على امتداد ما يقارب العشرين ألف عام وهي امتداد الوجود البشري على وجه الأرض ارتبط هذا الإنسان فكريا وعقائديا بأشياء قد لا يكون لها وجود حقيقي أو تكون نابعة من خلفيات ثقافيه تتوارثها الأجيال. أشياء يختلقها ثم يؤمن بها ويصدقها.
وعلى اختلاف الثقافات وتنوعها إلا أن وجود الخرافة على مدى التاريخ كان له مبررات قد تجعل من وجودها ضرورة معينه من حيث النشأة والتكوين عند بعض الشعوب فبعض هذه الأساطير استخدمت لأغراض الترهيب والترغيب في بداياتها واستمرت بعد ذلك لتكون جزءا من تاريخ ثقافي لامه معينه. ومن الخرافات ما كان له مرجعيات دينيه كخرافات التوراة التي توارثها بني إسرائيل وأشهرها طبعا شمشمون الجبار.
وقد يظن البعض بأن وجود الخرافة مرتبط أساسا بكميه الجهل المتفشي عند أمة معينه وان وجود العلم والتقدم والتكنولوجيا يلغي أن يكون هناك إيمان بأي أسطوره ليس لها وجود.
وهذه النظرية ينفيها الواقع والتاريخ نفيا تاما حيث نجد أن حضارة مثل حضارة الإغريق كانت مبنية أساسا على خرافات عقائديه كبيره حيث كان عندهم لكل شيء آلهة وذلك بالرغم من أن الحضارة الإغريقية شكلت نواه للكثير من الحضارات التي تلتها وهي التي قامت على أنقاضها حضارة الرومان والفراعنة وهي جميعا حضارات لعبت الخرافة دورا هاما في التشكيل الثقافي لكل منها. فلولا إيمان الإغريق والرومان بآلهة خفيه لما بنيت المعابد التي ماتزال تشكل إحدى عجائب الإبداع البشري ،ومثل ذلك فإن ما صنعه وأبدعه الفراعنة في بناء وهندسه الأهرامات وأسرارها الطبية والفلكية كان مبنيا أساسا على أسطوره عظمى وحكاية آمن بها الناس وعملوا على تجسيدها.
وفي قصه الأهرامات وبناؤها ما يدعو للتأمل فالفراعنة بالتعاون مع الكهنة والروحانيين والسحرة كانوا يؤصلون في نفوس شعوبهم بأن هذا الفرعون أله يملك بيده مقاليد كل شيء فكان الناس من منطلق إيمانهم بهذه الكذبة يفنون أعمارهم في البناء ليلا ونهاراً تحت حر الشمس ولهيب السياط ليأمنوا مكانا لائقا يرقد فيه الفرعون بسلام بعد أن تنتهي مهمته.
والآن وبعد مرور خمس سنوات من القرن الواحد والعشرين ،وقد وصل الإنسان إلى قمة الحضارات وبلغ ما لم يبلغه من قبله فشطر الذرة وحرر الالكترون وصعد بنفسه إلى الفضاء ليبني المستعمرات ويتنزه على سطح القمر وتمكن من أن يصل بالعلوم على اختلافها إلى ما لا حدود. وهاهو الإنسان يحطم كل القيود ويحرر نفسه وفكره فيصنع المعجزات ويحقق ما كان يسمى سابقا خرافات أو أساطير.
ولكن بالرغم من كل ذلك فلم يستطع الإنسان أن يتحرر أو يلغي وجود الخرافة من حياته وأصبحت أحلام الكثير من الشعوب في حياه الرفاهية والعدل والاستقرار والسلام من اكبر الخرافات وأبعدها عن التحقيق وجعل الكثير من الناس لهم أهدافا ورسموا لهم خططا ونذروا أنفسهم وحياتهم ومن يلونهم في سبيل أن يجعلوا من خرافاتهم حقائق تتجسد على ارض الواقع وأصبحت لكل فرد خرافه يسعى ويفنى ويعمل ويتحدث بل حتى يسب ويشتم ثم يقتل ظنا منه أن خرافته الوهمية التي صنعها واستحدثها لنفسه ستتحول يوما إلى حقيقة على غرار الكثير من الأساطير والأحلام التي أصبحت من بديهيات هذا العصر.
والمفارقة هي أن أحلام الإنسان وطموحاته بالصعود إلى الفضاء والطيران والاتصال بالصوت والصورة والانتقال في شتى بقاع الأرض بسرعة الصوت كل هذه كانت عند شعوب مضت أساطير، يذبح ويشنق كل من يروج لها ولكن الإنسان بعد أن سار في دروب العلم والمعرفة ، وبحث ونظر في ملكوت كونه ونفسه متحررا من أي نوع من أنواع العبودية لمخلوق غيره ، استطاع بعد كل ذلك أن يحول أي أسطوره أو خرافه إلى واقع معاش.
ولكن البعض يأبى أن يسلك هذه الطريق ويصر إلا أن يحقق خرافته على طريقه الفراعنة ، وهي طريقه وان كانت خرافه أخرى في هذا الزمان إلا أنها ستكون بعد تسحق كرامه الإنسان ويختلط عرقه بدمه ، وتسيل انهارا وبعد أن تكون البشرية قد قطعت المسافة وانطلقت إلى المجرات الأخرى لتنشئ حضارات جديدة بينما ما يزال الكثير منا يعيش في زمن الخرافة.
ولكن مع كامل الأسف أن من حقق تلك الخرافات، وأبدع فيها أنهم من غير العرب و المسلمين...!!!
فلماذا ؟!
هل من مجيب؟!
التعليقات (0)