الإمارات والوجه الآخر للعالم العربي

في الوقت الذي تنشغل فيه معظم دول العالم العربي بفض نزاعاتها وإنهاء حروبها، تحاول فيه دولة الإمارات إطلاق أفكار حكومية جديدة من شأنها تحسين حياة المواطن الإماراتي.

فقد انهمكت وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بوزارة السعادة الإماراتية الجديدة، التي أعلنت الإمارات استحداثها مؤخراً، وهي وزارة تُعنى بسعادة المواطن عن طريق متابعة كل خطط الدولة ومشاريعها وسياساتها. وفي وقت تحتل الدول العربية المراتب الأخيرة في مؤشر الفساد العالمي، لكونها من أكثر الدول فساداً في العالم، تتربع الإمارات في المرتبة 23 وهي مرتبة متقدمة جداً، لا تسبقها من الدول العربية إلا قطر. وبالإضافة إلى وزارة السعادة، أعلنت دولة الإمارات العديد من التغيرات الجذرية في هيكلية حكومتها.

بدأت الإثنين 8 فبراير القمة العالمية للحكومات، إذ يجتمع بعض رؤساء الحكومات وصانعي القرار والمخططين الاستراتيجيين في العالم كل عام في قمة خاصة لتقديم الاقتراحات ومسودات المشاريع والأفكار التي تهدف إلى تطوير بنى الحكومات وآلية عملها. وفي افتتاح القمة التي تستضيفها مدينة دبي، في فندق الجميرا، أعلن حاكم مدينة دبي، محمد بن راشد آل مكتوم، وهو نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء، مجموعةً من التغييرات تشمل تنظيم حكومة الإمارات.

تعدّ هذه التغييرات الأكبر في تاريخ الإمارات الحديث، إذ سيتم دمج وزارات عدة بعضها ببعض، كوزارتي التربية والتعليم العالي. إلا أنه مع تقليص عدد الوزارات، سيُرفع عدد الوزراء حتى يصبح لكل وزارة وزيرا دولة مساعدان في التخطيط والاقتراحات والتنفيذ.

وقد أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن رئيس الدولة قد وافق على خطة التغييرات الشاملة، إلا أنه لم يعلن توقيتاً لبدء العمليات، أو جدولاً زمنياً لتحقيق كل هذه التغييرات. وقد أكد أن التغيير يشمل كل الوزارات تقريباً، وسيتم دمج مؤسسات مستقلة في التعاون مع بعض الوزارات لتقديم خدمات أفضل، كصندوق الزواج الذي يدمج مع وزارة الشؤون الاجتماعية ليصبح اسمهما وزارة تنمية المجتمع، وتختص بالعائلة الإماراتية وتطوير خدمتها والاهتمام بشؤونها.

وتتعهد وزارة شؤون مجلس الوزراء مهمة جديدة هي استشراف المستقبل تتم من خلالها مراقبة آليات عمل الوزارات الباقية، وتلخيص النقص واقتراح أفكار لتحسين الوزارات، ويصبح اسمها وزارة شؤون مجلس الوزراء والمستقبل. أما فيما يتعلق بوزارة الشباب، فسيتم ترشيح مجموعة من الطلاب الجامعيين من قبل جامعاتهم، ليجري اختيار وزيراً للشباب من بينهم، لأنه يفهم متطلبات الشباب، وذلك لتمكين هذه الفئة من المواطنين في مجال العمل السياسي.

ولكن الخبر الأهم الذي شغل المغردين العرب حول العالم على موقع تويتر هو أن وزارة، هي الأولى من نوعها في العالم العربي، ستخصص لتكون وزارة للسعادة. الوزارة وزارة دولة، ومهمة وزيرها أن يواءم جميع خطط الدولة وبرامجها وسياساتها لتحقيق سعادة المجتمع، كالتواصل مع المواطنين عن طريق صندوق يقدم فيه المواطنون اقتراحاتهم، بحسب بعض وسائل الإعلام. واستحدثت الإمارات أيضاً وزارة أخرى أثارت جدلاً، هي وزارة التسامح، إذ سيكون وزير الدولة للتسامح مسؤولاً عن ترسيخ مفاهيم التسامح وانعكاساته على المجتمع الإماراتي.

جاءت معظم ردود الفعل مؤيدة على مواقع التواصل الاجتماعي، فمعظم الإماراتيين كانوا فخورين بالتغييرات الجديدة وبرئيس وزرائهم، الذي حاز لقب أفضل رئيس وزراء في القمة العالمية للحكومات، وقد جاوزت التغريدات المرتبط بالوسم #القمة_العالمية_للحكومات، 3 مليارات تغريدة خلال 24 ساعة من انطلاق المؤتمر. ويقدر أن الإمارات في استضافتها للمؤتمر، وفي هذه التغييرات، تحاول جاهدة اللحاق بركب حكومات العالم المتقدمة لتحقيق مكانة مرموقة في ترتيبها العالمي بين الدول.