مواضيع اليوم

الإعجاز التأثيري والنفسي في القرآن الكريم 1

bachir megdoud

2010-04-03 14:02:34

0

  إن من أهم وجوه إعجاز القرآن الكريم ذلك التأثير البالغ الذي يحدثه القرآن في نفوس المؤمنين وغير المؤمنين، والأتباع والخصوم على حد سواء، فنجد الناس بعد استماعهم إلى القرآن على ضربين:

1. أناس ازداد إيمانهم ويقينهم بربهم، وأحبوه وخشعوا له فنفذوا ما أمرهم به.
2. وأناس ازدادت عقولهم حيرة وارتابت نفوسهم وون مضطربون قلقون، يزداد عنادهم ويأبون الخنوع للحق، ويبقون هكذا إلى أن يلقون الله. 

  فالتأثير على نفسية المستمع حاصل لا محالة، ولكن نوعية هذا التأثير على نفسية الإنسان تختلف من شخص لآخر، فإذا أخذ الإنسان موقفاً سلبياً مسبقاً أغلق على نفسه وقلبه كل مكامن التأثير حتى لو كان الملقي نبياً، وهذا ما قاله القرآن وهو يتحدث عن هذه النوعية من الناس، "ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا " [الأحقاف:41] وقال عنهم أيضا "وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا" [الإسراء:46] والآيات في هذا المقام كثيرة.

  وأحياناً أخر، تصيب المستمع ولو كان غير مسلم حالة صفاء أو يأتيه إحساس الفطرة، فينطق بالحق وربما يتأثر فينطق بآيات المدح للخطاب القرآني، وهذا ما رأيناه من الوليد بن المغيرة حين استمع إلى القرآن: ووالله إن لقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإنه لمُثمر أعلاه مُغْدِق أسفله، وإنه ليَعْلو وما يعلى، وإنه ليَحْطِمُ ما تحته.

   هذه الحالة أصابت عظماء قريش حيناً من الدهر، فخرجوا في الليل يستمعون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن، حتى إنهم اجتمعوا مرة جميعاً للاستماع لآيات القرآن وذكر القرآن الحالة التي أصابتهم، فاتخذوا قراراً جاهلياً بعدم الاستماع للقرآن مرة أخرى، لأنه بنظمه العجيب قد يؤثر في نفوس سامعية فقال الله تعالى عنهم: "وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون" [فصلت:26].

  أما تأثير القرآن في نفوس المؤمنين فذلك يزيدهم إيماناً وخشوعاً وخشية وإنابة إلى الله تعالى، وذلك ما أكده عز جل بعدة آيات من كتابه، منها:

  قوله تعالى: (وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ). وقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) . وقوله تعالى : (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ).

  هذه ميزة تميز بها القرآن الكريم عن غيره من الكلام المنثور وغير المنثور والموزون، حيث تستبشر به النفوس، وتنشرح له الصدور، وتطمئن به القلوب، ويلبس مستمعه لباس الهيبة والجلال. وإذا غابت طويلاً عن القرآن اعتراها الهم والحزن والقلق والتوتر، فكم من عدو للرسول صلى الله عليه وسلم من رجال العرب وفتاكيها، أقبلوا يريدون اغتياله فسمعوا آيات من القرآن، فلم يلبثوا حين وقعت في مسامعهم أن يتحولوا عن رأيهم الأول، وأن يركنوا إلى مسالمته والدخول في دينه وصارت عداوتهم موالاة وكفرهم إيمان.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !