صار ما يعرف بـ« الإرهاب الإسلامي » ظاهرة تتفاقم كل يوم وتسجل حضورها في مناطق مختلفة من العالم . ولقد سجل الإرهاب العالمي حضوره بكثافة في وعي الرأي العام العالمي كثافة الآلام التي يسببها لأناس أبرياء لا صلة لهم – في الغالب الأعم – بالسياسة والحروب التي يفجرها مصاصو دماء الشعوب ... فهل في نصوص القرآن(مصدر سلوك المسلم الحق) ما يبرر مثل تلك الأعمال القتالية خاصة وأن الإرهابيين يزعمون أنهم يخوضون ضد الكفار حربا جهادية ركيزتها آية من آيات القرآن الكريم : «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوفى إليكم وانتم لا تظلمون» (سورة الأنفال المدنية الآية 60).؟!
لقد جاء الإسلام رحمة للعالمين .. من عرب وعجم وأهل كتب الاهية سابقة «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين»(سورة الأنبياء الآية107).. ووعد أتباعه المؤمنين بالقرآن، المتبعين لوحي الله بالعزة والقوة والتمكين لهم في الأرض ..أي وراثة الأرض وامتلاكها : « ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون » (سورة الأنبياء الآية 105). ورسم لهم في كتابه المجيد القرآن كل الثوابت والسنن الحضارية التي تورثهم الأرض وتجعلهم قادرين على قيادة العالم بالعدل والحق والقسطاس المستقيم والشهادة على الناس ... ولقد كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم خير قدوة عملية لإنزال آيات القرآن العظيم / الثوابت الالاهية في الكون والإنسان والحياة للواقع المعيش في دنيا البشر. ولقد انقسمت حياته عليه الصلاة والسلام إلى فترتين هامتين سمي القرآن باسمهما: 1
– الفترة المكيّة – القرآن المكّي: دامت 13 سنة، وقد خلت كل السور المكيّة الموحى بها خلال هذه الفترة (86 سورة) من أي إشارة إلى القتال في سبيل الله ، كما خلت حياته صلى الله عليه وسلم من أي عنف أو استعمال للقوة في ردّ الاضطهاد والتـّنكيل الذي كان يتعرض له المؤمنون برسالته... وقد أمر الله فيها المؤمنين بتطهير نفوسهم وتزكيتها من الشرك بالله ... وإفراغها من قيم وتقاليد مجتمعهم الجاهلي، وملئها بقيم الإسلام الحنيف وتوحيد الله وإفراده بالطاعة، والخضوع التام لأوامره ونواهيه.. ولعل أبرز ما نهت عنه الآيات والسور المكية الفحشاء والمنكر كالزّنا وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وامتدحت: « الذين لا يدعون مع الله الاها أخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا ».(سورة الفرقان الآيات68-69. 2 – الفترة المدنيّة- القرآن المدني : وهي الفترة التي تواجد فيها الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة التي كون فيها الرسول صلى الله عليه وسلم دولته الإسلامية »أي المؤسسات التي تحتكم إلى شرع الله و ليس إلى القوانين الوضعية التي يتواضع عليها جهلة بقوانين الفطرة خضوعا لتقاليد الآباء و الأجداد . وقد أذن له وللمؤمنين بالقتال لحماية المؤمنين الذين صاروا يحيون طبقا للشريعة الإسلامية وتنتظم حياتهم بآيات القرآن المدني .. يقول الله عز وجل: « أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله » (سورة الحج المدنية الآيتين 39 و40). إن استحضار حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في تطبيق وحي الله عز وجل تكشف لنا بوضوح حقيقة هؤلاء الإرهابيين المجرمين والمتمثلة في أنهم لم يستجيبوا لأوامر الله في النهي عن قتل النفس البريئة التي حرم الله قتلها ، ولم يدر في خلدهم الاستجابة لأوامر الله أو الخضوع لشرعه وإنّما هم يتبعون أهواءهم بغير علم ولا هدى من الله.:«ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله.
و ما إرهابهم إلا ردة فعل مرضية على حضارة علمانية مريضة تفتقد لأدنى مقومات الإنسانية الحقة .
التعليقات (0)