رؤية جناية أي إنسان على نفسه، تحزن المسلم منا حتى ولو كان ذلك الجاني كافرا بوجود الله، وكافرا بوجود ثواب وعقاب وجنة ونار . فكيف برؤية جناية مسلم على نفسه، وهو أدرى الخلق بحرمة قتل النفس بغير حق وإن كانت لكافر ؟!..
لاشك أن نقص الوازع الديني لدى الإنسان، هو مايدفعه في المقام الأول للتفكير في إنهاء مايعتبره معاناةً دنيوية جسيمة، بإزهاق روحه . ومع ذلك، يظل ذاك الجاني البائس، ضحية أخرى لغياب التواصل الحقيقي بين أفراد المجتمع الواحد، وكذا غياب الأمان الكفيل بجعل الفرد يفضي بما في داخله لمن حوله، مخافة الملامة والعتب والتأنيب والتعنيف . فلايستيقظ المجتمع المسترسل في تنافسيته المادية وعنجهيته المقيتة، إلا على وقع الصدمات الأليمة في أنفس معذبة لم تجد من يواسيها ويخفف عنها، ويأخذ بأيدي أصحابها، فضلوا عن سواء السبيل ولجؤوا إلى كتم أنفاسهم حدّ الفواجع ؟!..
فأين دور الأولياء ياترى، والمربين، والأئمة، والدعاة، والنشطاء، ورواد التنمية البشرية، وكل من له صلة بتوعية الشباب والمراهقين على وجه الخصوص ؟!.. على الأرجح، هم يعتبرون ظاهرة الإنتحار شاذة ودخيلة على مجتمع آهقار عموما، لذلك هم قلّما يتطرقون إليها، لكن أين المفر من سيل العولمة العرمرم الذي يحاول جرف بقايا قيمنا الدينية والخُلقية والإجتماعية ؟!..
وتلك الحالات النادرة والمتزايدة بشكل ملحوظ، لمسلمين يبادرون بإنهاء حيواتهم، كفيلة بدق ناقوس الخطر لأوضاع شبابنا العقائدية، والنفسية، والعاطفية، الآخذة في التعقيد والتأزم . وملامة تلك النهايات المأساوية تقع على المجتمع بأكمله، لأنه لم يستطع إنقاذ تلك الأنفس من الظلماء .
التعليقات (0)