مواضيع اليوم

الإعلام الإكتروني ٠٠ يكشف عن اعتماد تفاعلات المجتمع السعودي على العاطفة وحدها٠٠

تركي الأكلبي

2012-01-03 18:15:46

0

 

 
 
على ضوء تجربة السعوديين "الإعلامإلكترونية" ومن خلال متابعة الحراك الفكري والثقافي والاجتماعي في صورته الإلكترونية ممثلا في ما يسمى "جمهور الواقع الافتراضي "، مثل الصحف الإلكترونية ،  والمواقع الألكترونية للصحف الورقية ، ومواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك ، تويتر ، والمنتديات العامة ، يمكن للمراقب ملاحظة أن السعوديين في الغالب لا يجذبهم - وبدافع عاطفي محض - للتفاعل مع ما يطرح في هذه المواقع إلا حالتين هما :    
- نقد شخصية أو رمز من الرموز الدينية ، أو نقد الفكر السلفي ، أو نقد مؤسسة دينية كهيئة الأمر بالمعروف ، أو سب الشيعة ، أو شتم الليبرالية ، أو مناقشة قضية المرأة ٠ 
- نقد مسؤولا ، بحيث يكون النقد الموجه له مثيرا لأتباع كل تصنيف من التصنيفات السابقة ، أو كان محركا لساكن مسكوت عنه في نفوس آخرين يشعرون بثقل مخزون ذاكرتهم مما لا يسمح بالتنفيس والتعبير عنه ٠
 
أما كيف يقوم تفاعل السعوديين فقط على العاطفة ٠٠ الدينية والفكرية والمذهبية و"الشخصانية" والوظيفية ، سواء على مستوى تفاعلات العامة مع الحراك الاجتماعي والقيادات الفكرية ولثقافية في المجتمع ، أو على مستوى هذه القيادات ذاتها ؟ فانظر إلى التركيز على الذات المستهدفة من ناحية ، ومن ناحية أخرى إثارة غريزة الخوف الذي يتمحور حول ثلاث ركائز أساسية هي الأمن والقيم والمرأة  ٠ هذا في جانب ، وفي الجانب الآخر " الطرف الآخر المخالف " ستجد الشكوى من الإقصاء من ناحية ، واستجداء عاطفة الوطن والوطنية من ناحية أخرى ٠ وسواء على مستوي العامة أو الرموز والقيادات فأن معظم الآراء والأفكار والأطروحات معادة ومكررة ومستهلكة وكثير من حججها تجاوزه الزمن والواقع العربي المحيط بنا ٠ 
ومرة أخرى أنظر لهذه المفردات - الوطن ، الأمن ، المرأة ، القيم ٠ ستجدها تشكل القاسم المشترك كمؤثرات عاطفية في سباق الاستتباع و٠٠٠٠٠، بينما لم نر إشكالا حقيقيا ، ولا فعلا ذا قيمة يستحق التفكير فيه ٠  فالقيم الدينية والاجتماعية الأصيلة محفوظة ، والوطن نحبه جميعا، والمرأة مصانة ومكرمة ولكن لها حقوق وعليها واجبات ، والأمن مستقر ولله الحمد والمنة  ولكن هناك حاجات لا تقل أهمية عن الأمن سواء من حيث دورها في استمرار نعمة الأمن ذاته أو من حيث هي حاجة في حد ذاتها ، مثل الأمن "العقلي" ، والأمن الحقوقي ، والأمن المعرفي ، والأمن العلمي ، والأمن المادي ، والأمن الصحي ، والأمن الغذائي ، والأمن البيئي ، والأمن التنموي ، والأمن التعليمي ، والأمن الإنساني ، والأمن التعبيري ، والأمن التفاعلي ، والأمن الإنتمائي ٠ ولسان حال المواطن العادي يقول : يا أيها الفرقاء سئمنا غزلكم الغث لعقولنا ! فلا مجال للمزايدات على هذه المرتكزات !٠٠
وفي هذه الدائرة الضيقة ، ليس غريبا أن تجد من يقفز من مساره ليركب موجة الآخر لأمر في نفس يعقوب ، ولكنك قد تفهم من هذا الأمر بشكل بديهي الحصول على مكاسب شخصية ، وإن كان هناك رجال " يعقوبهم " أبعد من المكاسب الشخصية إلا أنني سأضرب هنا مثالين " لقفزة " رجلين بارزين على الساحة الإعلامية والثقافية  :   
الدكتور الغذامي ، قفز فجأة من مجاله الذي كان يسميه " التفكير الحر " ليساير "الإسلاميين" في الهجوم على الليبراليين السعوديين ، وربما كان هجومه أشد وأنكأ ، الأمر الذي فسره "محللون" برغبته في الظهور من جديد إلى دائرة الضوء الإعلامي والحصول على صك الغفران ممن أثخنوه إقصاء وتسفيها ، فكان موقفه ذاك من الليبراليين السعوديين موضوعا للاستشهاد ومثالا يحتفى به من قبل الخصوم ضد خصومهم ٠
"الواثب" الآخر هو الكاتب صالح الشيحي ، إذ قفز بالأمس قفزة سبقتها قفزات  عن مساره الذي كان داعما للمواطن البسيط إلى ما كان عليه الرعيل الأول من ثقافة المدح والتمجيد الممل ، ولكن قفزته هذه المرة ربما كانت من الذكاء بمكان ، فقد استخدم مفردتي " الخزي والعار " لتثور ثائرة طرف ضد الطرف الآخر في "ميدان" الصراع التقليدي المتشنج بين التيار الديني والليبرالي ! فكان أول من احتفى به وأمتدح "إقدامه" الشيخ محمد العريفي ٠
 
