مواضيع اليوم

الإعلام العربي.. بين المسئولية والسلطة

nasser damaj

2009-06-29 05:33:47

0

الإعلام العربي.. بين المسئولية والسلطة
خليل الفزيع

     يظل الإعلام العربي في أزمة طاحنة لا يستطيع الخروج منها بسهولة، ما لم يتجاوز الأنماط التقليدية للإعلام المهرول وراء تملق السلطة بمناسبة وغير مناسبة، وبعض قيادات هذا الإعلام لم تدرك بعد تبعات التقلبات السياسية، وما تستوجبه هذه التقلبات من نظرة واقعية وواعية وحكيمة تأخذ في الاعتبار احتمالات المستقبل، ولا تنجرف وراء العاطفة الهوجاء التي كثيرا ما جرت على أصحابها ويلات كان بالإمكان تلافيها لو أدركوا أن الإعلام ليس لعبة بيد السلطة، وأن مسئوليات الإعلام تحتم الرقي بالعمل الإعلامي وحمايته من أساليب المعالجة السطحية، وليس شرطا للإعلام الناجح أن يعادي السلطة الناطق باسمها، ومع ذلك فإن القيادات الإعلامية الواعية غير ملزمة بالانجراف للتطبيل للسلطة، والمبادرة في كسب رضاها بتبني مواقف لا تحمد عقباها، ظنا منها أنها بهذه المواقف ستحظى برضا السلطة، بينما هي في الواقع تضع هذه السلطة في موقف لا تحسد عليه، في حالة تصعيد بعض المواقف السياسة مع الدول الأخرى، كما أنها بذلك تصنع مطرقة للسلطة ربما هي غير موجودة أصلا، ولا يلبث الوهم أن يتلبس تلك القيادات الإعلامية فيطاردها شبح الخوف من تلك المطرقة الافتراضية، وبالتالي ترتكب أخطاء فادحة بحق نفسها ودولتها والدول الأخرى، وتتشوه الرسالة الإعلامية تحت ضغط سندان المسئولية الغائبة ومطرقة السلطة التي قد تكون وهمية، وفي حالة أي تغيير في المواقف السياسية تجد تلك القيادات الإعلامية نفسها أمام أحد أمرين، أما أن تغير مواقفها لتنقلب رأسا على عقب، أو أن تشد الرحال غير مأسوف عليها، لأن مواقفها لم تعد ملائمة للمرحلة السياسية الجديدة.
     والمعروف أن للسياسة حساباتها الخاصة، حيث لا توجد فيها مواقف ثابتة بل مصالح ثابتة، وهذه حقيقة تغيب عن بعض القيادات الإعلامية التي يمكن القول عنها أنها قصيرة النظر، وكثيرة هي تلك القيادات الإعلامية التي ملأت الدنيا شهرة وتألقا ولم تلبث أن خبت شهرتها وتلاشى ألقها.. لا لشيء إلا لأنها اعتمدت أسلوب (الردح الإعلامي) إن صح التعبير، بما يصاحب هذا (الردح الإعلامي) من اتهامات باطلة، وأساليب هابطة في الطرح إذ يفترض أن يترفع الإعلام عن ذلك، في أداء رسالته الشريفة الهادفة إلى الرقي بمستوى الحوار، وتأصيل لغة الخطاب المتزن والواعي والمسئول، والمدرك لما يفرضه الضمير الإعلامي من قيم ومثل تنأى بنفسها عن الكذب والتزييف والممارسة الخاطئة لمهنة شريفة تتوخى الحقيقة وتلتزم بأخلاقيات المهنة.
     وتلك القيادات إن ظنت أنها تحقق نصرا يقربها من السلطة فقد أخطأت الهدف، لأن السلطة هي المدركة قبل غيرها للتقلبات السياسية، كما أنها تدرك أن من يتزلف لها اليوم سيتزلف لغيرها غدا، وبالتالي لن تنال تلك القيادات الصحفية أي احترام لا من السلطة ولا من القارئ الواعي والمدرك لأسرار اللعبة السياسية، بل أن القارئ الموضوعي الجاد يستهجن مثل هذه الأساليب الملتوية، والتي لا يدرك أصحابها الآثار السيئة لأي انحراف إعلامي على مستوى العلاقات بين الدول، وكل الدول تملك بدورها إعلاما لا يقل قدرة عن غيره في الكيل بنفس المكيال للدخول في حرب إعلامية الرابح فيها خاسر بكل المقاييس.
     ورغم أن السياسة المعلنة للإعلام العربي والذي يؤكدها وزراء الأعلام العرب في كل اجتماعاتهم، هي معالجة القضايا العربية بحكمة، وإشاعة روح التضامن العربي، ومد جسور التعاون الإعلامي بين جميع البلدان العربية، واحترام الدول الشقيقة والصديقة وقياداتها الشرعية، والوقوف في وجه التحديات الخارجية بقوة الواثق من قضاياه الوطنية والقومية العادلة؛ ورغم كل ما يقال عن وثيقة الشرف الإعلامي بين الدول العربية.. فإننا مع شديد الأسف نرى بين آونة وأخري من ينسف كل هذه القيم ليغرد خارج السرب، زاعما التفرد حينا ومتقربا من السلطة حينا آخر، وفي الحالتين يلغي وعي المتلقي الذي لم تعد تنطلي عليه الأساليب الإعلامية غير المستقيمة، والتي تغيب عنها قيم مقدسة تستهدف احترام الغير، ولن يتم احترام الغير ما لم يتم احترام الذات أولا وقبل كل.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات