...
أتوزعُ خلف عبائتي معانٍ بينها و نقيضها آنية يعشعشُ الوقت فيها, أسماء تقراء من منتهاها أبجدية خالصة لما مضى قبلها, هذا تاريخي وهذه ندبهُ وأثاره في كلِ حرف تسقي لقتلي زادها لتخرج أشجارها, ثمارها, وردها وأزهارها, يظهرُ عرشيّ و ألامُ العالمين التي تسكنُ قلبيّ و هذا العالمُ و يعادُ تكرارها _ تتغيرُ الأشياء بعد ذلك تبعًا لما تراهُ العيون, و تتحول معارف أخرى بعد الجرح والهجران تكونُ القلوب بعد ذلك كخزائن البنوك ولها مفاتيح ضاعت وأضاعات أصحابها.
يا شعري يا قصائدي أينَ وجهيّ ؟ طفولة لا تعرفُ أبائها أجابَ معطفي يتراكمُ شوقي أمدُّ يديّ للأرضِ و يتراء ليّ الجسد الأول طوبةً في نصيَّ و تشكلاته, أمحوا ذكرى اللقاءَ أمحوا أحلامنا, ها أنا أولدُ أخرى بحب جديد يعيدُ تجربته الأولى, يجدد فتقَ جروحه, يمزقُ أوصاله فلا يتصلُ مرّة جديدة .
أتوزعُ بينَ برزخ ماضيَّ وَ مُستقبلي, آهٍ تتدفقُ في صدريّ ترتدُ تخلقُ القصيدة و بعض السؤال.
أتوزعُ ويتوزع الأصدقاء بينَ دفتي القلب, بين الرئة و في متاهاتِ هذا الجسد _ السنين لأحبهم أكثر ولو خانوا فبتدأها قلبيّ, لا أصدقاءَ خونه, نحنُ نخون أنفسنا فقط في الإختيار أولاً وهم بعد ذلك غير خارجين منزلة ولوها في الذكريات, و الآن, و ما سيأتي. هكذا يولد الإنسان ويعرفُ لا بنطقه بَل بالمبدأ و المعتقد أولا من هنا يُعرف أ للتكريم أقرب, أ للسفلِ أقرب, أ وسط بينهما و يتكاثر بين هذا المعنى حينئد طرق و مسالك تبدأ من الخطوةِ بوصفها مارة و موجده لأشياء في النفسِ الإنسانيه بما تحملهُ من الأشياء أثبتت فشل المُحلليين و العارفين بالشخصيات إذ يبقى في النهاية في أوضح الأشياء جانب مظلم, كما الأشياءُ الغامضة أقربُ لحقيقتها و الوضوحِ من الواضحات في عينيّ الإنسان المحمل بتراكماته التي تصنع شكل قراره ولو بنسبة ما, من هنا يكون الإتحاد بين الأدميّ وبني جنسه مولدًا زخمًا مَعرفيًا و وجوديًا قبلَ ذلك, فيأنس, ويتألم, ويضحك, ويبكي مصداقًا للقول " يكتب أ شقي هو أم سعيد " فتكون الثورة الحقة في تعلمهِ وتعليمه وهذا هو الجسرُ الناقل للضفة الأحلى, و السلم الذي يرفعُ صاعده, و إنَّ شكل علوه أحيانًا نوع من الإختناقِ و الوفاة في أجزاء منه, و نشوء ولادات جديدة, هكذا يمكننا أن نعرف أيضًا شكلاً من أشكال التكريم في قول الله جل وعلا ( إقرأ ) فالقراءة حين ينظر لها من جوانب يرى أنها تُكرس فكرة ظاهرة حقيقة هيّ تكريم هذا المخلوق القادر على القراءة, القراءة العظمى كقراءة النصوص الربانية و النبوية التي تشكلُ نورًا يهدى الظالَ إلى الطريقِ, والتي ترفعُ العالم بها عن مقامِ ما دونه بهذا التعلم وبهذه القراءة, من هنا أيضًا يفهم بأن النصوص تقرأ بالتجردِ لا بالتراكمات التي تنتجها مُدننا التي تضخ كل معاني القبح, والتوحش, و