حياة الناس مبنية على التنافس باستماتة ، في محاولاتهم للوصول إلى ققم النجاحات ، والمراتب المرموقة ، وهي منافسة مشروعة ، لأنها تساهم في البناءات الحضارية ، وتدفع بعجلة التنمية قدما من أجل عيشٍ رغيد وأكثر رفاهية ..
ومع أن المطلب الأول من تلك المنافسة هو ( العيش بسعادة) ، إلا أنها لاتكون في العيش الرغيد (وحده) ، ولا بالإنخراط في قوائم (الأورستقراطية المادية) ، بل بالعمل أيضا على إراحة البال والضمير، والبحث عن الطمأنينة ، بالتنافس على بلوغ مرتبة الإنسانية وتحقيق حلم : العيش بسلام ..
[ .. إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ..] ، هذه هي رسالة الإسلام التي لاتهمل أيًّا من الحياتين : الروحية والجسدية ، ولا أيًّا من المنافستين : المعنوية والمادية ، فهي رسالة تدعوا الإنسان إلى العمل بكد لتطوير حياته على صعيدها المادي والمحيطي ، والمساهمة في الرقي الإجتماعي ، والإزدهار الدنيوي ، في نفس الوقت الذي تدعوه إلى العمل لتخليص نفسه من سطوة المادة وجبروتها ، بالجود ، وبالكرم ، وبفضائل الأعمال التي ترتقي بها نفسه إلى مرتبة السكينة ..
الإسلام ينهى عن البطالة ، وعن العيش في الظل .. كما ينهى عن (التكالب الدموي) على بلوغ مراكز مادية (جوفاء) ، وبلا طعم حقيقي للسعادة .. خالقا بذلك تناغما فريدا بين السعي المادي ، والسعي المعنوي ، لتكون الخلاصة : مزيجا من التطور (الملموس والمحسوس) ..
ما يفند الدعوات الباطلة بأنه ما يعوق عجلة التنمية في البلدان العربية ، أو أنه سبب التخلف الذي يغرق فيه المسلمين .. والحقيقة أن البلدان العربية ليست في أزمة إمكانيات مادية ، أوأزمة علم ، أو أزمة فكر ، أو أزمة وعي ، بل إن ما يعوق العرب المسلمين هو : أزمة الإرادة ..
ويبقى أن الإنسان مُخيّر ما بين العمل على بلوغ طبقات مادية عليا ، بمعنويات في الحضيض ، وما بين العمل على بلوغ طبقات معنوية عليا ، بمستويات مادية في الحضيض .. أو العمل على التوفيق بينهما ، وهذا أفضل ، مع أنه لا يتم إلا بالإعتقاد وبالإيمان ، لأن هذا الأخير هو ما يضمن (صحة نفسية) دائمة ، وحقيقية ، في ظل المتغيرات (المادية) وأعاصيرها.
ــــــــــــــــــ
التعليقات (0)