الإسلام ليس الحل
تختلف إدارة الدولة كُلياً عن الشعارات والخطابات والتحزبات والمغامرات الحركية الغير محسوبة ، منذ فجر التاريخ وشعار الإسلام هو الحل يلوح في الأفق وبلغ ذروته في العهد العُمري "عمر بن الخطاب"فخرج من خرج على الدولة وتفاقهم الصراع حتى أنتهى بمقتل عثمان بن عفان بعد سنوات من إدارته للدولة نهايةُ كتبت بداية لخلافاتِ وصراعات سياسية داخل صفوف الرعيل الأول شعارها الإسلام هو الحل والإنتقام من أهل الفتنة ، جميع الأطراف ترى انها تُمثل الإسلام وتحكم به المجتمعات التي تهرب من مشاكلها لمشاكل افدح منها طاعةً للجهل والعصبية ،بعد أن تحولت الخلافة لحكم ملكي جبري ودخلت أمة الضاد نفق الإستعمار كرهاً لا طوعاً وتفتت لكيانات خرج شعار الإسلام هو الحل بشكلِ جديد فرافعوه يرونه وسيلة للعودة بالمجتمعات إلى عصر الخلافة ولا يدري احد أي خلافة يقصدونها الخلافة النبوية أم خلافة الأمويين والعباسيين والعثمانيين والمماليك الخ والتي في حقيقتها توارث للحكم بالقوة وإستبداد مُقنع بالدين والتدين ، لكل زمنِ ومكان ظروفه الإجتماعية والفكرية والثقافية التي تحدد شكل وهيئة النظام السياسي لكن تلك الظروف لا يتقبلها العقل الحركي فيعمل على تقزيمها بشكلِ فاضح وواضح ، لا تجد في صفحات التاريخ وواقع الحياة مفكر أو مثقف أو صاحب عقل تنويري يستخدم مصطلح الإسلام هو الحل لمشكلات المجتمع ومشاكل إدارة الدولة والمؤسسات المرتبطة بها والسبب الفهم الصحيح لوظيفة الدولة والتي لا تتجاوز الإدارة والتنظيم والفهم الصحيح للدين والذي هو عقيده روحية وقيم جميلة وعبادات ومعاملات يؤجر عليها من يتمثل بها عن قناعة وحسن فهم ، يقول بعض الغلاه ونفرُ من الصالحين إن احكام الحدود المثبوته بالقرآن الكريم دليلُ على أن الإسلام دين دولة ودين إدارة للدولة اياً كانت ، ذلك القول ليس بصحيح فلو رجع أصحاب ذلك القول لمعنى ومنطق الدولة لوجدو أن تلك الحدود ليست سوى تشريع عقوبة لحفظ المجتمعات فقط ولوجدو في التاريخ وثيقة دستورية تسمى بوثيقة المدينة والتي شكلت عقداً اجتماعياً بين المهاجرين والأنصار فقد حوت على حقوق الطرفين وصانت حقوق اليهود واتباع الديانات السماوية وركزت على حق كل طرف في الإحتكام إلى قوانينه المتعارف عليها والحال كذلك ينطبق على الوثيقة العمرية التي كتبها عمر بن الخطاب عندما فتح القدس وعلى العهد النبوي مع نصارى نجران ، تراثنا مليء بالنماذج والمواقف التي تدل بما لا يدع مجالاً للشك ان اصل الدولة مدني علماني وليس ديني وأن تبني أي دولة لإيديولوجيا دينية أو مذهبية مؤشر خطير يهدم مفهوم إدارة الدولة ويُشرعن النفاق وإستغلال الدين لأغراضِ سياسية ويفتح باب التشدد والتطرف على مصراعيه ، الفقر والسكن والبطالة والتصحر والجفاف والتنمية والصحة والتعليم والفنون والأمن والغذاء والحياة الكريمة والتداول السلمي للسلطة وحق المواطنة للأفراد دون إعتبار للجنس والمعتقد ملفات لا تخضع لمنطق الدين بل تخضع لمنطق الواقع المدني وحاجات الأفراد ورغباتهم وقوة وصمود قوى الضغط الاجتماعي التي تصدر مشهدها مؤخراً في عالمنا العربي رموز وشخصيات تؤمن بالإسلام السياسي وترفع رايته عالياً بإسم الله وبإسم السلف الصالح الذي انتج تراثاً ممتليء بكل ماهو ضد التعايش والتسامح فماذا كانت النتيجة لتلك الملفات ؟ النتيجة كانت إستغلال للبسطاء للحفاظ على الصدارة وبقاء الأحلام كماهي وبروز صراع التيارات على قضايا هامشية لا فائدة منها ! وجنوح الشباب للعنف المُسلح .
لن تبقى الدول ككيانات سياسية وجغرافية مستقرة وشعار الإسلام هو الحل يتردد على الألسن فذلك الشعار تسبب بالكثير من المشاكل وأدخل المجتمعات بأنفاق مُظلمة لا نهاية لها فالطائفية السياسية والمذهبية والدينية إفرازات طبيعية لذلك المسخ الفكري الذي شوه الدين وقيم الحياة بأكملها ، لايوجد مستفيد من الإسلام السياسي غير الذي يرفعه ويستخدمة لأن ذلك النوع من الإسلام طريق يوصل صاحبة لصدارة المشهد ويدر عليه الأموال من قرابين حلم الخلافة وجواري الجنةِ الحِسان ، لم يُخبرنا التاريخ أن الإسلام حل مشاكل التنمية وقدم حلولاً لقضايا الإنسان اليومية التي تشغل باله ، بل قدم للإنسان خطوط واضحة يسير عليها ولنا في المقولة المأثورة أنتم اعلم بشؤون دنياكم دليل على حيادية الدين في الشؤون اليومية للأفراد والدولة قبل كل شيء فيكفي مهزلة فكرية أضرت بالدين وقلبت مفاهيم وأساليب إدارة الدولة رأساً على عقب.
@Riyadzahriny
التعليقات (0)