البهائمية. فيكون الإنسان طالبًا للحياة في ظلِ إحتضار أخيّه أحد أفرد بني جنسه, أحد أفراد ملته وعقيدته اللتان تقربانه بل تجعلهما مندمجين ليكونا الجسد فإن إشتكى العضو تدعى سائرُ الجسد في معنى يفوق كل تلك القوانين و طرقَ العيش والمعيشة التي تُكرس البهائمية أكثر وأكثر من خلالِ أليات تعددت حينما يتعددُ العقل الجامد الذي لا ينتج إلا رغبةً محضة في تدويلِ شهواته, وإن كانت للموت أو إخوانه الأخرين. عندما أدخلُ مدينة الرياض أتسأل هَل أدخل مدينة حقًا أم أنا في صحراء قاحلة لا زرع فيها ولا كائنات ! , وأتسأل أخرى عن كيفَ تنقطعُ رابطة الجسد الواحد؟ ويعلوا عليها التلوث, وثقافة الأقنعة وتشكلاتها فيكون وجه الإنسان بصلصال يخدعُ به غيره ليعيش, فيمارسُ الرقص والغناء وما أشبههما لأجل العيش وهو لا يدري أنه قبل ذلك يموت لأنه يزيلُ قيمته الأسمى التي أعطاه إياها الله جَل جلالهُ, عندما يقول ما لا يقوله حقًا, وعندما يفعل مالا يفعله, عندما يكذب و يهين نفسه كل مرّة أكثر وَ أكثر.
ستشرقُ الشمس أخرى ليست لتبعثَ الأمل كما يدندن من لا يفهم الحال, بَل لتقتلَ الجراثيم التي على الأرض, و ليزرعُ الكائن الذي يعلم من هوَ, و يُعلم الأنام من هم. هكذا تكونُ المدينة حاضرة بوصفها مدينة حقًا حينها يمكن للطالب أن يقول أين المؤسسة؟ فسيجدها حتمًا مزروعة أولاً في نفسهِ وفي أنفاسه وحياته, سينتج هو المؤسسة عندما يفهم هذه الرابطة بين عقله وجسده الآنيَّ وبين سلسلته وأجداده, ليجد في كلِ خليةٍ من خلاياه شيء يجمعه بغيره, وليجد في كلِ فكرةٍ من أفكاره فكرة تكرس معنى ينشده أخيّه وليعرف في نهاية المطاف بالحكمة خطابُ الشارع له. هذا هو التاريخ شاهد على هذا الحديث فنحنُ لا نعرف أهم بناته فعلاً ما عدى الأنبياء الذين نعرفهم, فالتاريخ يدللُ على إنغماس الكائن في آلامه الخاصة, و مشاغله و مطموحاته التي تعزله عن عائلته عن أباءه وأمهاته أولاً ثم عن عصبته الأقربين إلى أخر مطافه حيثُ لن يعترف بأن هنالك شيء ما يجعله يلتقي بآخر هو يبدأ منه فعلاً !!, فينسى لحظة الحب الأولى ليكون غيرها حالاً بها أولى, و الأوراق التي استخدمها مرّات ونسيها, سيتجلى الندم في طرفٍ آخر حيثُ لا يصل الضوء ذاك البناء القديم الذي لا يصله الصوت أيضًا, لا يصله إلاّ ألمه الذي يتضخم و يتضخم و يوسع الهوه بينه وبين من يجري في عروقه نفس دمه, و من يحملُ وجهه نفس لونه, ومن تسمع في حديثه مصطلحاته ولغته التي يشاركهه إياها.سأقول أن كلامها واقع في ذات الموقع مع وجود السعادة مهما كانت هنا, ومع وجود الألم مهما كان هنا. سيفهمُ المدار أخيرًا أحزاننا, وكيفَ كنا نلتقي في ظلامٍ نحنُ لضوئنا فيه, وكيف كانت همساتنا لغاتٍ للتأهين, و ها هو فراقنا يعشعش هناك حيثُ الصمت جزء من الموقف والمكان.
التعليقات (0)