إنّ من أهم أسس ظهورالحركة الإصلاحية في إيران هو تحقيق مبادئ الديمقراطية وإرجاع الحقوق الشرعية للشعوب في إيران بعد عقود من الحرمان و الحكم الفردي و طوق الإستبداد الذي فرضته جماعات ضغط عسكرية استغلت الفراغ السياسي الناتج عن الحرب الإيرانية العراقية. وقامت بتأسيس مليشيات تابعة لها تحت مسميات شتّى وهي عبارة عن قوات أمنية تمتلك خبرة و عتاد لقمع أي تظاهرات سلمية و قادرة على اقتحام و تفكيك التنظيمات بسرعة فائقة ما أدى الى إجهاض حُلـُم استيفاء الشعوب لحقوقها طيلة العقود الثلاثة الماضية في إيران.
ففي عام 1997 . بعدما أصبحت الحاجة ماسّة جماهيرياً للدفع بعجلة الإصلاحات ظهرت حكومة راعية للنهج الإصلاحي في عهد محمد خاتمي الرئيس الإصلاحي الأسبق و تبنّت بعض الشئ مطالب الشعوب الإيرانية منها الشعب الأحوازي عبر السماح للجماعات والشخصيات الأحوازية بتأسيس تيارات سياسية في إطار الدستور الإيراني . فقد ازدهر العمل الحزبي الأحوازي في فترة التسعينات . وجاء التراجع الإيراني بسبب الغليان الذي كان قد حدث في الأحواز والمناطق التي تقطنها شعوب غير فارسية في الخارطة الإيرانية آنذاك لامتصاص الغضب وابتلاع النقمة الشعبية التي كانت قد تولّد قنبلة موقوتة ضد النظام.
لكن بُعيد رحيل الإصلاحيين عن السلطة عاودت ماكنة القمع والتنكيل و الإعدامات نشاطها حيث أفرغت جام غضبها على الشعوب خاصة الشعب الأحوازي. فقد خلّفت حقبة الثماني سنوات التي ترأسها النهج المحافظ الممثل بحكومة نجاد دماراً هائلاً بالبنية المجتمعية والتركيبة الثقافية للشعوب غير الفارسية ومنها الأحواز.
أما اليوم وبعد مرور كل تلك السنوات يشعر النظام شيئاً فشيئاً بحاجته الى تشغيل أداة الإصلاحيين لإمتصاص الغضب الجماهيري المتمثل بالشعوب غير الفارسية و لا يستثنى الأحوازطبعاً من تلك الحالة إن لم يكن في صميمها بسبب ما تملكه المنطقة من مقومات إشعال بؤر توتر تقلق النظام. فمجئ الإصلاحيين على الأرجح سيلعب دوراًً حاسماًً في رسم سياسة الإرتخاء الذي ينوي النظام إظهارها أما شعوبه والعالم الخارجي رغم أنّ الإصلاحيين في الأساس لا يؤمنون بحقوق الأحوازيين إيماناً يمكّنهم من منحهم لذلك الشعب حقوقه ولو بصورة تقسيط منصوص عليها في دستور النظام نفسه .
أضف الى كل ذلك أنّ إصلاحيي اليوم ليسوا إصلاحيوا أمس فليس روحاني هو خاتمي المنظر الإصلاحي المتحمس ذو الفريق المتقن بنظريات الحقوق والسمستشارين الداعمين لقضايا جوهرية في إيران مثل المنظّر سعيد حجاريان. حيث هنالك شكوك وشبهات تدور حول روحاني وهويته العائمة بين المحافظة والإصلاحية وعدم تطرق الأخير في حملته الإنتخابية الى حقوق الأحوازيين ناهيك عن ميوعة الإصلاحيين نفسهم حول هكذا مطالب. إذن, إنّ موقف الإصلاحيين من الأحواز وحقوق شعبه المنتقصة تظلّ مجهولة في ظل الإصلاحيين وغيرهم من تيارات النظام التي ليست قادرة على منح حقوق الشعوب لكن يبقى الحل في هذا المثل"الحق يُؤخذ ولا يُمنح".
التعليقات (0)