الذى دفعنى لأكتب فى هذا الموضوع رسالة أخت مصرية نشرتها فى مجلة روز اليوسف الصادرة بتاريخ 13 – 19 / 4 / 2002 ص 64 فى باب حوار الأسبوع ، كتبت الأخت كيتى تحت عنوان : الأربعين طقس فرعونى لماذا الإصرار عليه وذكرت فى رسالتها لروز اليوسف " كيف أن أقباط مصر كانوا متمسكين بإقامة ذكرى الأربعين للمتوفى بأعتباره طقس مسيحى " ، وتستطرد الأخت فى قولها ( ولكن بعد أن تأكدنا وأوضح البابا شنودة والآباء الكهنة منذ سنوات أنه طقس فرعونى موروث ليس له علاقة بالمسيحية .. وأن الكنائس أمتنعت عن إقامة هذا الجنٌْاز " وهى الصلوات التى تقام فى الكنيسة على روح الميت " .. لماذا هذا الإصرار من العائلات المسيحية على أختلاف ثقافاتها فى إحياء ذكرى الأربعين ، هل هو السير معصوب العين وراء العادات الخاطئة ؟؟ أم العجز وعدم القدرة على التغيير ؟! أم أنه الخوف من المبادرة الشخصية المنفردة للتصحيح ؟! ) .
كلمات الأخت كيتى كلمات كبيرة وهذه الروح فى التعبير عن أفكارها بشفافية هى ما يحتاجه كل إنسان فى عصرنا الحاضر ، البساطة فى مواجهة النفس بالأخطاء ، وبنفس هذه البساطة يمكننا الدخول إلى موضوع الأعياد الذى يشغل حيزاً دينياً وروحياً كبيراً فى نفوس أتباع الأديان ، فإذا سألنا أنفسنا : هل أعياد الميلاد والقيامة والقديسين وغيرها من الأعياد التى تحتفل بها الكنائس حسب طائفتها وأعتقادها ، هل أوصى بها الإنجيل والمسيح ورسله ؟ بالطبع لا وهذه هى الإجابة المنطقية طبقاً للنصوص الدينية ، لكن البعض يجيب مادام هناك صوم الميلاد فلا بد أن يكون هناك عيد للميلاد ، وإذا كان هناك صوم للرسل فهناك عيد للرسل وإذا كان هناك صوم للعذراء فلا بد من عيد للعذراء وإذا كان هناك صوم للقيامة فلا بد من عيد للقيامة وهذا ينطبق على جميع الأعياد والأصوام سواء منها الرئيسية أو الثانوية ، لكن هذا التعليل لا واقعية له لأنه يتناقض مع كلام الله .
وحتى نبقى فى نطاق الكتاب المقدس لنسمع صوت الحق نجد الآية التى ذكرتها فى مقالتى السابقة عن الصوم تنطبق على الأعياد وهى " فكيف ترجعون أيضاً إلى الأركان الضعيفة الفقيرة التى تريدون أن تستعبدوا لها من جديد . أتحفظون أياماً وشهوراً وأوقاتاً وسنين ؟ أخاف عليكم أن أكون قد تعبت فيكم عبثاً ! " رسالة غلاطية 4 : 10 ، " فلا يحكم عليكم أحد فى أكل وشرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت .. " رسالة كولوسى 2 : 16 ، " إذاً إن كنتم قد متمَُ مع المسيح عن أركان العالم ، فلماذا كأنكم عائشون فى العالم تُفرض عليكم فرائض ؟ " كولوسى 2 : 20 .
يقول لنا التاريخ أن الاعياد الوثنية أخذت الطابع المسيحى مثل عيد الميلاد الذى كان أصلاً عيد للشمس ونفس الأمر ينطبق على بقية الأعياد ويكفى أن نرجع إلى كتب التاريخ ودوائر المعارف لنتعرف على أصل الأعياد ، لكن هذا لا يعنى كثيراً بالنسبة للمؤمن المسيحى الذى يريد أن يفعل مشيئة الله وليس مشيئة البشر ، لذلك ينبغى أن يطاع الله أكثر من الناس ونفعل مشيئته ولا يحكم علينا أحد فى أكل وشرب أو عيد أو هلال أو سبت أو أحد ، لأن كل الأيام أيام مناسبة للأعياد أو للإجتماعات والعبادات ، ويكفى الكتاب المقدس كدائرة معارف إلهية فيها معرفة الله الحقيقية .
هناك الكثير من العادات والتقاليد التى تأصلت فى حياتنا وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من عقائدنا والتى تحتاج من كل فرد أن يبحث عنها ويتأكد من مدى مطابقتها أو عدم مطابقتها لكلام الله ، وأى إصلاح يبدأ بخطوة وتتبعه بقية الخطوات وذلك حسب إستنارة الفكر والمعرفة الجديدة التى يقتنيها الإنسان من المنبع الأصلى ، وأن يدرك بوعى الفرق بين السلوك حسب المسيح والسلوك حسب العالم وما يفرضه رجال دين من فرائض لا علاقة لها بجوهر المسيحية .
مثالنا الأبدى هو يسوع المسيح الذى قال " قال لهم يسوع : طعامى أن أعمل مشيئة الذى أرسلنى وأتمم عمله " إنجيل يوحنا 4 : 34 ، فإذا كان يسوع يفعل مشيئة الذى أرسله ولم يرضخ يوماً لضغوط الكهنة والفريسيين والكتبة اليهود ، وإذا كان بولس الرسول وبقية الرسل فعلوا نفس الشئ أى عملوا بمشيئة الذى أرسلهم وقالوا لنا بأن لا نخضع لفرائض وأحكام عن الأصوام والاعياد والأحتفالات لأنها غير مسيحية ، فهل بعد هذه الحقائق نخطئ ونقع فى معصية كلام الله فى إنجيله ونعصى كلام المسيح وكلام رسله ؟ هل لأننا نعيش فى العالم والعالم يحب الهيصة والمهرجانات الإحتفالية نتشبه به ؟
2005 / 5 / 2
التعليقات (0)