تذرعت الحكومة المغربية و معها وزيرها في التربية الوطنية، بحجة الجودة،من أجل إقصاء مجموعة من الشباب حاملي الإجازة الأساسية،من متنفسهم الوحيد، للهروب من شبح البطالة مباريات أطر الأكاديمية بشكلها الحالي،و أضافت شروطا جديدة مستقبلية أن التكوين سيكون بالبكالوريا بعد انتقاء،و تكوين لمدة ثلاث سنوات بالجامعة، و سنتين بين المركز و مقر العمل.
الجودة كمفهوم يأتي من علم الإقتصاد، و تو ظيفه في التعليم جاء اسقاطا، فالحديث عن الأخير اقتصاديا، جودة السلعة، الخدمات، معايير متعارف عليها في الانتاج، و لما لا علامة من مراقبي الجودة تدل على الاتقان في العمل،يحيلنا إلى دراسة علاقته بالتعليم، من خلال تبنيه كمفهوم في القانون الإطار 51,17 الذي ركز على الجودة و علاقتها بالمدرس و أطر الدعم التربوي و الاجتماعي والإدارة،باعتبارهم ركيزة المؤسسة.
فالنهوض بالمؤسسة التعليمية و تجويد خدماتها ، ليس جديدا جاء به بنموسى، في أفق استقلالية المؤسسات من خلال شراكات مع الجماعات المحلية،و الفرقاء الاقتصاديين، و المجتمع المدني..... ،لكن تنزيله بهذه السرعة و هذه الطريقة، يدعونا إلى التساؤل،لماذا الجودة لإقصاء شريحة كبيرة من حقها في تكافؤ الفرص ؟و حقها في تعليم ديمقراطي يتنافس فيه الجميع، و البقاء للأصلح، و للكفىء.
لن أعرج على الجانب المادي، المتمثل في ظروف الإشتغال، و حالة المؤسسات، و اختلاف ظروف الاشتغال بالنسبة للأساتذة خاصة المتعاقدين الذين يعانون نفسيا من قرارت حكومات سابقة و حالية،و لا عن التفاوت بين التعليم العمومي و الخصوصي،الذي يضرب مبدأ تكافؤ الفرص بين التلاميذ ، و يفرغ مفهوم الجودة من حمولته،لكنني سأناقش الجانب البيداغوجي.
فهل الجودة كما يفهمها الوزير هي الإقصاء و فقط؟و لماذا لا يفتح الباب أمام الجميع،و من تحققت فيه معايير الجودة، يكون أحق بتأطير أبناءنا؟ لماذا لا تبنى القرارات على دراسات تنشر للجميع من أجل إشراك الفاعلين و المجتمع المدني؟
لا تنتظروا جوابا فالأمور واضحة، لأن القرارات الأخيرة كانت جاهزة تنتظر التأشير عليها، أولا في علاقة مع صندوق النقد الدولي الذي يفرض أجنداته، ثانيا أن الحكومة غير قادرة على إعطاء بدائل سوى على حساب أبناء الشعب،و الطبقة المسحوقة أصلا، و دفعها إلى العمل في الخاص، مدارس أو شركات بثمن بخس.
إن الجودة تقتضي أن يكون مبدأ تكافؤ الفرص حاضرا بقوة،أي فتح الإجازة فالتربية أمام أبناء الشعب الحاصلين على البكالوريا، و من يستحق أن يحصل على و ظيفة مدرس ،بامتحان يختبر القدرات المعرفية للجميع فهنيئا له،و تقتضي أيضا امتحانا مفتوحا للجميع وفق معايير الجودة، و ليس معيار بضاعتنا ردة إلينا بشكلها الحالي.
الإقصاء بحجة الجودة،هو ضرب في مصداقية وزارة و حكومة تكرس الطبقية ، و تخالف الدستور، و حتى البرامج المسطرة، الموجهة للإستهلاك وفقط.
ستكون سنة2030 فارقة في مجال التعليم بالمغرب، و هي نهاية تنزيل مخطط 2015 -2030، فماهي التغيرات الجذرية التي تنتظرنا، و ما هي الحجج القادمة لإقصاء ما تبقى من أبناء الشعب و تنزيل البرامج اللاوطنية و اللاشعبية؟و متى يتم محاسبة المسؤولين عن الكوارث التي يعرفها القطاع؟
التعليقات (0)