مواضيع اليوم

الإمبراطورية الإعلامية لتنظيم القاعدة

ممدوح الشيخ

2009-10-10 23:38:52

0


الكلاشينكوف في الجبال والرسالة الإعلامية تجوب العالم

الإمبراطورية الإعلامية لتنظيم القاعدة:
آلاف المواقع والمنتديات واستديوهات ذات تقنيات راقية

قناة "الجزيرة" دشنت القاعدة كظاهرة إعلامية

مصور موثوق..منزل آمن..شريحة ذاكرة..وشخص ناقل ينشرها في العالم

شرائط القاعدة تصدر مترجمة بالإنجليزية والألمانية والإيطالية والتركية والفرنسية ولغات أخرى

 


ممدوح الشيخ


على طريقة النظام النازي نجح تنظيم القاعدة في التحول إلى لاعب أساسي على ساحة الإعلام العالمي، وبتأثير الاهتمام المريب من قناة الجزيرة ببث المنتجات الإعلامية للتنظيم بالمخالفة للمواثيق الحاكمة للعمل الإعلامي أصبحت تسجيلات القاعدة المسموعة والمرئية سلاحا فعالا. وخلال السنوات التي تلت اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر ارتفع صوت التنظيم وتمكنت قيادته من استغلال تقنيات حديثة وأخطاء ارتكبها الخصوم، الأمر الذي مكنه من تنفيذ حملة دعائية كبرى وتحقيق اتصال مستمر وآمن وبلغات متعددة مع الموالين للتنظيم والمجندين المحتملين بمختلف مناطق العالم.
وقد أصبح من المعتاد بث مقطع مصور أو صوتي لأحد القيادات البارزة في القاعدة كل فترة ممهورا بتوقيع مؤسسة "السحاب"، وهو الاسم الذي احتارته القاعدة لذراعها الإعلامية وخلال هذه السنوات أصدت
"السحاب" أفلاما وثائقية وملفات "آي بود" وفيديوهات مصورة من خلال الهواتف الجوالة.
وخلال العام 2006 أصدرت "السحاب" 97 مقطع فيديو، بزيادة قدرها 6 أضعاف عن العام السابق. ويرجع مسؤلو الاستخبارات الأميركية والأوروبية ازدهار النشاطات الدعائية الخاصة بـالقاعدة إلى قدرة الشبكة الإرهابية على بناء قاعدة آمنة داخل المناطق الغربية القبلية في باكستان التي تشهد حاليا معارك بين الجيش الباكستاني وطالبان باكستان للسيطرة عليها. والمثير أن مسؤولين أميركيون يعتبرون أنهم أضاعوا فرصاً فيما مضى لوقف عمليات الاتصال الخاصة بالتنظيم، ما مكنه من تعزيز مستوى الأمن الداخلي به بدرجة جعلت المحللين يعتقدون أنه أصبح من المستحيل تقريباً اختراقه.
وفي الكثير من الجوانب، وقع الضرر بالفعل والمؤكد أنه كان سيصبح الوضع أسهل بكثير لو أن الحكومة الأميركية تعاملت مع هذا الأمر بجدية قبل سنوات، بل مسئولا عسكريا رفيعا أعرب عن شعور عميق بالحرج من أن القاعدة قدرة تبدو أقدر من أميركا على توصيل رسالتها عبر الإنترنت. ومع تصاعد التأثير يتساءل محللون: كيف يستطيع رجل قابع في كهف التفوق في الاتصال على أعظم مجتمع اتصالات في العالم؟
مصور موثوق ومنزل آمن
ويمكن تخيل رحلة منتج إعلامي مرئي حتى يصل إلى مشاهديه على النحو التالي، وفقا لتقرير أمني أميركي، فعندما يرغب بن لادن في إلقاء خطاب، يستدعى مصور موثوق به لمنزل آمن في مكان ما بباكستان ليتم التصوير ثم التنقيح. ويخزن الشريط الفيديو على شريحة ذاكرة بالغة الضآلة وتسلم إلى "الناقل". وعادة تمر الشريحة عبر أشخاص عديدين للتمويه، حتى يقوم عميل ما في النهاية بتسلمها والدخول إلى شبكة الانترنت من مقهى افتراضي باكستاني.
وبإخضاع شرائط القاعدة لعمليات تحليل فني يؤكد المتخصصون أن استوديو «السحاب» مزود ببعض أفضل التقنيات في العالم، وتجري حماية الملفات بنظام تشفير يكاد يكون من المستحيل اختراقه ويجري استخدامه أيضاً من قبل وكالات الاستخبارات بمختلف دول العالم. وهو ما عزز القناعة بأن عناصر القاعدة ليسوا مجرد أفراد يختبئون في الكهوف، ومن الممكن أن تظهر منتجاتهم الإعلامية على الانترنت خلال أقل أسبوع من تسجيلها.
وللأهمية الاستثنائية لدور إعلاميي القاعدة تم القبض كثير منهم وقتل آخرون، وممن قتلوا مؤسس أحد المنتديات البارزة على الانترنت، وممن قبض عليهم على يونس تسولي، المغربي الأصل الذي قام بدور جوهري في بناء شبكات الاتصالات للقاعدة في العراق وخارجها.
ورغم الاستهداف المشار إليه أطلقت القاعدة في الفضاء الافتراضي "علامة" جديدة إلى جانب "السحاب" هي "مركز الفجر الإعلامي" الذي قام بنشر الدعايات الخاصة بعشرات الجماعات الإرهابية عبر الانترنت. وتشمل قائمة البلدان التي ساهم المركز بنشر دعايات جماعات إرهابية تنشط فيها، العراق والصومال وشمال أفريقيا واليمن. تصدر الشرائط والمقاطع التي يروجها المركز مترجمة للغات: الإنجليزية والألمانية والإيطالية والتركية والفرنسية ولغات أخرى.
نجوم إعلام القاعدة
وقد نجح تنظيم القاعدة في إطلاق "نجوم" في فضاء الإعلام، وفي محاولة من جانب المخابرات المركزية الأمريكية لمعرفة أساليب العمل الداخلي للقيادة المركزية للقاعدة عمل محللون أمريكيون في فحص البيانات العامة التي تصدر عن شبكة القاعدة بدقة، وكشفت الدراسات التحليلية أهمية كادر إعلامي هو أبو يحيى الليبي الذي اكتسب شهرته بعد أن هرب مع سجناء آخرين من القاعدة من سجن عسكري أمريكي مشدد الحراسة في باجرام عام 2005. وأبو يحي ظهر في أكثر من 10 تسجيلات فيديو وبسبب خطاباته وأطروحاته المتنوعة يرجح أن يكون ضمن الدائرة الداخلية المقربة من بن لادن، وفي وقت سابق أصبح من أكثر الوجوه المرئية لتنظيم القاعدة، حتى أنه فاق الرجل الثاني الدكتور أيمن الظواهري.
وإلى جانب الأشخاص تشكل المنتديات لاعبا رئيسا في المعركة، وكانت 11 سبتمبر 2001، نقطة تحول فظهر مصطلح "المنتديات الجهادية" للإشارة لهذا النوع من المواقع الذي تشبه الكهوف في انغلاقها والقدرة على السيطرة عليها. وانطلقت المنتديات الجهادية كنافذة لنشر أفكار القاعدة وللهروب من الرقابة والحظر الأمني، ومن أخطر سماتها أنها زهيدة الثمن فببضع دولارات قليلة يمكن لأي ناشط في أي مكان بالعالم أن ينشئ منتداه الخاص به ويبث من خلاله أي مادة، وفنيا لا يحتاج الأمر سوى شراء برنامج المنتدى ثم إطلاقه عبر إحدى شركات الاستضافة المتوفرة وبالتالي يفتح المجال أمام المتعاطفين.
وبدأت المنتديات العربية على الإنترنت نهاية التسعينيات من القرن الماضي وكان منتدى "أنا مسلم" أول المنتديات العربية على الشبكة تبعه موقع "سحاب"ثم منتدى "التوحيد" الذي يقال إن أبا قتادة الفلسطيني وأبو حمزة المصري كانا من كتابه المنتدى، وكثير من الرموز المتشددة الأخرى كانوا يكتبون في منتديات أخرى كـ "الإصلاح" و"التجديد" و"القلعة". ومتأخرا جدا، وبالتحديد في سبتمبر 2008 تعرضت منتديات القاعدة لحملة هجوم موسعة للهجوم طالت عددا كبيرا منها
ومن المنتديات التي لعبت دورا كبيرا في نشر أفكار القاعدة منتدى "الحسبة" وتعرض القائمون عليه لحملات اعتقال مكثفة ما دفعهم إلى إغلاقه، وهناك ضمن غابة المنتديات التي تقدر بأكثر من 6 آلاف: "شموخ الإسلام" و"البراق" و"الفردوس"، و"شبكة الليوث الإسلامية"، و"الفلوجة" التي تقوم بنشر إصدارات مؤسسة الفرقان الإعلامية التابعة لما يعرف بدولة العراق الإسلامية وعن طريقة وصول المنتجات الإعلامية للقاعدة إلى المنتديات يخرج الشريط في سرية تامة من أفغانستان عن ثم يتم رفعه على الإنترنت في إيران أو باكستان، ثم يتم إرسال رابط الشريط عن طريق البريد الإلكتروني لشخص معين يقوم برفع الشريط مع عدد آخر في أماكن متفرقة في مواقع عديدة، ثم يعطي ملفًا فيه الروابط لشخص يطلق عليه "مركز الفجر الإعلامي"، وهو الاسم القديم لشبكة "الحسبة"، ومن الفجر إلى الحسبة إلى باقي المنتديات.
وإذا ما تعرض أحد المنتديات للإغلاق أو القرصنة؛ فإن إعلام القاعدة يستمر من خلال منتدى آخر جديد فهي سلسلة من إذا سقطت حلقة منها، تحل محلها عشرات الحلقات.
شفرة القاعدة
تحت هذا العنوان بثت شبكة تلفزيون arte فيلما وثائقيا مهما يرسم صورة للكيفية التي يمرح بها القاعدة في ربوع "ملوك البروباغندا"، الفيلم تم تصويره بين باريس ونيويورك ولندن وبرلين وتورونتو وأوسلو وطرابلس اللبنانية، وفيه تظهر جوانب خفية من الصراع بين أميركا والقاعدة في العالم الافتراضي، حيث الفيلم الوثائقي إلى صفوف تدريب "خيرة الضبّاط الأميركيين" في أكاديمية "وست بوينت" العسكرية وفيها يشاهد الضباط لساعات أفلام القاعدة الدعائية بهدف "فهم العدو"!
وحسب ريتشارد باريت رئيس فريق مراقبة القاعدة التابع للأمم المتحدة فإن "دعاية الكلمة مهمة للغاية بالنسبة لهم لكنهم يفضلون قدرا أكبر من الدعاية للفعل." وتعكس الأرقام هذا الاستنتاج وتؤكده فحسب شركة انتل سنتر وهي شركة أميركية لمراقبة الإرهاب فإن معدلات نشر منتجات القاعدة الإعلامية في عام 2009 يتوقع أن تفوق الأعوام السابقة.
وفي تقرير لمجلس الشيوخ الأميركي صدر قبل أيام حول الإرهاب والإنترنت فإن هناك حالة من الاستخدام المفرط للإنترنت من جانب تنظيم القاعدة في معركة السيطرة على القلوب والعقول وهناك مخاوف من تعرض المواطنين الأميركيين لمواقع الإنترنت التابعة للقاعدة، كما أن هناك شواهد على أن الإنترنت والفضائيات أصبحت في قبضة هذه التنظيمات وهي أدوات أقوى تأثيرًا وأوسع انتشارًا من أي وسيلة أخرى، فهي "كلاشينكوف وصاروخ التنظيمات الإرهابية" الآن.
وأشار التقرير إلى معلومات مصدرها لجنة الأمن الداخلي والشؤون الحكومية بمجلس الشيوخ التي أصدرت تقريرا عنوانه "التطرف الإسلامي العنيف والإنترنت والتهديد الإرهابي المتنامي في الداخل" يركز على استخدام تنظيم القاعدة للانترنت مبديا القلق من الظاهرة. فتنظيم القاعدة يمتلك نظامًا إعلاميًا منتشرًا تديره جمعية إعلامية تابعة للتنظيم تستغل الإنترنت بشكل مكثف، كما تمتلك القاعدة 4 مراكز إنتاج إعلامي تبث رسائلها عبر الإنترنت: (السحاب ويتبع رئاسة تنظيم القاعدة – مركز الفرقان ويتبع هذا تنظيم القاعدة في العراق – مركز اللجنة الإعلامية: الفرع الإعلامي للتنظيم في شمال أفريقيا – من صوت الجهاد، ويتبع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية).
وكل ما يمكن عمله فعليا أصبح بالإمكان عمله افتراضيا: التجنيد – التمويل – التدريب – التواصل – نقل التكليفات - .. .. وبالتالي فإن الإعلام المرتبط بالقاعدة قد تحول إلى إمبراطورية مترامية الأطراف شديدة التأثير، وهي معركة لا تقل خطورة عن مطاردة بن لادن في كهوف تورا بورا!




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !