بقلم:محمد أبو علان:
http://blog.amin.org/yafa1948
الإعلامي الإسرائيلي "أوري أفنيري"(86) عاماً، يهودي من أصل ألماني، حياته المهنية في الإعلام الإسرائيلي عمرها يساوي عمر الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، من هذه الزاوية يكون لحديثة وتقيميه لطبيعة الإعلام الإسرائيلي أهمية خاصة، وعلى قاعدة "وشهد شاهد من أهلة".
شبه "أفنيري" منهجية الإعلام الإسرائيلي في العمل بنفس منهجية عمل الإعلام النازي، جاء ذلك في مقابله له مع القناة العاشرة الإسرائيلية كانت في الأسبوع الماضي حول واقع الإعلام في دولة الاحتلال الإسرائيلي، وقال في هذا السياق:" مسئول الإعلام في الحقبة النازية كان يجتمع مع رؤساء التحرير في الصحف ويحدد لهم ما يجب نشره في الغد، وما هي العناوين التي يجب أن تظهر في الصحف، وما هي فحوى المقالات التي يجب أن تنشر، ومن يطالع الصحف الرئيسة الإسرائيلية اليوم يجدها بنفس المنهجية في العمل، وكأن شخص واحد قام بإعداد كل هذه الصحف".
"أفنيري" عبر عن فقدان الإعلامي الإسرائيلي لحريته الإعلامية لصالح السلطة السياسية في دولة الاحتلال الإسرائيلي حتى بات جزء من هذه السلطة، وحسب اعتقاده فقد أضحى المراسلين السياسيين في الإعلام الإسرائيلي بمثابة ناطقين باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، وكذلك المراسلين للشؤون العسكرية بات من الصعب التفريق بينهم وبين الناطق الإعلامي للجيش الإسرائيلي، ونفس المنطق يساق على المراسلين للشؤون الشُرطية.
وكون "أفنيري" يعتبر نفسه من معسكر اليسار الإسرائيلي ومعسكر السلام، وفي ظل الصورة التي رسمها للإعلام الإسرائيلي فهو لم يعد يجد نفسه داخل إطار هذا الإعلام وخاصة فيما يتعلق بالصحافة المكتوبة، لهذا أخذ يتوجه للكتابة والنشر عبر الشبكة العنكبوتية كونها أوسع انتشار من الصحافة المكتوبة، وتتيح له ميّزة التواصل الدائم مع قرائه وتبادل وجهات النظر معهم، الأمر الذي لا تحققه الصحافة المكتوبة.
هذه الشهادة في حق وطبيعة الإعلام الإسرائيلي جاءت لتؤكد الحقيقية الزائفة لحرية الإعلام الإسرائيلي، ولتزيل الغشاوة عن فكر وعيون من لا زالوا يعتقدون أنه في دولة الاحتلال يوجد حرية وديمقراطية حقيقية سواء في قطاع الإعلام أو غيره، خاصة عندما يتعلق الأمر بغير اليهود "الغويم حسب التعبير العبري" بشكل عام وبالشعب الفلسطيني بشكل خاص، وتاريخ هذا الإعلام مليء بالشواهد الأخرى منها على سبيل المثال لا الحصر إغلاق صحيفة "معاريف" لمدة ثلاثة أيام بعد كشفها جريمة اغتيال فدائيين فلسطينيين من قطاع غزة رغم اعتقالهم أحياء بعد اختطافهم حافلة على خط 300 في مطلع الثمانيات، والرقابة العسكرية على وسائل الإعلام الإسرائيلية والأجنبية أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام2006 ، وفي حرب الرصاص المصبوب على قطاع غزة في نهاية العام 2008 والتي استمرت لمدة (23) يوم متواصلة دون السماح بنشر خبر دون المرور على الرقيب العسكري، هذه الأمور مجتمعه هي التي تعطي الصورة الحقيقية عن ماهية حرية الإعلام الإسرائيلي، ناهيك عن المضايقات التي يتعرض لها الإعلام الأجنبي العامل في دولة الاحتلال الإسرائيلي من أجل أن يلتزم بالرواية الإسرائيلية فقط، وسجن مراسل قناة العالم الإيرانية في القدس خضر شاهين والمنتج محمد سرحان إبان الحرب الأخيرة على قطاع غزة صورة واحدة فقط عن ممارسات سلطة الاحتلال تجاه الإعلام الأجنبي، أما ما يتعرض له الإعلاميين الفلسطينيين من قبل الاحتلال الإسرائيلي فهذا يحتاج لباب منفرد يطول الحديث فيه لكثرة جرائم الاحتلال في هذا المجال.
كما أن مجتمع سياسي مثل المجتمع الإسرائيلي بكل شرائحه السياسية والإعلامية مجتمع قائم على الاحتلال والظلم وسياسية القتل لا يمكن أن يكون هو نفسه مجتمع حر، فكيف لقطاع الإعلام فيه أن يكون حر وديمقراطي، والذي يهدف أول ما يهدف للترويج لسياسية الاحتلال العنصرية، ويشرع له القتل ويبرره وفق رؤية النخبة السياسية.
moh-abuallan@hotmail.com
التعليقات (0)