أن الحرية مستحيلة.. وإا إذا كانت ممكنة فليس لها إلا طريق واحد.. أن يفنى كل شيء حولنا ينعدم ..
أن أصبح وحيداً منفرداً مثل الله بلا شريك وبلا آخرين معي وبلا أشياء..ذات حرة مجردة بدون
مقاومات من أي نوع .
و القارئ ينسى أن الحرية تفقد معناها بمجرد سقوط المقاومات حولها لأن انعدام المقاومات حولي
وامتلاكي لكل شيء في وقت معناه انتفاء كل نقص عندي ومعناه كمالي لأني أصبح الكل في
الكل..وبالتالي تنعدم مطالبي و رغباتي لأن المطالب والرغبات منبعها احتياجاتي .
و بانعدام الرغبة والمقاومة يسقط معنى الحرية لأا تكون استهدافاً فارغاً إلى لا شيء وتكون هي ذاا لا
شيء.
إن مشكلة الحرية ترتبط دائماً تتأجج في الصدر و مقاومة تقف في سبيلها..
وتتأكد الحرية بايار المقومة وتراجعها أمام الإرادة ..
ذه الصورة الجدلية تكشف الحرية عن مدلولها في الواقع .
أما الإنسان الأوحد المنفرد الذي تلاشت من أمامه الظروف و المقاومات و انعدم كل شيء حوله .. و
أصبح هو الكل في الكل .. و اشتمل على العالم في ذاته .. و تحول إلى إله .. ماذا يطلب هذا الكائن و
أي شيء يعترض مطلبه لتصبح حريته أو عدم حريته محل سؤال .
أين الصراع الذي تكشف الحرية مدلولها من خلاله .
إن مثل هذا الكائن لا يتحرك و لا يرغب و لا يأكل و لا يشرب و لا ينمو و لا يكبر و لا يموت و لا
يولد .
إنه يعيش في سكون و أبد و عالم بلا زمان و بلا مكان و كلمة الحرية بالنسبة له هي غير الحرية التي
نعرفها و نتكلم عنها في عاملنا ..
ماذا يطلب و هو المستغني المكتفي بذاته ..
إن الحرية التي تتداولها كلمة بشرية صرفة .. كلمة لا معنى لها إلا بوجود القيود .. بوجود المقاومات ..
بوجود الظروف التي يصرخ منها القراء و يضجون و يشتكون .
أن نطلق الحتمية المضروب حولهم هو الذي يجعل لحريتهم معنى و ليس هو الذي يهدمها كما يظنون ..
لأن الحرية تعبر عن نفسها باختراق الظروف و زحزحة المقاومات و هدم العبقات ..
الحرية عملية مرتبطة باحتكاك الإنسان ببيئته و بظروفه و يلغيها أن يصبح الإنسان إلهة ..
إن السؤال المهم هو :
هل تذوب المقاومات مع الزمن
و الجواب نعم .. تتقهقر العقبات .. و يتقدم العلم و يتحكم في الحر و البرد و الريح و الماء و يطور
القوانين و الأنظمة إلى أحسن و أحسن ..
و في هذا دليل واقعي أكيد على حرية الإنسان .
(مقتطفات من كتب الراحل د مصطفى محمود)
التعليقات (0)