بقلم:محمد أبو علان
http://blog.amin.org/yafa1948
رصاص الاحتلال الإسرائيلي يتناثر في شطري بقايا الوطن المحتل دون حساب، ويحصد الشهداء في غزة والضفة الغربية دون اعتبار للطيف السياسي، عمليات إعدام بدمٍ بارد، الأولى لعمال فلسطينيين أردوا تحدي الموت والحصار بحثاً عن لقمة العيش في ظل حصار يفرضه العرب والعجم عليهم، وفي مدينة نابلس يتسلل جنود الاحتلال ومعهم رصاصات الموت لتخطف ثلاثة شبان من بين أمهاتهم وزوجاتهم وأطفالهم، ليس لسبب إلا لإشباع نزوة القتل الجينية لدى جنود الاحتلال الإسرائيلي.
هذه الجرائم لم تغير ولم تبدل شيئاً لا في عقول ولا في ضمائر القادة السياسيين في بلادنا، ولا حتى في وسائل إعلام تُسبّح بحمدهم وشكرهم صباح مساء، كلهم أدانوا الجريمة وشجبوها أشد شجب واستنكار، واعتبروها دليلاً جديداً على عدم جدية ورغبة الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق السلام، وكأننا لا زلنا نبحث عن مزيد من الأدلة لإثبات حقيقية الاحتلال الإسرائيلي الدموية، حقيقية عرفها أطفال فلسطين، ونساؤها وشيوخها قبل كل السياسيين الفلسطينيين والعرب والعجم منذ أكثر من ستين عاماً وعام.
في الضفة الغربية الانتفاضة ضد الاحتلال الإسرائيلي أمر غير مسموح به تحت كل الظروف، والمقاومة غير مباحة على الرغم من جرائم الاحتلال اليومية ضد البشر والحجر والشجر، وفي قطاع غزة يرفع شعار مقاومة المحتل على السنة الساسة وقادة الفصائل في خطبهم الرنانة وتصريحاتهم النارية، ويرفع على موجات البث الفضائي والإذاعي القادم إلينا من هناك، وعلى الأرض ممنوع إطلاق الصواريخ، وممنوع التماس مع قوات الاحتلال الإسرائيلي بأي شكل من الأشكال، والكل يتحجج بالحفاظ على المصلحة الوطنية وخدمة الإستراتيجية الفلسطينية.
وبدلاً من أن تكون جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق شعبنا الفلسطيني عامل وحدة وتوحد أصبحت عامل آخر في زيادة حدة الشرخ الداخلي والانقسام، فمع كل شهيد يسقط يأخذ كل طرف من طرفي الصراع الفلسطيني بإلقاء المسئولية على الطرف الآخر واضعين بعضهم بعضاً في موازاة الاحتلال الإسرائيلي إن لم يكن أشد.
فالسلطة الوطنية الفلسطينية تحمل الانقلاب ومن قاموا به مسئولية تردي الواقع الفلسطيني، وأنه المشجع للاحتلال لإرتكاب المزيد من الجرائم في ظل غياب الوحدة الوطنية الفلسطينية، من الجهة الأخرى حركة حماس وحكومتها تعتبران أن مرد هذه الجرائم الاحتلالية في الضفة الغربية "لتكبيل السلطة الوطنية الفلسطينية أيدي المقاومة"، ومنعها من الرد على جرائم الاحتلال على حد تعبيرها.
وبين هذه الاتهامات المتبادلة بين سلطتي فتح وحماس تذهب دماء الشهداء وآلام ذويهم أدراج الرياح في ظل غياب قيادة فلسطينية واحدة موحدة، ذات برنامج سياسي واحد يشكل الحد الأدنى المتفق عليه فلسطينياً، ويتحدث بلغة واضحة عن مطالبة بحقوق وطنية ثابتة لا تقبل التنازل.
كما أن التعاطي مع القضية الوطنية الفلسطينية بخيار الحل الواحد أمر فيه من الخطورة الشيء الكثير، فمن لا يريد ولن يسمح بانتفاضة فلسطينية جديدة عليه تقديم الحل السياسي والسلمي البديل لكي لا تندلع مثل هذه الانتفاضة، وشواهد التاريخ تشير بوضوح أن أية انتفاضة لن تنتظر إذناً أو تصريحاً من أحد إن بقي الحال الفلسطيني على ما هو عليه اليوم.
أما عن أصحاب مسرحية "تكبيل أيادي المقاومة" في الضفة الغربية نود تذكيرهم أن الاحتلال الإسرائيلي بكل قوته العسكرية وجبروته الاستخباري لم يستطع تكبيل أيدي المقاومة أو وقفها رغم الضربات القوية التي كانت تتعرض لها من قبل قوات الاحتلال، وعندما كان لدى حماس قرار بالمقاومة كانت تنفذ أكثر من عملية عسكرية في اليوم الواحد، مما يسقط التبرير بغياب المقاومة في الضفة بسبب إجراءات السلطة ضدها، وأن الموضوع موضوع قرار لا موضوع تكبيل أيادي.
وإن كانت أيدي المقاومة مكبلة في الضفة الغربية لماذا تغيب المقاومة عن قطاع غزة؟، ولماذا لم تعد الصواريخ تنطلق تجاه المستوطنات الصهيونية المجاورة للقطاع؟، ولماذا تُمنع فصائل المقاومة في القطاع من القيام بدورها النضالي ضد الاحتلال انطلاقاً من مناطق السلطة والسيادة لحركة المقاومة الإسلامية؟.
الأسئلة تطول وتطول إن كانت لحركة فتح أو لحركة حماس، ولن نجد إجابات شافية وكافية لدى أيٍ منهم في ظل تمترس كل منهم في زواية من زاويا بقايا الوطن معتقداً أن زاويته هي الوطن كله، والإجابة الحقيقية ستكون من الشارع الفلسطيني عاجلاً أم آجلاً، وإن جاء موعدها لن تنتظر تصريحاً من أحد، وستتجاوز الجميع وتتركهم خلفها غارقين في خلافاتهم.
moh-abuallan@hotmail.com
التعليقات (0)