منذ أن تركت العمل الصحفي لم أشتري صحيفة أبداَ
اليوم إشتاقت نفسي لإحتضانها وتقبيلها ومعانقتها بنهم
عاشق عاش سنوات وهو يبحر مع أمواجها..فهي معشوقته الحقيقية
عناوين مفزعة "تكدس أكوام النفايات يهدد حي البلد بانتشار
الأوبئة" وصور مقزّزة مع الخبر
وصفحتان مانشت عريض باللون الأحمر:
"ترقيع شوارع جده طبطب وليّس"
"مستنقعات السيول تحاصر ثول.."
"الشاحنات المخالفة تزهق أرواح المواطنين على طريق تربه الخرمه
"ماس كهربائي يخلي مستشفى بيشه"
وشرطة الطائف تبحث عن فتاة المس
صاحب مخطط الياسمين أياد خفية وراء التشهير بدون حق
عناوين تدمي القلب وتعطي مؤشرات الى إنحدار الفكر نحو الفساد
لايهمّ ..نفسي إزدادت حزناً على حزن ولكنّي أقلبها كالحرير بين يدي
أتذكر ماض صحفي في جريدة المدينة المنورة أبحث عن أسماء
كانت بيننا صلات قويّة ومحبة حقيقية
إنتقلت الى صفحة الرأى لأقرأ مقالاً غارقاً في الطول لاتصل آخره
حتى تنسى أوّله وكل يفتي حسب ثقافته وأهواءه
تداخلات في كل شئ دون مراعاة
لفنّ المقال الذي أنادي بتطويره في صحفنا من خلال تطبيق الأسس
والقواعد الذي يخضع له فن المقال والتجديد فيه ليواكب التطور الفكري
مشكلتنا أننا نجهل بأنّ قانون التطور الاجتماعي لايقف عند حد بل يسحق
الماضي بكل تبعاته دون أن يواكب الأدباء والاقتصاديون هذا التطور..
لآأريد أن أذهب بعيداً فقد تركّز تفكيري في مقال بعنوان
" خلط غير مقبول" للأستاذ أنس زاهد
موضحاً في مقدمته بأنّ الطغاة لايصنعون أنفسهم هناك مجموعة
مستفيدة يصنعونه حتى يصّدق أن الشعب خدم عنده"
وبدأ أستاذنا يتحدث عن الطغاة والديكتاتور وكأنّه يشير الى الأحداث
بينما أنهى مقاله بقوله"كان جمال عبدالناصر هو أحسن مثال للزعيم
الذي يقود بلاده وفقاً لأساليب قمعية لكنّه يختزل في نفس الوقت
إرادة شعبه وامته"
وهنا أجدني أكتب صحيح أستاذنا كان عبدالناصر
يضحك على الشعب بكلمات عاطفية لتنفذ في قلوب أحاطها الجهل
تصّدق بكل شئ ..لاقنوات ولا شبكة عنكبوتية لايعرفون الحياة
خارج بلدهم.
ناس طيبون يريدون أن يعيشوا بسلام نوم على الحصير يكفيهم
وتقاطر حبات العرق وهم يحرثون ويعملون وينامون أول الليل
الآن هذه الأساليب والمراوغة والاحتيال والكذب وغيرها من وسائل
الامتصاص لاتنطلي على شباب مثقف أتيحت أمامهم قنوات كثيرة للمعرفة
هذا الجيل لايحتاج أن يقمع لأنّه لن ينحني ولن يرضى بغير حقوقه
شباب يعرفون مالهم وما عليهم يقوموا بأعمالهم ويدركوا مصلحة وطنهم
وما الشاب الرائع وائل غنيم حينما يتحدث تجد الصدق والمعرفة التي
تجاوز بها الكثير من العقلاء..ما أروعكم أيّها الشباب،الصبر يعقبه الفرج
صبرت بنو اسرائيل على إستباء نساءهم وتقتيل أبنائهم وجاءهم الفرج
ولكن ماذا بعد الأحداث ؟وماهو السيناريو المعد لذلك
إنّني أستشف رائحة الأمواج المعتمة وهي ترفع عقيرتها لتطال
كل شئ جميل في حياتنا..حينما تغرق البلدان العربية في الفوضى
تصبح التصفية الجسدية والاقتصادية سهلة لمن يتربص كالأخطبوط
الذي يحّرك الفتن بسهولة لتنفيذ أجندة خاصة وأهمّها تصفية العقول
والاستحواذ على المؤسسات الهامة بعد أن تعاني من الإفلاس بثمن بخس
وتسريح العماله ونشر الخوف والفقر والجهل والمرض
فحينما ينزع رئيس تكون جذوره ممتدة على محيط حياة شعبه
لتقتلع الجذور من تحت أعمدة أساسية لينهار البناء وما أقسى
أن ينهار البلد ليحتاج الى أجيال تخرج من رحم المعاناة تعيد الحياة
الحياة التي ستصبح بدائية مع التطور التقني الذي سيشهده الغرب
بعدما سَكَبَ أفكاراً وأستولى على أبحاث تصعد بهم مئات السنوات
ولكن الأخطر من ذلك حينما تصاغ منطقة نار من خلال قوّة دولية
تقام في سيناء لمنع أشباح تموت من إختراق هذا الجدار وتكون
منطقة عمليات لتغذية الفتن داخل مصر وهاهي تونس التي توقعت
أن تغرق في الفوضى في مستقبل أمرها في مقالي"تونس كبش فداء لثورة
مصر"تحقق ما توقعت وستقام فيها منطقة نار مغلقة-شئنا أم أبينا-
تمنع من مغادرة سجن ليس فيه أمان فكل شئ تحكمه
القّوة فالأقوى يعمل ما يحلوا له ويتكاثر العملاء ويبكي العقلاء
لست متشائماً ولكنّي أنظر الى مستقبل الأحداث دون أن تجرفني
العاطفة والكلمات المزخرشة كالحرية ولكن الحرية التي تفضي
الى إنيهار الوطن هي حرية زائفة تغذيها وتوجّها آيادي متمرسة
بفكر متقدّ وتخطيط يتّم تنفيذه بامكانيات هائلة لتضع يدها على
الاقتصاد المنهار وخلق مشاكل تغرق فيها البلاد في الفوضى
وتكثر الأصوات ويغتال العلماء ويهاجر الفكر وتنموا العصابات
التي تدعم لتفجر وتعيث في الأرض فسادا..
أتمنى أن يعي الأخوة خطورة المرحلة المقبلة وأن يساهموا جميعاً
في إعادة الأوضاع الحياتية الى طبيعتها قبل أن تتجذر آيادي خارجية
وداخلية لإثارة الفتن وأنفصام الأمن عن حياة الناس..
يكفينا حزن والم لحال اخواننا في غزة ..تكفينا دموع الأطفال
تكفينا جراح غائرات ونزيف دماء ..
لماذا نصبح وحوشاً كاسرة ولا نعفوا ونتسامح عند المقدرة؟
لماذا تصدح أصوات وتتخالط ويرمي كل منّا الأخطاء على الآخر؟
نريد أن نكون شجعاناومسئولون في أقوالنا وننظر الى الأمور
من خلال أفق أوسع.
التعليقات (0)