مواضيع اليوم

الاتحاد فكر متجدد

أنس بارودي

2014-11-29 05:37:28

0

 

الاتحاد فكر متجدد

 

 

 

منذ الصغر ونحن نقرأ قصة ذلك الرجل الذي جمع أبناءه وأعطاهم حزمة من العصي، فأبت أن تكسر، وعندما انفرد أبناؤه بكل عصا على حدة، تكسرت كلها. كلنا يحفظ هذه القصة، وكلنا يعرف نظرياً مبدأ الاتحاد وأثر الفرقة، وما ذلك بالجديد، وهو من المبادئ الأزلية في هذا الكون إلى الأبد.
بالطبع لا جديد في هذا القول، ومع ذلك نعيده ونكرره، مرة بعد مرة، وحيناً بعد حين، مع علمنا أننا نكرر معروفاً، ونعيد محفوظاً. إذاً لماذا هذا التكرار، وما الداعي له؟
في الحقيقة استوقفني هذا السؤال ملياً .. لأكتشف أن الأمر وإن كان قديماً إلا أنه ما يزال محسوساً بين كل حين وآخر، فنحن نعرف قيمة الاتحاد جلياً، ولكن حينما نشعر به، ونحس بتأثيراته، ينطبع في أعماقنا أن ما تكلمنا به هو الجديد بعينه، لأنه شعور جديد وإحساس جديد أيضاً.
إن أصدق من يتحدث عن الشيء هو من يحس به، وأصدق من يحس بالشيء هو من يعيشه، وأصدق من يعيش الأمر هو من يكوّن أحد المفردات التي تكون منها الحدث. وما دمنا نعيش ثمرات الاتحاد لحظة بلحظة، فنحن أصدق من يتحدث عنه، وأول من يوصل كلمة الحقيقة النابعة من التعايش اليومي له.
إن فكرة الاتحاد هي رسالة إلى الإنسانية جمعاء، بضرورة التجمع لا التفرق، في كل أساسيات الحياة، فالإنسان كما يقول ابن خلدون اجتماعي بطبعه، ومادام هذا طبعنا نحن بني البشر من لدن آدم إلى قيام الساعة، فلماذا لا نعمل على تأصيل هذا التفكير وتحويله إلى مشروع إنساني إنمائي يشمل مجالات الحياة كلها.
إن الأمم العظيمة حينما نشأت قامت على أسس متينة من نواة الأسرة، والأسرة ما هي إلا مشروع مبسط من الاتحاد، نستطيع أن ننظر إليه بالمنظور الشبكي لنجد أن الأسرة هي عبارة عن اتحاد أفراد عائلة واحدة، والتي بدورها تنضم لتكون قبيلة ثم عشيرة ثم إقليماً ثم أمة.
وما قوة الأمة بشكلها النهائي إلا من قوة لبناتها التي كانت أسراً مترابطة ومتماسكة.
إن وضع حجر واحد في طريق النهر لن يغير شيئاً من جريان الماء أبداً، لكن اصطفاف الأحجار بعضها بجوار بعض وتماسكها وتعاضدها في مكان واحد وفي زمن واحد ولهدف واحد في وجه تحديات واحدة، كل ذلك يصنع لنا سداً منيعاً قوياً قادراً على وقف جريان ذلك النهر أو تغيير مساره أو حفظ مائه، والنتيجة هي الوصول إلى الهدف المنشود من هذا الاتحاد. فكرة السد أيضاً هي فكرة قديمة، ومع ذلك يبقى الاتحاد مطلباً متجدداً.
إن السد سابق الذكر لو تعرض في يوم من الأيام إلى حدث طبيعي وتكسر جزء منه، ستجد جميع الأفكار تنطلق وبسرعة إلى فكرة جديدة تساعد في رأب الصدع المتشكل، والحل وإن اختلف وتعدد سيصب في النهاية إلى فكرة تجديد السد وصيانته وإصلاح ما تلف منه، وسد الثغرة التي تكونت والتي من خلالها تعيد السد إلى جوهر عمله والهدف الذي أنشئ من أجله.
إن فكرة الاتحاد فكرة متجددة، فنحن بحاجة لها مادامت لنا أرجل نرجّي ثباتها على الأرض، 
وأعين لا تفتأ تنظر في السماء.

@anas4media 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !