمستقبل والتي اصبحت تاثيراتها شديدة الوطء على الجميع في ظل تجاهل مسبق لنظافة البيئة العالمية والاتكال على الاخرين حتى ظهرت الحقائق المرعبة والملموسة والتي دقت اجراس الخطر!...





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات