مواضيع اليوم

الإصلاح المسيحى

Michael Nagib

2010-02-23 19:40:33

0

" وهذه هى الحياة الأبدية : أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته " إنجيل يوحنا 17 : 3 .
عندما نتعمق فى معرفة الإله الحقيقى وفى معرفة يسوع المسيح الذى أرسله ، سندرك قيمة التعاليم التى تحدث بها السيد المسيح ، وسندرك أن نقص تلك التعاليم من واقع الحياة اليومية للملايين ممن يصفون أنفسهم بأنهم مسيحيين كانت بداية الفساد والإنحراف عن طريق الله كما رسمه لنا السيد المسيح فى الأنجيل ، لذلك نحتاج اليوم إلى تجديد أذهاننا لندخل إلى عمق معرفة الله حسب الحق الإنجيلى وليس حسب تفاسير البشر أو قناعات الطوائف ونُصلح من أفكارنا التى ورثناها .
لذلك يحتاج الإنسان المسيحى أن يفهم أن العالم قد تغير وأن واجبه أن يبدأ بإصلاح نفسه وبيته قبل أن يأتى إجبارياً من الخارج ، لأن ضرورة الإصلاح الدينى فى العالم ليس لدين معين بل تشمل كل الأديان ، وليس هناك مجال للأستغراب أو للأستهجان لأن نهضة وإصلاح أى مجتمع تتطلب مشاركة كل أفراده وطوائفه وألوانه دون تعصب أو عنصرية .
توقفت كثيراً أمام تلك الملايين التى تابعت مرض البابا الكاثوليكى فى أيامه الأخيرة ومراسم تشييع جثمانه التى حضرها مئات الزعماء والملوك من كل بلدان العالم تقريباً وفقاً للأعراف الدبلوماسية والسياسية السائدة ، لكن من المعروف تاريخياً وكنسياً أن سلطة البابا ليست سلطة شرعية فى المسيحية ، لماذا إذن كل هذا الإهتمام والأحتفاء بوفاة زعيم دينى لا وجود لسلطته أو مركزه فى شرائع الله الصادقة ؟
كان هذا الشحن الإعلامى لوفاة البابا الكاثوليكى فى وسائل الإعلام كرئيس دينى مسيحى لطائفة الكاثوليك ، أثره فى إنعاش ذاكرتى تجاه دخول التعاليم والعادات والتقاليد الوثنية إلى الديانة المسيحية منذ زمن بعيد ومنها منصب البابا أو البابوية وما تحمله من رموز فيما يسمى باللاهوت الكنسى المسيحى بشكل عام وإنعكاساته على المنتمين لتلك الكنائس ، لذلك كانت جنازة البابا مدخل إلى البابوية والتى يجب أن تقام جنازتها فعلياً لإعلان سقوطها لأنها لا تمثل الله ولم يأمر بها فى كتابه المقدس وكانت البابوية هذه هى مدخلى إلى ضرورة قيام كل فرد مسيحى بالوصول إلى فهم محايد يقوده إلى إصلاح نفسه وإصلاح مسيحيته عن طريق الرجوع إلى معرفة الأصول الحقيقية للديانة المسيحية.
بدأ الإصلاح فى العصر الأول المسيحى بإنعقاد أول مجمع عقده التلاميذ والرسل للتباحث حول تعليم المؤمنين المنحدرين من أصل يهودى القائلين بضرورة ختان المؤمنين الجدد من الأمم غير اليهود وأن يحفظوا ناموس موسى ( سفر أعمال الرسل إصحاح 15 ) وأستطاع الرسل والمشايخ والكنيسة فى ذلك الوقت أن يتفقوا على رأى واحد لإصلاح هذا التعليم الدخيل على كلام المسيح .
كانت هناك محاولات كثيرة للإصلاح فى المسيحية " الغربية " وأشهرها ما قام به مارتن لوثر الراهب الألمانى ، وكانت ردود فعل الكنيسة تجاه كل المصلحين بالسجن والتعذيب والحرق والقتل بأعتبارهم هراطقة كافرين خارجين على الدين المسيحى وعلى سلطاتهم الكنسية ، كانت تلك الفترات من أشد الفترات ظلاماً فى حياة المسيحية لأن رجال الكنيسة عاثوا فساداً فى المجتمع الذى سيطروا عليه بسلطانهم الكهنوتى المرفوض من كتاب الله .
والمقصود هنا ليس إصلاح الخطاب الدينى المسيحى لأنه مختلف تماماً عن الخطاب الدينى الإسلامى أو اليهودى أو البوذى مثلاً ، لأن الدين فى المسيحية الحقيقية المذكورة فى الكتاب المقدس شئ والسياسة شئ آخر ، لذلك نجد دائماً خطاب المسيحية الدينى هو خطاب روحى يتعامل مع جميع البشر دون الحديث عن معتقدات أديان أخرى أو الدخول فى مجادلات عنها مهما كانت صفة تلك الديانات لأن الخطاب المسيحى يدور هو المسيح والخلاص الذى جاء به لكل البشر .
الأعتقاد فى المسيحية هو شئ خاص وفردى جداً ، هو علاقة شخصية بين الإنسان وربه من خلال مجموعة التعاليم والعقائد والقيم التى تمثل الإيمان بالإله الذى أرشدنا إليها لنعبده ونسير وفقها حتى نستمتع بالحياة فى شركة إنسانية مع بقية البشر ، نفعل الخير ونبتعد عن الشر تلك هى القاعدة الإلهية البسيطة التى نستطيع بها إصلاح وتحسين سلوكياتنا وأفعالنا والوصول إلى نموذج مثالى للإيمان بالله .
أتحدث عن الإصلاح المسيحى لأن قراءة تاريخ المسيحية بهدوء وواقعية يُمكننا من إدراك الأنحرافات العقائدية والتعاليم الكتابية وإقامة المجامع المسكونية لإصلاح تلك المشاكل أو التأسيس لعقائد جديدة لا علاقة لها بالإنجيل ، ودور رجال الدين الذين بدأوا على مدار التاريخ فى الإهتمام بالسلطة والسلطان والتقرب إلى القادة السياسيين والإنغماس فى العالم ، مما نشأ عنه صراعات وحروب وغزوات لفرض أسم ذلك الإله أو تلك التعاليم والعقائد حتى وصلنا إلى عصرنا الحالى بهذا الموروث الجماعى للدين وسعى أتباع الأديان إلى تكوين إمبراطوريات وخلافات وممالك ترفع أسم الدين الذين ينتمون له ، وما صاحب ذلك من ويلات الحروب وأنهار الدماء التى سفكها الجميع بأسم إله لا وجود له على أرض الواقع العقلى والمنطقى ، بل كان موجوداً فقط إله أسمه إله الحرب والقواد المهرة الذين يدفعون بالجنود إلى الموت قانعين بأنهم بواسل شجعان فرسان إله الحروب الدموية سينالون المكافأة السخية فى عالم السماء السحرى .
وسط كل هذا أدخل رجال الدين والقائمين على قيادته تعاليم وعقائد غريبة إلى المسيحية مما جعلها تتحول من مسيحية المسيح إلى مسيحية المسيحيين ورجال الدين الذين قادوهم إلى الإبتعاد الحقيقى عن الكتاب المقدس والأعتقاد وتبنى الكثير من الأعياد والأحتفالات والعادات الوثنية ونزع ثوبها الوثنى وإكسابها ثوب مسيحى جديد لا علاقة له بالأصل الكتابى.
من منطلق هذا الواقع التاريخى أشعر أن الإصلاح المسيحى أمراً لا جدال عليه حتى لا يذهب خلاص الإنسان أدراج الرياح ، خاصة وأننا نعيش فى القرن الواحد والعشرين ويتحتم علينا أن نعيد تقييم موروثاتنا الدينية التى نشأنا عليها دون دراستها بمنظور عصرى طبقاً للتطور والنضوج المعرفى فى عصرنا الحاضر وبذهن مفتوح يسعى لمعرفة الحق . ( يتبع )

2005 / 4 / 14




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !