يجب علينا ان نعترف ان هناك عادات وتقاليد وأفكار وأحكام وأيضا أخلاق تشيع بيننا وكأنها تعاليم دين ! بل لقد حرف كلم عن موضعه وأولت نصوص , وضعف صحيح وصحح ضعيف , لا لشيء إلا لتأكيد عادة ما أو تقليد انه هو الدين وما سواه خروج عن الملة , وهذا يرجع إلى العرض المكذوب لتعاليم الإسلام , أو بتعبير أدق إلى عرض عادات وتقاليد على أنها كتاب الله وسنة رسوله , وترسيخها في أذهان العامة منذ سنوات التعليم الأولى وجعلها الدين الحق , وان ما يشاهد عند المسلمين في الأقطار الإسلامية الأخرى و الذين هم يتبعون مذاهب سنية مختلفة, هو تحريف لتعاليم الدين , وهذه والله مصيبة .. ان الصحوة الإسلامية المعاصرة مهددة من أعداء كثيرين , والغريب ان اخطر خصومها أناس من المتحدثين في الإسلام يحرسون تقاليد بالية , ويزدادون بها تشبثا كلما راو ا مباذل الغرب وفتونه , ناسين أنهم يجرون المسلمين إلي بلاء مبين .. مع ان الأجدى هو الالتزام التزاما تاما بتعاليم ديننا الحنيف , وعدم تجاوز النصوص القاطعة , أما النصوص المحتملة , والاجتهادات الأخرى , فعلينا ان نعلم ان تراثنا الفقهي بحر لجي , وان فقهاءنا فعلوا الكثير الجدير بالاحترام في خدمته ونفع الناس به , ولكن الزعم ان الصواب حكر على مذهب بعينه , وان الخطاء حكر على أخر زعم بعيدا عن الحق , وان من حقنا الموازنة بين الأقوال المروية واختيار ما نراه أرجح دليلا , والاهم ان يكون أجدى على الناس وأصلح لتبليغ الدعوة .
لعل متتبع الأحداث في الأيام الماضية, شاهد كيف ان الدنيا قامت ولم تقعد حين قال احدهم بجواز الاختلاط بين الجنسين بدون مفسده .. وهذا أمر عادي لا تثريب فيه .. فلماذا جرم قائله !! أهو بسبب ان مفهوم الاختلاط رسخ في أذهننا منذ الصغر بأنه مفهوم ديني مرتبط بالمفاسد من جراء الاختلاط !! .. مع انه لا يسوغ عقلا ولا نقلا ان يخلو رجل بامرأة , ولا على صفة الاختلاط عند الغرب في الملاهي والمراقص , ولكن اختلاطا على النحو الذي في المسجد على عهد السلف الصالح لا مانع منه , ويجب ان تحكمه آداب الإسلام في الاحتشام وغض البصر واتقاء الريبة وانصراف كل امرئ إلي واجباته .. فما هو سبب الخلط الغريب بين المفاهيم الاجتماعية والمفاهيم الدينية , والتي خلقت بلبلة بين العامة , حتى وصل في بعضهم الي تكفير القائل بالاختلاط حتى وان لم يعرف معنى الاختلاط المقصود , وهذه اشكالية كبيرة يجب الوقوف عندها .
ان النظرة المتعصبة لمذهب ما و تصور ان الفقه المذهبي يسقى من نبع أخر غير الكتاب والسنة أمر مرفوض .. فالفقهاء الأربعة الكبار , نماذج رفيعة لاحترام الكتاب والسنة , ولا يلام مسلم تبع واحد منهم , ولا يجوز ترك انقسامات عميقة بين الناس باسم السلفية , حتى وان ادعي أنهم يؤثرون الأخذ المباشر من الكتاب والسنة .. وهذه هي الطامة الكبرى .. فترك شبابا غضا يتلقى بعض الأحاديث , وهو دون مستواها , ويشعل بها خلافات غير محمودة العقبى , تصل إلي حد التكفير وهدر الدماء , كما حدث في حادثة الاغتيال الفاشلة لصاحب السمو الملكي مساعد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف , حين أتى التأصيل الشرعي للإرهابيين الأغبياء على قتل مسلم مسالم في بيته وبحيلة قذرة , على قصة إهدار الرسول صلى الله علية وسلم لدم كعب ابن الاشرف اليهودي المتطاول بشعرة الماجن على نساء المسلمين !!.
يجب ان تغربل التقاليد الشائعة بيننا غربلة شديدة حتى لا يبقى منها إلا ما كانت له بالشريعة صلة , وعل قدر قوة هذه الصلة وضعفها يكون استمساكنا بهذه التقاليد أو إهمالنا لها ,, والله من وراء القصد .
عبدالعزيز بن عبدالله الرشيد
التعليقات (0)