والسؤال الذي يفرض نفسه هو : ما الذي جعل السعوديين - رموزا وعامة وأتباع - يسجنون أنفسهم داخل زنزانة العاطفة الضيقة ٠٠ فكرا وقضية وسلاحا وكر وفر ؟! حتى أنك لتندم أن حاورت أحدهم ( في الغالب تجنبا للتعميم ) لأنك سرعان ما تكتشف إنغلاق عقله على مفهوم "أن لم تكن معي فأنت ضدي" ! فالعقل المجتمعي أصبح منغلق على شحناته المحتقنة ، وكل مناسبة " جدالية " هي فرصة سانحة لتفريغ شحناته المكبوتة !٠
وكيف أستمر حراك وطن بأكمله يدور في عقل مغلق النوافذ ؟! فلم يبرح حتى الآن جداله مقود السيارة ، أو "كاشير" أمام المرأة حتى تظهر من جديد ( قضية ) بيع ملابس المرأة الداخلية ، وكان "حراكا"متجمدا لم تستطع لغته الغنية إسعافه لجموده بغير مفردات " الرويبضة ، والعملاء ، وزوار السفارات " ! أو الإقصاء وفرض امتلاك الحقيقة ، ولم تستطع ثقافته العريقة منحه رؤية مغايرة لجدلية الذات المستهدفة والخروج من "سقيفة" الماضوية وعباءة الأبوية المتأسلفة أو الفاقدة للهوية ٠  
على أي حال سأحاول هنا طرح ما أراه متوافقا من الإجابة على هذه التساؤلات : 
المواطن السعودي منذ صغره في البيت ثم المدرسة حتى "يتخرج من (مدرسة التلقين) ويصبح هو بدوره ملقنا في دورة (يرقية) ، أعتاد أن يكون هناك دائماً من يفكر نيابة عنه ، ومن يقرر نيابة عنه ، ومن يحل ويعقد نيابة عنه ، ومن يمتدح بأسمه ، ومن يذم بأسمه ، ومن يؤكد جازما بأسمه !٠ ولأنه لقن أن الحق والصواب من نصيب من يكبره حتى لو في لبس "البشت"! فأن قاموس ذلك الأكبر والأعلم ٠٠ في البيت ، في المدرسة ، في الشارع ، في المسجد ، وفي الخطاب الوعظي ، الاجتماعي ، الثقافي ، الفكري ، لا يتسع الا لمفردتين بصيغة الأمر هما : افعل ٠٠ لا تفعل ، خذ ٠٠ هات ، قل ٠٠ لا تقل ، احفظ ٠٠ لا تحفظ ٠ فينشأ الطفل ويتربى ويتعلم ويتخرج ويعمل ٠٠ في قالب من الأحادية والواحدية ، وحينما يصدطم بالواقع المتأزم يتحول ( التعدد ) بتلقائية إلى تضاد في مدركاته ! بل وأكثر من ذلك ٠٠ إلى عدائية تثير الخوف وتبعث على النفور والتنفير من الآخر المختلف !  
وعلى هذا الأساس المتصلب أصبح كل فرد من مخرجات تلك "المدرسة" ينشد تلك (المكانة) ٠٠ مكانة الأكبر والأعلم والأعلى ! وأصبح الإعلام كجمهور كرة قدم لا يتعدى دوره التصفيق والصراخ حال تسجيل (أي) فريق هدفا في مرمى الفريق الآخر !! وأصبح عقل المواطن مشتت بين أمنياته بكريم حياة عملية وصحية وخدماتية ومعيشية ، وبين انتظاره بشوق انفتاح شفتي صاحب "بشت " على أمل أن يكون انفتاحهما أبتسامة لا لبروز أنيابه من خلفهما ، وبين انتظاره لذلك المذيع "الأنيق" أمام شاشة التلفزيون السعودي عله يذيع نبأ عن شيء من المكرمات والعطيا والهبات ٠لكنه على أي حال لا يستطيع الخروج من دوامة أمنياته إلا إذا عرف من أين توكل (كتف الفساد !)٠
تركي سليم الأكلبي 
 
 
 
 
.
 



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !