مواضيع اليوم

الإمام السجاد(ع)...رمز الصبر والثبات

ياسر العزاوي

2009-02-08 12:34:57

0

قال تبارك وتعالى :بسم الله الرحمن الرحيم (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً. إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورا.ًإِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً ) [الإنسان :8- 10]، قد يعتقد الطغاة إنهم قادرون على محو الفضيلة ورجالاتها بما يقدمون عليه من سلوك طرق كانت نتيجتها الحتمية الفشل, فأولئك بنو أمية أين كانوا ؟ وكيف كانوا ؟ والى أين صاروا ؟ بلا شك  إنهم لم يشرفوا أي صفحة من صفحات التاريخ بل كانوا وسيبقون إلى يوم القيامة عارا يذكره التاريخ بكل خجل, فمن بين هذا الركام الهائل من العار والسلوك المشين لابد لنا من وقفة موفقة مع صفحات أخرى تحمل بكل شرف واعتزاز أسماء رجال غيروا وجه التاريخ وخطوا فوق الرماد مسارا للبشرية متصلا بكل ماله ارتباط بالقيم والمعنويات الروحية والسلوكيات الأخلاقية الفريدة عبروا من خلالها على إن الإرادة الإلهية زرعت في كل عصر وفي كل ظرف من يأخذ بأيدي الأمم إلى الهداية والارتقاء بها إلى أعلى المستويات الإنسانية المرسومة وفق التصور الإلهي, كرمهم الله تعالى في الدنيا رغم أنوف أعدائهم وجعلهم في أعلى المراتب الاجتماعية تسعى الناس إليهم ولم يسعوا إلى الناس, يحتاجهم الناس في حياتهم ومماتهم ولم يحتاجوا الناس لا في حياتهم ولا في مماتهم, خلقوا من طينة معجونة بأيدي الإرادة الخيرة المطلقة في هذا الكون فضلهم الله تبارك وتعالى على باقي بني البشر حيث يقول رسولنا الكريم (صلى الله عليه واله وسلم ) : (( خلقت أنا وعلي  من شجرة واحدة وسائر الناس من شجر شتى )).

نعم .. هؤلاء هم الذين عناهم الله تبارك وتعالى في القران الكريم وفي الآية التي ابتدأنا بها الحديث وهي جزء من سورة كاملة خاصة بأهل البيت (عليهم السلام) لا ينازعهم فيها احد رغم وجودهم المتفرق في باقي أجزاء وسور القران الكريم. ٍحيث يشركهم أينما ذكر المؤمنون ولم يشاركهم احد أينما ذكروا, آيات سورة الدهر أو الإنسان ٍيستطيع كل من أراد رؤية الرسول الكريم وأهل بيته الطاهرين يراهم من خلال الكلمات الإلهية التي ترسم صورهم في أحسن تقويم ومن هؤلاء المعنيين بهذه الكلمات إمامنا وسيدنا علي بن الحسين الملقب بالسجاد فهو من بيت قال فيهم خصومهم ( زقوا العلم زقا ) هذا الإمام الذي لا يمكن لمثلنا الإحاطة بما له من فضل على مختلف الصعد فيكفيه الألقاب المشيرة إلى علو منزلته  ومكانته الرفيعة, فهو السجاد لأنه اشتهر بكثرة سجوده وهو زين العابدين لأنه لم ير قط أفضل منه عبادة وتقوى وهو الجواد والكريم بلا منازع لأنه كان يعيل العشرات من العوائل دون علمهم بمن يعيلهم وهو الكاظم لأنه لم يكن في يوم من الأيام في موقف الرد على من جهل أو تجاهل موقعه الاجتماعي أو الديني وهو كذلك الشجاع بن الشجعان الذي لم يسمح لخصمه التغلب عليه وهو في أصعب المواقف وفق المقاييس الدنيوية. فقد أدخلوا على يزيد اللعين وهم أسرى مقرنون بالحبال، وإمامنا زين العابدين مغلول اليدين ومريض ومعهم رأس أبيه الحسين (عليه السلام) فتمثل اللعين بشعر حصين بن همام المري قائلا:-

نفلق هاما من رجال أعزة        علينا وهم كانوا أعق وأظلما

فرد عليه الإمام (عليه السلام) بقوله تعالى:- (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ. لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [الحديد :22-23]، فأشتاط اللعين غضبا. وفي معرض تجاوزه عن المسيئين :كان هشام بن إسماعيل والي المدينة يؤذي الإمام السجاد كثيرا وفي يوم من الأيام عزل الخليفة هشام عن إمارته وأمر به أن يوقف أمام الناس ليقتصوا منه مظالمهم فكان لا يبالي بما يلاقي من الناس من شتم وإيذاء واستهزاء ولكنه كان يقول ما أخاف إلا من علي بن الحسين .. فلما جاء دور الإمام السجاد فمر به وسلم عليه وطلب من خاصته إلا يتعرضوا لهشام بشيء, ثم بعث احدهم إلى هشام يقول له : أن الإمام يقول لك هل أنت بحاجة إلى المال فعندنا ما يسعك فطب نفسا، عندها أندهش هشام وندم على ما فعله ونادى بأعلى صوته :الله اعلم حيث يجعل رسالته. هذا هو الإمام السجاد الذي لم يستطع الفرزدق الشاعر المعروف من إخفاء مشاعره تجاهه رغم وجود الطاغوت هشام بن عبد الملك بن مروان عندما أراد تجاهله وإبداء عدم معرفته وهم يطوفون حول الكعبة الشريفة فقد قال :

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته        والبيت يعرفه والحل والحرم

           هذا ابن خير عبــــــــاد الله كلهم        هذا التقي النقي الطاهر العلم

           إذا رأته قريش قال قائلها                إلى مكارم هذا ينتهي الكرم

           ينمي إلى ذروة العز التي قصرت     عن نيلها عرب الإسلام والعجم

           حمال أثقال أقوام أذا افتدحوا            حلو الشمائل تحلو عنده النعم

           يفضي حياءا ويغضى من مهابته       فلا يكلم إلا وهو مبتسم

           ما قال لا قط  إلا في تشهده              لولا التشهد كانت لاؤه نعم

                               

إلى أن يقول

 

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله               بجده أنبياء الله قد ختموا

وليس قولك من هذا بضائره               العرب تعرف من أنكرت والعجم

فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا .

اللهم اجعلنا من الثابتين على ولايته وارزقنا شفاعته آمين .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !