الإعلام الالكتروني و قضايا الاستيلاب
يحظى الإعلام الإلكتروني بحصة متنامية في سوق الإعلام وذلك نتيجة لسهولة الوصول إليه وسرعة إنتاجه وتطويره وتحديثه كما يتمتع بمساحة أكبر من الحرية الفكرية.
و تعد التسجيلات الصوتية والمرئية والوسائط المتعددة الأقراص المدمجة والإنترنت أهم أشكال الإعلام الالكتروني الحديث.
و غدا واضحاً أن نشأة أية وسيلة إعلامية جديدة لا تلغي ما سبقها من وسائل، فالمذياع لم يلغ الصحيفة والتلفاز لم يلغ المذياع، ولكن الملاحظ أن كل طرق الإعلام المستحدثة يخصم الكثير من جمهور الطرق القديمة ويغير أنماط الاستخدام وفقاً لإمكانيات الوسيلة الجديدة.
وقد فرض ظهور الإنترنت ومن بعد الإعلام الإلكتروني واقعاً مختلفاً تماماً، إذ أنه لا يعد تطويراً فقط لوسائل الإعلام السابقة وإنما هو وسيلة احتوت كل ما سبقها من وسائل، فأصبح هناك الصحافة الإلكترونية المكتوبة، وكذلك الإعلام الإلكتروني المرئي والمسموع، بل إن الدمج بين كل هذه الأنماط والتداخل بينها أفرز قوالب إعلامية متنوعة ومتعددة بما لا يمكن حصره أو التنبؤ بإمكانياته.
فليس ثمة شك أن الشبكات الإلكترونية, وفي مقدمتها شبكة الإنترنيت, إنما دشنت حقا "لمرحلة جديدة" من التطور الإنساني تراجعت فيها ثنائية الزمن والمكان وطالت التعرية جراءها العديد من المفاهيم والتمثلات والمعايير.
والواقع أن شبكة العنكبوت التي انفرد الانترنيت بتوسيعها لدرجة تغطيتها شتى أنحاء المعمور, لا تتميز فقط بكونها وفرت شروطا تقنية لربط ملايين الحواسيب بعضها البعض أو بكونها كانت وراء بروز بروتوكولات في الاتصال جديدة, ولكن أيضا وبالأساس لأنها نجحت في دمج مختلف شبكات الإعلام والاتصال التي كانت إلى حين وقت قريب مستقلة، و مهنها إلى حد ما متنافرة.
و تبقى من أهم الإشكالات التي ارتبطت بظهور الصحافة الالكترونية خصوصا بالمغرب انعدام الإطار القانوني الذي يحدد كيفية التعامل مع هذا التدفق المعلوماتي ، وكيف يمكن حماية الشباب من أخطار الانترنيت، وما هي الضمانات التي يمكن أن يحصل عليها مستعمل الانترنت لحماية معلوماته الشخصية.
وتشكل هذه الإشكالات أرضية لمناقشة وضعية الإعلام الالكتروني في المغرب والعديد من القضايا المرتبطة به، والتي تتركز بصفة خاصة حول حماية المعلومات الشخصية للمستعمل وعدم استعمالها لأغراض تجارية دون إذنه، وكذلك موضوع تعريف الصحافة الالكترونية وإشكالية عدم توفرها على إطار قانوني حاليا، حيث ان السلطات القضائية تمتنع عن تسلم ملفاتها رغم توافر العديد من المواقع المخصصة للجهات.
كما تبقى من بين أهم الإشكالات التي تؤرق المهتمين بقضايا تطور الإعلام الالكتروني هو انزياح ما يصطلح عليه بالاستلاب الثقافي الذي يهدد شباب هذا الوطن باعتباره يشكل المستهلك الأول لفقرات الإعلام الالكتروني ،خصوصا و أن العديد من المواقع تستغل استحالة متابعتها و مراقبتها لتقوم بتمرير ما عجزت عن تمريره من أفكار تضر في العمق ثراتنا و هويتنا وهو ما يؤكد على أن المهتمين و المسؤولي مطالبين اليوم أكثر من ذي قبل بإيجاد صيغ معقولة لتأطير هذه الظاهرة التي بقدر ما هي فضاء للتواصل و التربية و والإخبار بقدر ماهي سلاح فتاك يمكن أن يقع في أيادي غير آمنة تفعل من خلاله بشباب الأمة ما تشاء.
عادل تشيكيطو
التعليقات (0)