الإعلام السوري...."المبدع"

من آخر ابداعات الإعلام السوري و المرشّحة دوما الى مزيد من العبقرية و التمييّز، أنّ "المجموعات الإرهابية المسلّحة" تستعين بموظفين من قناة الجزيرة لتهريب السلاح الى الداخل السوري، و أنّ السلطات الأردنية قامت باعتقالات في هذا الصدد، الأمر الذي نقته الأردن.

قد نختلف في تقييم السياسة التحريرية لقناة الجزيرة في ما يخصّ القضايا المطروحة في المنطقة على وجه الخصوص، و لكن لا نعتقد أنّها معنية من قريب أو بعيد في امداد في ادخال نفسها كطرف أو مساند لطرف الى درجة امداد "الجماعات الإرهابية" بالسلاح. فلا الجزيرة أو موظفيها بهذا الغباء و السطحية، و بالمقابل لا نتصوّر أن من يريد السلاح في الداخل السوري أعدم السبل الى ذلك الى درجة أن يستعين بصحافيين من قناة الجزيرة.

ما يتمتّع به الإعلام السوري من خصوصية هو أنّه بالإضافة الى تغطيته الوافية و الضافية ...و "الصادقة" في ما يخصّ ما يحدث في الداخل السوري، فإنه أيضا يبدع في تغطية كل شاردة و واردة تهمّ القضية السورية حتى و ان كان الخبر من المرّيخ.

فعلى ما يبدو أنّه يملك من المعلومات ما لا تملكها السلطات الأردنية أو التركية أو اللبنانية...المهمّ أنه وحده الإعلام السوري من يملك الحقيقة و الملابسات التي تلف "المؤامرة "التي تحاك يوميا على القطر العربي السوري و قيادته الممانعة.

في الواقع هذا الإدعاء ليس الاّ تبرير مسبق لأي استهداف لصحافيي الجزيرة، بمعنى أن السلطات السورية قد أبرت ذمتها أمام العالم من هنا فصاعدا، اذ ستكون بصدد التعامل مع مهرّبي أسلحة و ربما لاحقا مهرّبي مخدرات و الإتجار بالبشر و ليس صحافيين يقومون بعملهم سواء في الداخل السوري أو على الحدود مع الأردن أو مع غيرها من الدول المحيطة.

في أية حرب أو تصعيد يبقى الإعلام الدعائي يعمل الى آخر اللحظات و الإعلام السوري لن يشذّ عن هذه القاعدة، بالرغم من أنّنا نعلم أن النظام السوري يعيش الآن حالة اختناق اقتصادي يعرف هو فقط درجته، اضافة الى توّرّط سياسي تساعده ايران بين الحين و الحين في التخلّص من سطوته، غير أّن هذه الحالة المأساوية التي يعيشها النظام لن نراها أو نسمع عنها في اعلامه، بل على العكس من ذلك هو كل يوم يحقّق الإنجاز تلو الإنجاز فقط هم لا يذكرون أنّها انجازات على نخب دماء الشعب السوري.