الآثار عمود السياحة الفقري
منذ عام قابلت المسؤل عن المتحف الوطني بالاحساء ، وسألته عن المتحف واوقات الزيارة ، اجابني بان المتحف يفتح فقط في اوقات الدوام الرسمي من الثامنة صباحا حتى الثانية والنصف ظهراً ومن السبت الى الاربعاء ، قلت له وكيف لنا كموظفين اذا احببنا زيارة المتحف مع عوائلنا ؟ ، اجابني بقوله : ان شاء الله سوف يكون هناك خارج دوام اضافي (فترة معينة طبعا) لموظفي المتحف وسوف تكون هناك فرصة لزيارته ، حيث ان الموظفين في المتحف لا يعملوا خارج اوقات دوامهم الرسمي اذا لم يكونوا مكلفين بدوام اضافي .
لموظفي المتحف كل الحق في ذلك ، فهم اذا ما قاموا بفتح المتحف خارج اوقات الدوام الرسمي لهم دون ان يكون هناك تكليف رسمي لهم بذلك ، فانهم سوف يكونوا تحت المسائلة والتحقيق عن هذا التصرف الشخصي منهم . ولكن لماذا لا يكون هناك تكليف لهم بخارج دوام رسمي طوال العام ، لفتح المتحف خارج اوقات الدوام الرسمي وطيلة ايام العام بما فيها يومي الخميس والجمعة من كل اسبوع وايام الايجازات والعطل الرسمية واجازات الاعياد . حيث غالبية الناس في تلك الايام يكون لديهم اوقات فراغ اكثر تسمح لهم بزيارة المتحف والتعرف على ما فيه من اثار . او ان يكون هناك زيادة في عدد الموظفين فيه يقسم العمل بينهم بحيث يعمل قسم منهم في اوقات الدوام الرسمي للقيام بالمهام الرسمية المطلوبة منهم ، والقسم الاخر يعمل في المساء وايام العطل والاجازات من اجل فتح المتحف للزوار في كل الاوقات .
وقد كثر هذه الايام الاهتمام بالاثار والمعالم التاريخية في المملكة بصف عامة وفي الاحساء بصف خاصة بشكل ملحوظ ، ولكن هذا الاهتمام بالرغم من الجهود الكبيرة التي تصب فيه ، الا انه ينقصه الشيء المهم ، وهو كيفية زرع اهمية الاثار في حياتنا وطرق المحافظة عليها ، وسبل تفعيلها كواجهة سياحية يقصدها الزائر من الخارج . وهذا لا يقتصر فقط على مرحلة عمرية معينة ، فالجهود التي تبذل في غالبيتها هي موجهة للشباب ، وممن ليس له معرفة بتاريخ منطقته واثارها ، ولكن يجب ان يكون هناك نصيب للاطفال وصغار السن ، لكي نعلمهم الاهمية التاريخية لتلك المواقع واهمية التاريخ لنا في الحاضر والمستقبل ، كما يجب ان يكون لكبار السن نصيب ليس بالقليل من هذا الاهتمام ، كي يتذكروا تاريخهم السابق ، وايام شبابهم وكيف قضوها بين تلك الاثار ، فالصغير اذا ما وجد لدى ابائه واجداده ومن هم اكبر منه سنا اهتمام بالاثار فانه سوف يهتم بها لاهتمامهم بها ، قبل ان يعي الاهمية التي تحملها تلك الاثار ، وقبل ان يسمع ما ترويه بقايا الماضي من قصص لمن شيدها وعاش بين معالمها .
وبالرغم من انه يوجد تنسيق بين الهيئة العامة للسياحة والاثار وبين وزارة التربية والتعليم من خلال برنامج برنامج (ابتسم) ، من اجل توعية النشء بالسياحة الداخلية والارشاد السياحي بالمملكة ، الا ان هذا البرنامج قد لا يكفي لتحقيق ما تهدف اليه الهيئة من تنمية وتوعية سياحية ، فلا يمكننا توعية الجيل الناشء بالسياحة اذا اهملنا الجانب التاريخي فيها ، ولم نعرف النشء بالاثار واهميتها . وهذا التعاون بين الهيئة العامة للسياحة والاثار ووزارة التربية والتعليم لن يكون مجد اذا ما اطلق بهذا الشكل دون ان يكون هناك توعية تامة لمنسوبي وزارة التربية باهمية الاثار ، فمنسوبوا الوزارة كانت الاثار تابعة لهم ، ومن ثم اضاعوا الكثير منها بسبب عدم وعي الكثير منهم باهميتها . فقبل عدة اعوام كان لي حضور في لقاء الاهالي مع مدير ادارة التربية والتعليم بالاحساء ، وكانت لي مداخلة كتابية عن تفعيل رحلات الطلاب الى المواقع الاثرية والمتحف لتعريف الطلاب منذ الصغر على تاريخ الاجداد وتعليمهم سبل الحفاظ على هذا الموروث التاريخي لديهم ، ولكن بكل اسف لم تقرأ تلك المداخلة من قبل مدير الحوار الذي كان احد مديرو المدارس في المحافظة ، واكتفي بوضع المداخلة جانبا باعتبارها مداخلة غير ذات معنى . لم استغرب من اسلوب هذا المدير على الرغم من كونه رجل متعلم ومرب للأجيال ، فهذا هو الاسلوب الذي عرفناه من ادارة التعليم بالاحساء منذ ان كانت مسؤلة عن الاثار في المحافظة عندما كانت الاثار تتبع لوزارة المعارف . فقد عمدت ادارة التعليم بالاحساء وقتها الى طمس معالم وآثار قصر قريمط التاريخي الواقع بقرية البطالية ، وعمدت الى انشاء مدرسة على انقاض ذلك القصر حتى لم يعد له اي اثر . فاذا كان هذا نهج منسوبو التربية والتعليم في التعامل مع الاثار فهل ننتظر منهم تعاون مجد لتوعية الجيل الجديد باهمية تلك الاثار؟ .
واذا ما اردنا توعية الجيل الناشء أو الشباب أو حتى كبار السن باهمية الاثار والمحافظة عليها ، فعلينا اثارة انتباههم والسعي اليهم حتى اماكنهم من قبل جهاز معين يتم تدريبه بشكل جيد ، يبحث عن الامور التي تجذب المستهدفين وتلفت انتباههم ، وطرق حثهم على زيارة اولى يتم عملها لهم من باب التشجيع للاطلاع عن قرب على تلك الاثار ، وعدم الاكتفاء بمعلمين أو مدراء مدارس قد لا يكونوا مؤهلين لذلك ، أو ينقصهم الوعي الكافي بأهمية هذا العمل وبالاهمية التي تحملها تلك الاثار . كما يجب ان تفتح اوقات الزيارة للمتاحف والاثار اطول وقت ممكن في اليوم بالاضافة الى ايام العطل ، وذلك وفق جدول زمني معين يناسب الشريح العظمى من الناس ، ويتم الاعلان عنه بكافة وسائل الاعلان المقروءة والمسموعة والمرئية ، والترويج لذلك بشكل مستمر طوال العام .
التعليقات (0)